الدعم الإيراني السخي يدفع الحركة الإسلامية النيجيرية إلى تحدّي الدولة، ومواجهتها بالقوة، فضلا عن استهداف خصومها السنة الذين لا يحصلون على دعم سخي مثلها من الخارج.

 

قتل ثلاثة أشخاص على الأقل ليل الاثنين–الثلاثاء في اشتباك بين أنصار رجل دين شيعي موال لإيران وقوات الأمن في العاصمة النيجيرية أبوجا بعد يومين من العنف شمال البلاد، فيما يشير مراقبون إلى أن النظام في طهران بدأ بتحريك الموالين له في نيجيريا لخلق حالة من عدم الاستقرار يمكن استثمارها في إرسال موارد جديدة لأذرعه في منطقة الشرق الأوسط، بعد انسداد أفق التواصل معها عبر بوابات الدعم التقليدية التي باتت مكشوفة للجميع.

 

وقال الجيش إن الجنود والشرطة “صدوا هجوما” شنه عناصر من حركة نيجيريا الإسلامية الذين “أطلقوا النار” ورشقوا الحجارة وزجاجات المولوتوف على الجنود والشرطة. وجاء في بيان للجيش ليل الاثنين الثلاثاء “للأسف وخلال المواجهة قتل ثلاثة أعضاء من الطائفة بينما أصيب أربعة جنود بجروح مختلفة”.

 

وبهذا يرتفع إلى 10 على الأقل عدد عناصر حركة نيجيريا الإسلامية الذين قتلوا في تظاهرات منذ السبت، فيما أكد الجيش أن المحتجين هاجموا قافلة للجيش وحاولوا سرقة أسلحة وذخيرة. وتأتي أعمال العنف على خلفية اعتقال السلطات رجل الدين الشيعي الموالي لإيران إبراهيم زاكزاكي منذ اندلاع قتال بين أنصاره والجيش في ديسمبر 2015.

 

ويدور خلاف بين زاكزاكي والسلطات منذ سنوات بسبب دعوته إلى ثورة إسلامية على غرار الثورة الإيرانية، فيما يدين معظم سكان شمال نيجيريا بالإسلام السني. وخلال العام الماضي نظم أنصاره سلسلة من الاحتجاجات في أبوجا للمطالبة بالإفراج عنه، وجرت مواجهات عديدة بينهم وبين الشرطة.

 

ودفع الدعم الإيراني السخي الحركة الإسلامية النيجيرية إلى تحدّي الدولة، ومواجهتها بالقوة، فضلا عن استهداف خصومها السنة الذين لا يحصلون على دعم سخي مثلها من الخارج.

 

وتقول تقارير مختلفة إن الحركة الإسلامية النيجيرية تلقت من إيران دعما عسكريا وتدريبات على حروب العصابات واستخدام الأسلحة الخفيفة وتصنيع القنابل اليدوية، فضلا عن الدعم المباشر للدعاية الدينية وسفر قياداتها إلى إيران لتلقي التكوين الديني وإعلان الولاء للمرجعية هناك.

 

ويأتي التركيز على نيجيريا ضمن خطة أشمل للتوسع في أفريقيا، وتستفيد إيران في ذلك من تراجع الجمعيات المدعومة من السعودية تحت وطأة الحرب على الإرهاب.

 

وقال بيتر فام مدير مجموعة “أفريكا سانتر البحثية”، التابعة لمجموعة التفكير الأميركية “أطلانتيك كاونسيل” إن إيران لا تكتفي بمعاركها المكشوفة في الشرق الأوسط لتقوية تمددها في المنطقة، بل وضعت خططا منفصلة لتثبيت هذا التمدد في أفريقيا ذات الثقل الاستراتيجي والجغرافي والكثافة السكانية العالية، والتي يمثّل فيها المسلمون ثقلا كبيرا.

 

وتسعى إيران إلى تأسيس أذرع سياسية وعسكرية لها بعدد من الدول ذات الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية لتكون أداة في تمرير وتنفيذ مخططاتها، وداعما لها عند الحاجة، ومنفذا تتنفّس من خلاله ذراعها الرئيس حزب الله ويوظّف أمواله.

 

ووفقا لمصادر عدة فإنه يوجد الكثير من الجمعيات الشيعية الناشـطة في نيجيريا ومختلف دول أفريقيا، ترعاها الجالية اللبنانية ذات النفوذ المالي والاقتصادي القوي، حيث أن الدبلوماسيين وجنرالات الحرس الثوري ورؤساء إيران كثّفوا في السنوات الأخيرة زياراتهم الأفريقية، وخصوصا منذ عهد محمود أحمدي نجاد، الرئيس الإيراني السابق، الذي كان في طليعة هذا التوجه، وهو الذي قال في أحد تصريحاته “لا حدود لتوسيع الروابط بين إيران والدول الأفريقية”.

 

وقد تم توقيع مجموعة مذهلة من الصفقات التجارية والدبلوماسية وفي مجال الدفاع أيضا. وتريد إيران، من خلال هذه الصفقات والإغراءات المادية، حشد أكبر قدر من الموالين لها، خاصة وأن كلّ الطرق في الشرق الأوسط مغلقة في وجه سفنها التي تحمل شحنات الأسلحة والدعم لأذرعها في المنطقة على غرار حزب الله، فيما أكّدت تقارير عديدة أن السلاح الإيراني يصل إلى الحوثيين في اليمن عبر سواحل أفريقيا.

 

ويرى طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية في القاهرة، أن إيران شيدت علاقات قوية لها بدول أفريقية من خلال استثماراتها السخية، ومحاولة تكوين بؤر شيعية، مستفيدة من حالة الفقر في بعض الدول مثل أوغندا.

 

وشرح فهمي لـ”العرب” تكتيكات إيران لتوسيع نفوذها، قائلا إنها اعتمدت على تقديم المساعدات الاقتصادية، والنفط والمساعدات العسكرية لمنطقة الأحزمة الإستراتيجية. وأوضح أن طهران تستهدف بسط نفوذها على الممرات المائية في المنطقة.

 

صحيفة العرب اللندنية

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية