تحد يخوضه الباحثون لإنشاء شبكة إنترنت كمومية بحيث يكون نقل البيانات آمنا بشكل مطلق.

 

نشر باحثون من شركة “كيو تك” للتكنولوجيا في هولندا شرحا بشأن تطوير “الإنترنت الكمومية”، بحيث يكون نقل البيانات آمنا بشكل مطلق وغير قابل للاختراق.

 

والإنترنت الكمومية هي عملية لنقل البيانات وتخزينها في جسيمات مفردة هي الفوتونات (جسيمات ضوء مفردة) عوضا عن أشعة الضوء المستخدمة حاليا لنقل المعلومات على طول شبكات الألياف الضوئية.

 

وتقول الشركة إنها على ثقة بأنها ستحقق هدفها المتمثل في إكمال شبكات الاتصالات الكمومية الآمنة في أربع مدن هولندية بحلول عام 2020، على الرغم من العقبات التقنية الضخمة التي تحول دون توسيع نطاق هذه التكنولوجيا.

 

وستستخدم الشركة الهولندية تقنية الحوسبة الكمية والميكانيكا الكمومية لجعل شبكة الإنترنت آمنة وغير قابلة للاختراق، وتأمل في ربط أمستردام ودلفت ولاهاي ولايدن بشكة إنترنت كمومية آمنة من القرصنة.

 

وتتولى ستيفاني وينر ورونالد هانسون قيادة المشروع، ويقومان بتطوير تطبيقات النقل الكمي عن بعد، وهو الاسم الذي يطلق على النقل الفوري للمعلومات عبر التشابك الكمي، وهي ظاهرة فيزيائية تقوم خلالها الجزيئات بالترابط معا بحيث تؤثر على بعضها بصرف النظر عن المسافة التي تقطعها، أي أنها جزئيات يمكن أن تشغل مجموعة من ثنائي (1) أو (0) في الوقت نفسه.

 

وتسمح ظاهرة التشابك الكمي لجسمين بالاستجابة على الفور إذا حدث أي شيء لأي منهما، ويمكن لهذا الاتصال الذي أطلق عليه ألبرت أينشتاين “التأثير المخيف عبر مسافة” التواجد عبر مسافات شاسعة، مما يجعل الاتصال الكمومي آمنا جدا، وأي محاولة اختراق لتدفق البيانات التي تستخدم التشابك الكمي من شأنه أن يدمر البيانات، وسوف يترك دليلا واضحا على محاولة العبث.

 

ويجري يوميا عبر الإنترنت الحالية نقل كميات هائلة من البيانات التي تتدفق بسلاسة وسرعة من خلال كابلات الألياف البصرية التي تربط المدن والدول، ومع ذلك تعاني شبكات البيانات هذه من إمكانية اختراقها.

 

وقد تكون “الإنترنت الكمومية” ثورة في مجال تكنولوجيا الاتصالات، لأنها ستستخدم ظواهر كمومية غريبة مثل التشابك.

 

مشروع الانترنت الكمومية سوف يضع الأساس الطموح لما يسمى بـ"تحالف الإنترنت الكمومي"، وهي مبادرة تأمل في بناء إنترنت تسمح بتشغيل تطبيقات الاتصالات الكمية بين أي نقطتين على الأرض دون اختراق

 

ويعمل الباحثون في جميع أنحاء العالم على التكنولوجيا التي تمكنهم من تبادل البتات (الثنائيات) الكمومية بين أي نقطتين على الأرض، ويمكن أن تحتوي هذه البتات على القيمتين (1) و(0) كما في البتات الكلاسيكية، ولكن أيضا يمكن أن تكون متشابكة في الوقت نفسه.

 

ويجب أن تكون “البت” أو “الثنائية”، وهي وحدة تخزين المعلومات ومعالجتها، في الكمبيوترات التقليدية 1 أو 0، بينما تعمل وحدة “كيوبت” أو “البت الكمومي” عن طريق نظام كمّي ثنائي الحالة يسمح بالجمع بين 1 أو 0 في الوقت نفسه.

 

ونتيجة لذلك، فإن شبكة الإنترنت الكمومية لها خصائص فريدة من نوعها ستكون دائما بعيدة المنال مقارنة بشبكة الإنترنت الكلاسيكية، حيث يمكن بالاعتماد على تقنية التشابك تنسيق الأنشطة من مكانين منفصلين، وفي حال اختراق أحد المتسللين لمجرى البيانات المارة التي يتم نقلها عبر الكيوبت، فإنه يرسل وحدات 1 و0 إلى اتجاهات مختلفة ويدمر المعلومات الكمية ويترك إشارة واضحة على أنه تم العبث بها.

 

وعندما تصل القيمتان 1 و0 المنفصلتان إلى وجهتيهما، تحافظان على اتصالهما الكمي، وهذا ما يجعل الاتصالات الكمومية آمنة، حيث يستحيل التنصّت مثلا على الاتصال بفضل عملية التشابك، وهذا ما يدعم الخصوصية وتشفير البيانات، ويجعل تبادل المعلومات أكثر أمانا.

 

ويجري التعامل مع التشابك الكمّي من أجل النقل الفوري وإرسال واحد من الكيوبت إلى مرسل الرسالة وإرسال الكيوبت الآخر إلى متلقي الرسالة، ويجب استخدام وصلة كمية جديدة من فوتونين لكل جزء جديد من البيانات من أجل نقل المعلومات لفترات طويلة، مما يجعل التبادل أكثر أمانا، وجرى إثبات هذه النظرية من خلال تجربة صغيرة في المختبر، لكنها لا تزال غير مجدية تجاريا.

 

وقد ناضل علماء آخرون لسنوات عديدة سعيا وراء اكتشاف طريقة فعالة لصنع تدفق مكوّن من فوتونات مفردة، أي ضوء كمومي، لكن لا تزال البحوث جارية دون أي تقدم يذكر.

 

ولا تزال مسألة الانتقال لإنشاء رابط يربط الأربع مدن الهولندية بشبكة إنترنت كمومية مستقبلا أمرا بعيد المنال، ويقول أحد الباحثين في الفريق “يمكننا محاولة جعل التشابك بعيد المدى، لكنه يفشل في معظم الوقت”.

 

وعلى الرغم من أن المشروع الهولندي لا يزال ضيقا للغاية، إلا أن الباحثين يقولون إن المشروع سوف يضع الأساس الطموح لما يسمّى بـ”تحالف الإنترنت الكمومي” وهي المبادرة التي تأمل في بناء إنترنت كمي تسمح بتشغيل تطبيقات الاتصالات الكمية بين أي نقطتين على الأرض، ويشمل ذلك بنية تحتية لتكنولوجيا لم يتم اختراعها بعد ومقويات إشارة كمية من شأنها تضخيم قوة الإشارة عبر المسافات الشاسعة مع الحفاظ على أمنها.

 

صحيفة العرب

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية