الأحزاب المصرية توسع دوائر تحالفاتها بحثا عن دور سياسي
دفع الفراغ السياسي في الشارع المصري، والذي انعكس على فعالية الأحزاب البالغ عددها 100 حزب، إلى توسيع دائرة التحالفات القائمة، بعد أن وجد بعضها نفسه غير قادر على التحرك والتأثير، في محاولة أخيرة للتواجد الشكلي في المستقبل عبر شراكة في الفعاليات الانتخابية المقبلة، على مستوى انتخابات المحليات (لم يحدد موعدها بعد) أو على مستوى انتخابات البرلمان، بعد حوالي عام ونصف العام.
دشن حزبيون، أغلبهم غير ممثلين في البرلمان الحالي، السبت، تحالفا جديدا باسم “تحالف الأحزاب المصرية”، يضم 52 من الأحزاب المنتمية إلى تحالفين ظهرا إلى النور قبل عام تقريبا، وهما (تحالف الأمة) الذي يقوده موسى مصطفى موسى المرشح الرئاسي السابق ورئيس حزب الغد و(التحالف السياسي المصري) ويرأسه تيسير مطر رئيس الحزب الدستوري الاجتماعي الحر.
ورغم اختلاف الأيديولوجيات الخاصة بالأحزاب، إلا أنها تتفق على أمر الوقوف على يمين السلطة الحاكمة وليس معارضتها، ما يشير إلى أنها شبيهة بائتلاف دعم مصر (صاحب الأغلبية بالبرلمان المصري)، لكن عبر التشكيل من الأحزاب وليس المستقلين.
وتصب هذه التحركات في النهاية لصالح تطبيق رؤية أكثر شمولا تحدث عنها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في مرات عدة وترتبط بما أسماه “دعم الأحزاب للدولة المصرية”، لكن نتائجها لا تزال مجهولة، وقد تخرج مشوهة، لأنها لا تحمل علاجا حقيقيا للخلل المهيمن على الحياة السياسية في مصر.
قال موسى مصطفى موسى لـ”العرب”، إن التحالف يستهدف البحث عن وجود داخل الحياة السياسية، في ظل عدم القدرة على النفاذ إلى الشارع، بسبب قلة الإمكانيات وندرة الكوادر التي تملك الخبرة للتعامل على أرض الواقع.
وطالب بضرورة الاستعداد للفعاليات الانتخابية المقبلة وتشجيع الشباب على المشاركة السياسية ومحاولة تقوية الأحزاب الصغيرة عبر دخولها في تحالفات أكبر.
ومن المتوقع أن يتولى موسى منصب المنسق العام للتحالف، مؤكدا أن التعامل مع الخلافات الأيديولوجية سيكون من خلال الاتفاق على توزيع المناصب داخله، الأمر الذي ينتج عنه وجود مكتب تنفيذي للتحالف يضم في عضويته ممثلين من الأحزاب مجتمعة. ووجود مكتب آخر يعطي الكوادر الصاعدة مسؤولية إدارة الجلسات التشاورية، في وجود منسق عام للتحالف تكمن مهمته في تقريب وجهات النظر ومسؤولية تشكيل القوائم الانتخابية مستقبلا.
وقلل الكثير من السياسيين من أهمية مثل هذه التحالفات، ووصفوها بأنها “كرتونية ولا طائل منها”، ولا يتوقعون تغييرا على مستوى فعاليتها في الشارع، مع صراع القيادات المستمر على المناصب القيادية، وعدم الارتكاز على قاعدة سياسية يمكنها جذب فئات إلى الأحزاب، باعتبار أنها تكمل الدور الذي يلعبه حزب “مستقبل وطن” الذي يضم في عضويته 300 نائب بالبرلمان، وعددا من الأحزاب القريبة من السلطة.
يبرهن الاهتمام الإعلامي المحلي الذي صاحب التحالف الجديد والإعلان عنه من داخل أحد الفنادق الكبرى بالقاهرة في حضور عدد من الشخصيات العامة، على أن هناك دعما حكوميا، أملا في إعداد جيل من السياسيين (المعارضين) ينبثق من خلال هذا التحالف ليكون بديلا للقيادات القديمة التقليدية التي أضحت ورقة محروقة بالنسبة للحكومة والمواطنين، ويصب تشكيل التحالف الجديد من مجموعة من الأحزاب الصغيرة وغير المعروفة في هذا الاتجاه.
وشدد موسى على أن التحالف سيكون بمثابة منصة للتثقيف السياسي ومن ثم طرح وجوه وقيادات سياسية جديدة لضخ دماء في الحياة الحزبية.
غير أن سياسيين اعتبروا تنفيذ تلك الرغبة ضربا من الخيال في ظل التوجيه السياسي الذي يرسمه القائمون عليه وعدم ترك المساحة لهم، بحيث يمكنهم الخروج بخطاب معارض للسلطة يختلف عما تروجه غالبية الأحزاب في الوقت الحالي.
وأكد عمرو هاشم ربيع، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أنه “لا يوجد هدف محدد من الممكن أن يشكل بناء ناجحا للتحالفات بين الأحزاب، وأغلبها يكون رغبة في الاستمرار كرقم ضمن الكيانات الموجودة، وبالتالي فإن الفناء سوف يكون سريعا، وغالبا ما تعيش بالمسكنات الحكومية الداعمة لها كديكور سياسي يحفظ ماء الوجه”.
وأضاف لـ”العرب”، أن الهدف المعلن من التحالف من أجل المنافسة في الانتخابات المقبلة لن يتحقق مع إصرار البرلمان على إجراء الانتخابات وفقا للنظام الفردي وليس القائمة الحزبية المطلقة التي تسمح بتمثيل هذه التحالفات داخله، وأن العديد من أعضائه الذين عبروا إليه عبر نظام الانتخابات السابق لن يسمحوا بتغيير الوضع، ما يضع القوة بيد المستقلين وليس الأحزاب.
ولفت إلى أن نجاح التحالفات يرتبط بمدى الضغط على البرلمان قبل إقرار قانون مجلس النواب والنظام الانتخابي والمقرر مناقشته قبل نهاية دور الانعقاد الحالي والأخير، بحيث يتم التوسع في نظام القوائم الانتخابية، وهو أمر يقوده تحالف 25 – 30 المعارض تحت قبة البرلمان، ولا توجد مقدمات توحي بإدخال تغييرات جذرية على النظام الانتخابي السابق والذي مكن الأجهزة الأمنية من السيطرة على الفضاء العام.
صحيفة العرب