أكثر فأكثر، تبرز الحاجة ملحة إلى ضرورة تحرير مدينة الحديدة من ميليشيات الحوثي الكهنوتية ليس لأهمية المدينة استراتيجيًا فحسب، إنما لإنهاء المعاناة التي يتكبدها اليمنيون منذ أعوام، بفعل اتخاذ الأخيرة للمدينة ومينائها سلاح تجويع للشعب اليمني ومفاقمة معاناته.

 

وما لم يعد خافيًا على أحد، حجم المعاناة الكبيرة التي تقسو على الشعب اليمني نتيجة نهب وسلطة ميليشيات الحوثي وفساد قيادتها، ورفض تسليم مرتباتهم منذ أكثر من عامين، ونهب المعونات الإغاثية، يتجلى ذلك بشكل واضح، في انتشار المجاعة والأمراض، فضلًا عن عجزهم شراء الوجبات اليومية بفعل استخدام المليشيات ميناء مدينة الحديدة التي تصل إليه المساعدات الإغاثية كسلاح تجويع يفاقم معاناة الشعب.

 

وأكثر من ذلك، لا تكتفي المليشيات الكهنوتية بنهب المساعدات الإغاثية، وتتجه إلى استخدام موارده لإثراء القيادات التابعة لها، وتستغله لتهريب الأسلحة التي تستخدمها لاحقًا لقتل المدنيين في مختلف محافظات الجمهورية، إذ تفيد معلومات موثوقة، بحصول المليشيات على إيرادات مالية كبيرة من ميناء الحديدة، فضلًا عن استخدام الأخير لإدخال الأسلحة والصواريخ الباليستية المهربة من إيران، ضف إليه، استخدامه كقاعدة لتنفيذ عمليات إرهابية في البحر الأحمر وباب المندب، ونشر الألغام البحرية، وتهديد الملاحة الدولية.

 

وأكثر ما يفاقم معاناة اليمنيين، هو تعطيل المليشيات دخول المواد الغذائية عبر ميناء الحديدة، حيث تمنع دخول المساعدات الإغاثية والغذائية بين لحظة وأخرى، آخر منع كان قبل أيام، إذ احتجزت 51ألف طن من القمع التابع لبرنامج الغذاء العالمي.

 

وصرحت مسؤولة أممية باحتجاز المليشيات الحوثية 51 ألف طن من مخزون القمح التابع لبرنامج الغذاء العالمي بمحافظة الحديدة، في الميناء، وقالت "مخازن القمح المحتجزة بميناء الحديدة يكفي لإطعام نحو3.7ميلون شخص في شمال ووسط البلاد لمدة شهرة واحد".

 

ولا يقتصر النهب على المساعدات الإغاثية في محافظة الحديدة، بل يمتد إلى جميع المحافظات المختطفة، بينها العاصمة صنعاء التي شكا سكانها من قيام مشرفي المليشيات الحوثية نهب المساعدات الإغاثية وبيعها للمحلات التجارية، وتحدث أحدهم، أنه اشترى مواد غذائية كالأرز والسكر والزيت من محلات تجارية وعليها شعارات منظمات دولية، كانت مخصصة كمساعدات للسكان، لكن الحديدة، تعد المركز الرئيسي الذي يمكن المليشيات في مفاقمة معاناة السكن ونهب المساعدات المقدمة لهم، ذلك أن المدينة تصل إليها جميع المساعدات وبالتالي، تنهب وتجوع الشعب اليمني عبر التحكم بهذه المساعدات والتصرف بها، إضافة إلى افتعالها سلسلة من الأزمات ونهب المساعدات، أزمات تبدأ بافتعال أزمات المشتقات النفطية، عبر احتجاز كميات كبيرة من المشتقات النفطية في خزنات شركة النفط في المدينة، ولا تنتهي بالعمل على تدهور قيمة الريال اليمني امام العملات الأجنبية.

 

وتحدثت مصادر مطلعة لـ «وكالة 2 ديسمبر»، عن مصادرة المليشيات كميات كبيرة من المواد الإغاثية المقدمة للأهالي كمساعدات إنسانية، وتم تخزينها في بعض المدارس والجوامع بالمحافظات المختطفة قبل أن تقوم بالمتاجرة بها. وهذه مهنة اعتادت المليشيات القيام بها في جميع المحافظات المختطفة، وتجيدها القيادات الحوثية في مختلف المستويات، من المستوى الأعلى وصولًا إلى المستوى الأدنى كالمشرفين ومسؤولي المربعات في الحارات والأحياء.

 

واللافت، حجم الصمت الكبير للمنظمات الدولية التي تتخذ من العاصمة صنعاء مقرًا لها عن مثل هذه الممارسات الحوثية، ومحاولة إنقاذ المليشيات عند أي عملية عسكرية ساعية لوضع حد لمعاناة اليمنيين.

 

وقالت مصادر سياسية مطلعة، إن المليشيات الحوثية تستغل أي تحذيرات أممية وتقوم بتوظيفها لإنقاذها، لافتة، إلى احتواء بعض تقارير المنظمات الدولية على معلومات مغلوطة مستقاة من أروقة الأولى، مُفيدة، أن المليشيات عمدت إلى نشر المئات من الموالين لها بداخل هذه المنظمات خصوصًا في الفرق الميدانية، تقوم بمهمة رفع التقارير بما يتماشى وأهداف المليشيات الحوثية التي تريد إنقاذها، ومفاقمة معاناة اليمنيين.

 

وهنا، تبدو معركة استكمال تحرير محافظة الحديدة ضرورية لإنهاء هذه المعاناة وحسم الحرب الاقتصادية التي تعتبر جزءا رئيسا من معركة البلاد مع ميليشيات الحوثي، وتبدو تحذيرات المنظمات الدولية لا تريد وضع حد للمعاناة، بل على العكس، تريد إطالة أمدها عبر التحذير من أي تحرك يتوجه لوضع حد لهذه المعاناة.

 

والأكيد، أن الحرب لن تتوقف إلا بحسم معركة الحديدة وإنهاء معاناة اليمنيين، بانتزاع المكان الذي تتخذه المليشيات قاعدة لمفاقمة معاناة السكان، ومحاولة قتلهم جوعًا.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية