الاتفاق النووي الإيراني يتلقى ضربة أميركية قاضية
أعلنت الحكومة الأميركية، الجمعة، استئناف فرض جميع العقوبات ضد إيران بشأن الاتفاق النووي الإيراني على أن يتم تنفيذها بدءاً من الاثنين المقبل، لتشمل قطاعات في غاية الدقة والحساسية بالنسبة للاقتصاد الإيراني المتأزم أساسا، وهو قطاع النفط والغاز، وبذلك يتلقى الاتفاق النووي ثاني وأشد ضربة من الولايات المتحدة التي انسحبت منه، وقد تكون هذه الضربة القاضية لاتفاق متعثر.
وعقدت إيران والدول 5+1 وهي: الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا، وهم أعضاء دائمون في مجلس الأمن، بالإضافة إلى ألمانيا، مفاوضات "ماراثونية" من 26 آذار/مارس لغاية 2 نيسان/أبريل 2015 في مدينة لوزان السويسرية من أجل التوصل إلى تسوية شاملة تضمن الطابع السلمي للبرنامج النووي الإيراني، وإلغاء جميع العقوبات على إيران بشكل تام، وهذا ما تم إنجازه فعلا في نهاية حزيران/يونيو 2015. واعتبرت طهران أن هذا الاتفاق وضع حداً لحلقة مفرغة لم تكن في مصلحة أحد، فيما وصفته إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما بالتاريخي.
ولكن منذ أن استقر الرئيس دونالد ترمب في البيت الأبيض أكد على رفض الاتفاق الذي وصفه مرارا بالأسوأ إلى أن أعلن يوم 8 مايو/أيار عام 2018 رسمياً خروج بلاده من الاتفاق النووي مع إيران. وقال إن هذا ليس اتفاقاً، وإن أميركا لا تستطيع تنفيذه أو العمل به.
ووصف هذا الاتفاق بأنه من جانب واحد وخطير، وكان يجب أن لا يحدث. وأكد أن هذا الاتفاق لم يجلب السلام والهدوء، ولن يجلب السلام والهدوء. وقال ترمب: "اليوم أعلن أن الولايات المتحدة قد خرجت من الاتفاق النووي مع إيران". وأضاف: "سنفرض أعلى مستوى من العقوبات الاقتصادية على إيران".
وتقول حكومة ترمب ومؤيدوها إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية لا تلتزم في الواقع "بروح الاتفاق" من خلال تجارب الصواريخ وأنشطتها في المنطقة، بما في ذلك في سوريا واليمن.
وبعد الانسحاب أمر الرئيس بعودة العقوبات الأميركية ضد إيران، التي تم تعليقها بموجب الاتفاق النووي في مرحلتين، الأولى 90 يوما، والثانية 180 يوما لتشمل حزمتين.
العقوبات والقطاعات التي تستهدفها
وتم تنفيذ المرحلة الأولى في أغسطس/آب الماضي كجزء من العقوبات التي استهدفت صناعة السيارات، وشراء وبيع المعادن الثمينة، ومنع تعامل الحكومة الإيرانية بالدولار. ويوم الاثنين القادم، الخامس من نوفمبر/تشرين الأول تسري عقوبات أخرى أشد وأكثر شمولاً تستهدف قطاعات مثل النفط والطاقة والنقل والنظام المالي.
وأعلن المسؤولون الأميركيون أن هدفهم هو تخفيض صادرات النفط الإيرانية إلى الصفر إلا أنهم سيمنحون في بعض الحالات إعفاءات لبعض حلفائهم لاستيراد النفط من إيران.
ومعلوم أن إيرادات النفط والغاز هي المصدر الرئيسي للميزانية الإيرانية.
ومن الآثار المترتبة على تنفيذ الجولة الأولى من العقوبات الجديدة، انهيار قيمة العملة الوطنية الإيرانية، حيث تراوحت بين 13 و19 ألف تومان للدولار الوحد، الأمر الذي خلق فوضى في سوق العملات في إيران ولم تستطع خطط الحكومة أن تضع حداً لارتفاع سعر العملة المطرد.
وأدى ذلك إلى تعرض العديد من الصناعات الإيرانية إلى الإفلاس، وشح السلع الأولية، وارتفاع أسعارها فعلى سبيل المثال لا الحصر ذكرت تقارير صحافية أن مطاعم طهران العاصمة خسرت حوالي 30 إلى 70 من زبائنها.
وعندما أعلن ترمب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي وهدد طهران بأقوى وأشد العقوبات شهدها التاريخ أعرب في الوقت نفسه عن أمله في أن تتوصل الولايات المتحدة إلى اتفاق جديد وعادل مع إيران.
وردا على تصريحات الرئيس الأميركي، قال المرشد الإيراني، علي خامنئي، إنه "أخطأ في السماح بالمفاوضات حول الملف النووي" ،معلنا حظر المفاوضات مع الولايات المتحدة.
العربية