فيلم "العقول الأكثر ظلاما" يحفل بالكثير من مشاهد الحركة بالاعتماد على القدرات الخارقة للفتيان والأطفال، في مزيج متكامل من الخيال العلمي والمطاردات، بالموازاة مع المواقف العاطفية.

 

كانت سلاسل الكوميكس الأميركية الأكثر ترويجا للرجل الخارق والقدرات الاستثنائية للبشر ابتداء من سلسلة “السوبرمان” وليس انتهاء بـ”كابتن أميركا” مرورا بـ”الرجل الحديدي” و”الرجل العنكبوت” وغيرها كثير، وواقعيا فهو توظيف فيه شيء من المباشرة، حيث يتم منح شخصية ما قدرات إضافية تمكنها من قهر خصمها لا أكثر.

 

وفي الفيلم الجديد “العقول الأكثر ظلاما” للمخرجة جينيفر يو نيلسون (أميركية من أصول كورية)، معالجة لهذه القدرات الخارقة التي تحل فجأة في أوساط الفتيان والأطفال، علما أن الفيلم مأخوذ عن رواية للفتيان من تأليف أليكساندرا براكين.

 

وتبدأ الأحداث مع صدور إنذار عالمي بإصابة الأطفال والفتيان دون 18 عاما بفيروس يجعلهم ذوي قدرات استثنائية وقوة خارقة، يتم تصنيفها بحسب الألوان، حيث اللون الأخضر هو النوع غير المؤذي، لكن الخطر هو البرتقالي، فيما يكون المدمر هو اللون الأحمر، وهؤلاء يتحولون إلى كائنات زومبي متوحشة.

 

ومن بين هؤلاء الأطفال هناك روبي (الممثلة أماندلا ستينبرك) التي يتحفظ عليها والداها خوفا من إصابتها بالوباء، فيما تكون قد أصيبت فعلا، وبمجرد مسكها ليد والدتها تتسبب في محو ذاكرتها، فتتجرد الأم من الإحساس بالطفلة في مشهد مؤثر، ثم تسلمها إلى السلطات.

 

وتقوم السلطات الأميركية بتأسيس معسكرات تحت حجة معالجة الأطفال المصابين، بينما هي تستخدمهم لأغراض عسكرية ولإجراء تجارب علمية عليهم، ويخضعون خلال ذلك إلى سيطرة عسكرية صارمة.

 

وبعد أن تتمكن روبي من الهرب بمساعدة الطبيبة كيت (الممثلة ماندي مور) التي تدّعي مساعدتها، تبدأ رحلة روبي بصحبة ثلاثة من الفتية الهاربين ليواجهوا سلسلة مصاعب تنتهي بهم إلى المخيم الذي يديره كلانسي (الممثل باتريك جيبسون)، وهو ابن الرئيس المصاب بالوباء بدرجة البرتقالي، وهي نفس درجة إصابة روبي، ما يدفعه للتقرب منها بسبب قدرتهما على التخاطر العقلي لكونهما من نفس درجة الإصابة بالوباء.

 

ويتعرض أولئك الفتيان إلى حملات إبادة حتى تخلو المدن من الأطفال والفتيان بشكل شبه كامل، وتقفر الشوارع من المارة في مشاهد غرائبية. ويمتزج في الفيلم ما هو عاطفي ونفسي في موازاة ما هو عنيف وتدميري، وذلك هو الصراع النفسي الذي تعيشه روبي عند فقدانها لوالديها وحبها لليام (الممثل هاريس ديكنسون)، في مقابل صراعها الطويل مع ابن الرئيس الذي يستدرج الفتية والأطفال ومن ثم يسلط عليهم بطش العسكر.

 

المخرجة جينيفر يو نيلسون وأفراد فريقها كانوا أمام تحد في إظهار مهارات الممثلين الصغار والفتيان، وقد تجلت تلك المهارات بحق، وقدّم الممثلون الرئيسيون أداء متميزا متقنا وتنوعا تعبيريا ملفتا للنظر

 

يحفل الفيلم بالكثير من مشاهد الحركة في مزيج متكامل من الخيال العلمي والمطاردات والعنف، وخلال ذلك يتكامل البناء الدرامي مفضيا إلى صراع بين قوتين، فمن جهة هنالك الحكومة الفيدرالية بكامل قدراتها، ومن جهة ثانية هناك الفتيان الذين لا يريدون سوى النجاة بأنفسهم لأنهم تحولوا إلى فئران تجارب وموضع انتهاكات لا حدود لها.

 

وخلال ذلك كانت روبي وليام هما محور المواجهة مع السلطات، إذ لكل منهما قدراته الخاصة الخارقة، روبي يمكنها التخاطر مع عقل أي شخص ومحو جزء من ذاكرته وتسييره، أما ليام فلديه القدرة على تحريك الأشياء من أماكنها وبينهما الطفلة زو التي تمتلك طاقة كهربائية مدمرة.

 

وكثفت المخرجة من المؤثرات والخدع البصرية لغرض تجسيد القدرات الخارقة، فضلا عن ترسيخ دراما فيلمية يتصاعد فيها الصراع بشكل متواصل، ومن ذلك مشاهد المواجهات مع السلطات التي استدعت استخدام الطائرات المسيرة، وكذلك مشاهد الملاحقة بين الدكتورة كيت وصديقها من جهة، وبين روبي وأصدقائها من جهة أخرى.

 

واقعيا تشعبت الخطوط السردية في هذه الدراما الفيلمية ما بين روبي ومجموعتها وبين أسرتها المنسية، وبين ما جرى لها في المعسكر الأول، ثم الوصول إلى ذروة المواجهات مع ابن الرئيس المتهور الذي يسخّر كل إمكاناته لتحشيد أولئك الفتية لصالحه، حتى ينتهي به الأمر إلى انتقام روبي منه.

 

على صعيد البناء المكاني، كان هنالك تنوع ملفت للنظر تطلبه الإيقاع الفيلمي والانتقال إلى ساحات متعددة للمواجهة، لا سيما وأن أغلب الأحداث وحتى مواقع المعسكرات تقع في غابات وبيئات طبيعية ما قلل من المشاهد الداخلية. ولعل المشاهد التي نقلت صورة المعسكرات والمخيمات التي يجري فيها حجز الفتيان، تعيد إلى الأذهان ذلك الشكل من أماكن الاحتجاز الجماعي في أفلام مثل “مورغان” و”عالم مستقبلي” و”الأرض المحروقة” و”عداء النصل” وغيرها من الأفلام، هنا تتجلى دراما القهر الاجتماعي وسيطرة فكرة التفوق وابتسار قدرات الأفراد، وهو ما شهدناه في هذا الفيلم أيضا.

 

ولا شك أن المخرجة جينيفر يو نيلسون وأفراد فريقها كانوا أمام تحد في إظهار مهارات الممثلين الصغار والفتيان، وقد تجلت تلك المهارات بحق، وقدّم الممثلون الرئيسيون أداء متميزا متقنا وتنوعا تعبيريا ملفتا للنظر، لا سيما وأن أحداث الفيلم تطلبت مهارات خاصة، لكونه جمع بين الدراما والحركة والعنف وبين الخيال العلمي.

 

صحف

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية