أُسر الصرعى المتحوثين فريسة للجوع والفقر وعنصرية الكهنوت
حزنٌ كبير ما يزال يحلق على أسرة منصور "الدوة" في حي السوق بمديرية ريدة محافظة عمران منذ ثلاثة أعوام بعد أن فقدت الأسرة فلذة كبدها، ودخل الحزن منزلها دفعة واحدةً لم تتعافَ بعده البتة.
تتمحور القصة حول شابِ في ربيعه الثاني والعشرين، يسمى جلال منصور حسين أحمد الدوة، جنده الحوثيون في العام 2016م، مستغلين ظروفه المادية وعوز أسرته التي كان جلال معيلها الوحيد، والمكونة من والديه المسنين وأربع شقيقات، فالتجأ مجبراً إلى المحرقة عله يجد مالاً يواسي به أهله الذين أصابهم الفقر.
كثف مشرفو المليشيات دوراتهم "التثقيفية" للشباب في ريدة آنذاك، كان بينهم جلال الذي تعرض لغسيل دماغ، وتعبئة بالأفكار الطائفية، لترويضه و الانضواء في مشروع الجماعة الكهنوتية وتهيئته ليرسل إلى محارق الموت في خطوط النار.
استكمل الحوثيون المدعومون من إيران مشروع التعبئة، فقرروا إرسال جلال في قافلة عسكرية إلى الحرب، واضطر الشاب وداع والديه على أمل العودة قريباً، اكتفى بإخبارهم أنه سيذهب لدورة قتالية ويعود كما وعده الحوثيون، لكن النية الحوثية كانت تبتغي له الموت في المعركة.
في الخامس عشر من فبراير 2016، ذهب جلال، ولم يدم غيابه طويلاً، فعاد في اليوم التالي مباشرةً، لكن عودته كانت بطريقة أخرى.. عاد محمولاً على الأكتاف في صندوق خشبي مطلي باللون الأخضر وعليه صورته التي دون عليها تاريخ مقتله.
صدمت أسرته بما تراه، سقطت أمه أرضاً مغمى عليها، عم النواح والبكاء القرية، ودخلت الأسرة من حينها في نفق مظلم، يومٌ واحدٌ فقط بين الموت والحياه، أخذ الحوثيون الشاب إلى حتفه وأرجعوه إلى أهله قتيلاً في معركة طائفية لم يستفد منها.
أصيبت أم جلال بالعمى، ابيضت عيناها، وخرجت الأسرة عن المألوف عندما تركها الحوثيون تواجه مصيرها في الحياة وسط حالة فقر مدقع تحلق على الفتيات الأربع وآبائهن، فاضطر أبو جلال للتفتيش في أكوام القمامة بحثاً عن بقايا طعام، وجمع القوارير الفارغة لبيعها في محلات الخردة بثمن بخس بضعة ريالات.
أما أم جلال التي تسترشد طريقها بعصاها فالتجأت إلى مسجد الحي، تجثو أمامه ليل نهار، تدعو الناس للتعاون معها ومساعدتها لتوفير قيمة إيجار المنزل الذي تسكنه، وتأمين حاجتها وبناتها من الطعام والملبس.