تقرير| ضربات الاحتلال الإسرائيلي للحوثيين: رسائل محدودة لإبقاء التهديد قائمًا
تتواصل ضربات الاحتلال الإسرائيلي الجوية ضد منشآت تسيطر عليها مليشيا الحوثي الإرهابية، بوتيرة متقطعة، مستخدمة هذه المرة الطائرات المسيّرة، في تطور لافت في أدوات الاشتباك.
ومع ذلك، يكشف نمط هذه الضربات وحجمها المحدود عن غياب أي نية حقيقية لإنهاء التهديد الحوثي، ما يعزز فرضية أن بقاء المليشيا المسلحة يخدم استراتيجيات إقليمية ودولية.
رسائل تكتيكية دون استراتيجية شاملة
ويرى محللون عسكريون المشهد بأنه مجرد "تراشقات نارية" خاضعة للعبة قواعد اشتباك غير معلنة؛ إذ يؤكد العميد ثابت حسين صالح في تصريحات لوسائل إعلام، أن الضربات الإسرائيلية تركز على البنية التحتية اللوجستية للحوثيين، دون استهداف مراكز القيادة أو القدرات النوعية، في حين ترد المليشيا بهجمات رمزية لا تحقق أي تأثير عسكري حقيقي ولا تسجل أي إصابات.
من جهته، يرى العميد ياسر صالح أن الاحتلال الإسرائيلي يتعامل مع الحوثيين كأداة ضغط في المنطقة أكثر من كونهم تهديدًا وجوديًا، ولذلك تظل عملياته ضدهم في حدها الأدنى، خاضعة لحسابات التكلفة والرسائل السياسية.
الطائرات المسيّرة: دقة محسوبة دون نية تصعيد
التحول الإسرائيلي إلى استخدام الطائرات المسيّرة بدلًا من المقاتلات المتقدمة كـ"إف-35" يؤكد هذا التوجه. ووفقًا للعميد ثابت حسين، فإن انخفاض تكلفة المسيّرات، وفعاليتها في تنفيذ ضربات محددة، يتناسب مع طبيعة الأهداف الإسرائيلية في اليمن، التي تهدف فقط إلى تعطيل مؤقت لقدرات الحوثيين دون الدخول في مواجهة مباشرة أو توجيه ضربات قاصمة.
غياب بنك الأهداف.. غموض أم تغافل متعمّد؟
رغم ما يمتلكه الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة من قدرات استخباراتية هائلة، لا تزال الضربات تستهدف مواقع يسهل رصدها كالموانئ والمطارات، دون المساس بالبنية العسكرية الفعلية للمليشيا.
الباحث عبدالستار الشميري، يرى أن غياب بنك أهداف حقيقي يثير الشكوك حول مدى الجدية في التعامل مع هذا التهديد.
فيما يذهب العميد ثابت حسين إلى اعتبار هذا الغياب "غير مبرر"، مرجحًا أن هناك قرارًا بعدم المساس بجوهر القوة الحوثية، بما يبقيها أداة ضغط وتهديد قائمة في معادلة أمن البحر الأحمر والمنطقة.
الأسلحة الإيرانية تتدفق.. رغم ادعاء "الحصار"
في ظل هذا التراخي الدولي، تواصل إيران تهريب الأسلحة إلى الحوثيين عبر شبكات بحرية معقدة.
وفي أحدث ضربة لهذه الشبكات، ضبطت المقاومة الوطنية قبل أيام، شحنة أسلحة إيرانية ضخمة في البحر الأحمر، بلغ وزنها نحو 750 طنًا، وتضمنت منظومات صاروخية وطائرات مسيّرة ورادارات متطورة.
يؤكد الشميري أن التهريب يتم الآن عبر عشرات المنافذ غير الرسمية المنتشرة على الشريط الساحلي، باستخدام زوارق صغيرة تنقل الحمولات من عرض البحر، وهو ما يكشف عدم جدية الحصار البحري من قِبل القوات الدولية المتواجدة في البحر ويؤكد استمرار تدفق الدعم الإيراني.
الإبقاء على التهديد.. خيار استراتيجي
يُجمع المحللون على أن الضربات الإسرائيلية على الحوثيين لا تهدف إلى القضاء عليهم، بل إلى إبقائهم تحت السيطرة كعامل تهديد دائم يمكن توظيفه سياسيًا وأمنيًا.
وفي ظل استمرار الدعم الإيراني، وعجز أو تواطؤ القوى الدولية، تظل مليشيا الحوثي تهديدًا نشطًا في قلب معادلة الأمن الإقليمي، يُجرى التعامل معه كأداة لا كخطر يجب إنهاؤه.