«تربويون»: ميليشيا الحوثي تُدمر التعليم الحكومي والأهلي لصالح مشروعها التجهيلي
استطاعت ميليشيا الحوثي أن تنفذ مشروعها القائم على التجهيل، من خلال إجهاض العملية التعليمية في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وبدأت بقطع المرتبات على المعلمين ومختلف موظفي الدولة، الأمر الذي أدى إلى شلل التعليم في المدارس الحكومية، ثم اتجهت صوب المدارس الأهلية وبدأت بممارسة الابتزاز المالي وتضييق الخناق على أنشطتها وصعبت أمامها الحصول على المناهج المدرسية.
يتحدث أحد كبار التربويين في العاصمة صنعاء لـ «وكالة 2 ديسمبر» عن مشروع التجهيل لميليشيا الحوثي، ويقول: "ما يُمارس الآن ضد التعليم يُعد تدميراً مباشراً للعملية التعليمية لصالح مشروعٍ عنوانه الجهل، لأنها تعرف جيداً أن تجهيل الأجيال يخدم مشروعها الكهنوتي القائم على استعباد الناس".
التربوي الذي يمتلك مدارس أهلية ويشغل منصباً هاماً في نقابة المدارس الأهلية يبدو متحسراً على واقع التعليم في اليمن وعلى مستقبل الأجيال التي يُعول عليها النهوض باليمن.
ويقول لـ «وكالة 2 ديسمبر»: "بعد أن دمرت ميليشيا الحوثي التعليم في المدارس الحكومية اتجهت نحو المدارس الأهلية وبدأت بفرض نفسها وكأنها شريك لنا، فهي تقاسمنا عائداتنا ولا تتحمل أية أعباء كما نتحمل نحن، وليس ذلك فحسب بل تحاول أن تفرض على كل مدرسة أهلية استيعاب عشرة طلاب تقول إنهم من أبناء قتلاها، وبعد مفاوضات استمرت لأسابيع تم الاتفاق على استيعاب 5 طلاب للميليشيا في المدارس التي تعمل منذ خمس سنوات فما فوق، و3 طلاب في المدارس التي تعمل منذ أقل من خمس سنوات، وتتحمل المدارس الأهلية توفير الزي المدرسي والمنهج الدراسي".
وعن توفير المناهج الدراسية للمدارس الخاصة، يقول التربوي والمسؤول عن إدارة إحدى المدارس الأهلية بصنعاء إن ميليشيا الحوثي لم توفر المناهج للمدارس الخاصة بذريعة أن المناهج الدراسية تحت الطبع في إشارة منها إلى أن هذه المناهج الدراسية هي التي خضعت للتحريف من قبلها على الرغم من أن هذه المناهج المعدلة تم رفض طباعتها في العام السابق من قبل منظمة اليونيسيف، إلا أنه وكنا يبدو أن ميليشيا الحوثي تعمل على طباعة هذه المناهج وستفرض على المدارس الأهلية تحمل كُلفة الطباعة.
ويتابع: "الكثير من المدارس الأهلية تواجه تحديات كبيرة فأولياء الأمور يطالبون بالمناهج الدراسية والمدارس لا تستطيع توفيرها، ووصلت قيمة الكتاب الواحد في السوق السوداء التي تشرف عليها ميليشيا الحوثي إلى 1000 ريال للكتاب الواحد، فإذا كان في الصف الدراسي عشرة كُتب فإننا بحاجة إلى عشرة الآلاف ريال قيمة المنهج لكل طالب، وفي ظل ذلك لجأت بعض المدارس إلى جلب المناهج المدرسية من محافظات أخرى إلا أن ميليشيا الحوثي تقوم بمصادرتها قبل الدخول إلى صنعاء وفرض غرامات مالية على المدارس التي تتبعها هذه المناهج، الأمر الذي دفع بعض المدارس إلى اللجوء لاستخدام طرق مختلفة لتهريب المناهج المدرسية إلى صنعاء".
لا تتوقف المعاناة التي يعيشها التعليم وكوادره من تربويين ومنتسبيه من الطلاب، وبحسب المسؤول التربوي فإن ميليشيا الحوثي تقوم بتعيين أشخاصاً لا يملكون أية مؤهلات لإدارة وزارة التربية والتعليم ووحداتها ومكاتبها التنفيذية، ويتابع: "سأذكر هنا مثالاً واحداً عن هذا الفساد، فمثلاً يتم استدعاء مدراء المدارس الأهلية من قبل شخص تم تعيينه مشرفاً تربوياً ويُدعى أبو جبران الحوثي وهو شخص جاهل ما يزال يعيش في بداية العشرينات من عمره، ويقوم باستدعائنا ونحن نحمل شهادات كالدكتوراه والماجستير والبكالوريوس كأقل مؤهل ولدينا خبرات تمتد إلى أربعين عاماً والبعض أكثر من ذلك، ويقوم هذا الشخص الصغير في السن والذي لا يحمل أية مؤهلات ولا خبرات في المجال التربوي يفرض علينا شروطه ويمارس جهله علينا ومن وراءه قوة لا تفقه غير ثقافة العنف والقوة، مما يعني أننا مجبرين على تنفيذ شروطهم وفق منطقها السلالي المقيت والقائم على الاستعباد والتعامل مع عامة الشعب بأنهم عبيد لا بد أن يخضعوا لها ولإملاءاتها وينفذوا أجندتها، وفوق ذلك لا بد من أن نقاسمها أموالنا التي هي من عرق جبيننا".
مناشدة ممزوجة بالوجع والألم يطلقها عدد من التربويين للعالم بمنظماته وكافة الجهات الدولية المعنية بالتعليم لإنقاذ واقع العملية التعليمية في اليمن، مؤكدين أن تجاهل هذا الكارثة وعدم الإسراع في إيقاف هذا العبث سيصعب من إنقاذ العملية التعليمية في اليمن وحماية أجيال المستقبل، خاصة أن استمرار ميليشيا الحوثي في السيطرة على مؤسسات الدولة سيترك أثراً سلبياً على التعليم في اليمن وعلى التلاميذ وسيخلف جيلاً جاهلاً لا يمتلك أية مقومات تمكنه من القيام بدوره في بناء الوطن.