الخوف من «ثورة جياع» جديدة يسيطر على ميليشيات الحوثي الكهنوتية
ليس خافيًا على أحد حجم الخوف الكبير المسيطر على ميليشيات الحوثي الكهنوتية من خروج سكان المحافظات المختطفة بثورة جياع بعد شروع الأخيرة بتنفيذ سلسلة خطوات تأمل من استخدامها لإثناء السكان عن الخروج بتظاهرات شعبية محتجة على تدهور الأوضاع المعيشية وارتفاع أسعار المواد الغذائية بفعل انهيار الريال اليمني أمام العملات الأجنبية، تنوعت بين بث الرعب بين السكان، وبين محاولة إقناعهم بعدم وقوفها وراء التدهور.
وأظهرت ممارسات الأسبوعين الماضيين أن ميليشيات الحوثي لا توفر جهدًا في محاولة إقناع السكان بالتخلي عن الخروج والتظاهر، وأنها لا تقف وراء أزمة الريال اليمني، ممارسات بدأت بتشديد الإجراءات الأمنية في العاصمة، ولا تنتهي عند إعلان رئيس ما يسمى المجلس السياسي الأعلى «مهدي المشاط»، صرف نصف راتب لموظفي الدولة في مسعى منه لامتصاص غضب السكان الذين باتوا لا يخشون شيئًا بعد تفاقم معاناتهم بفعل ارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق واستمرار المليشيات في رفض صرف مرتبات موظفي الدولة في المحافظات المختطفة.
ومع انتقال حالة الرفض الشعبي خلال الأسبوعين الماضيين ضد المليشيات الكهنوتية إلى مرحلة جديدة بخروج السكان للتظاهر يوم السبت الماضي، شددت الأولى إجراءاتها الأمنية في مختلف شوارع العاصمة ومداخل الأحياء خصوصًا تلك الأحياء الواقعة وسط العاصمة، وجامعة صنعاء، إذ أقامت عشرات الحواجز الأمنية، واستحداث نقاط جديدة، تقوم بتفتيش المارة بشكل دقيق، استعدادًا لتفريق أي تظاهرة شعبية في الشوارع مجدداً.
وعلمت «وكالة 2 ديسمبر» من مصدر أمني، أن المليشيات استحدثت عددا من النقاط والحواجز الأمنية منذ أسبوعين في مختلف أحياء وشوارع العاصمة، وانتشرت بشكل مكثف في الحرم الجامعي لجامعة صنعاء، ونشرت العشرات من الزينبيات بداخل الحرم الجامعي وفي بوابات الجامعة الرئيسية وبوابات الكليات.
وأكد ذلك، مصدر طلابي بجامعة صنعاء، أفاد بانتشار النساء الحوثيات ومعهن الهراوات والعصي الكهربائية بداخل الحرم الجامعي كل يوم، موضحًا، أن المليشيات تنقل صباح كل يوم العشرات من الزينبيات على متن باصات كبيرة إلى الحرم الجامعي، متابعًا توضيحه "أن النساء الحوثيات يقمن بتفتيش الطالبات في بوابات الجامعة وبوابات الكليات ويفتشن هواتف بعض الطالبات، ويمنعن أي تجمعات لأكثر من ثلاث طالبات أو طلاب في الحرم الجامعي، لماذا؟ أوضح المصدر، أن المليشيات تخشى من تجمع طلاب وطالبات الجامعة والخروج بتظاهرات محتجة على تدهور الوضع المعيشي.
وتحدثت مصادر طلابية أخرى، عن اقتحام الزينبيات سكن طالبات جامعة صنعاء مرتين خلال الأسبوع الماضي، مُفيدة، أن النساء الحوثيات كن يبحثن عن طالبات اتهمتهن المليشيات بالوقوف وراء تظاهرة طلابية تعرضت للقمع يوم السبت الماضي، متابعة أن الزينبيات قمن بتفتيش هواتف الطالبات وتهديدهن في حال الخروج والمشاركة في أي تظاهرة احتجاجية ضد تدهور الوضع المعيشي.
وامتدت ممارسات المليشيات إلى خارج الحرم الجامعي، إلى شوارع العاصمة صنعاء، حيث أقامت فيها عروضًا عسكرية لعناصرها بشكل دائم خلال الأسبوع الماضي، عروض قالت مصادر واسعة الاطلاع في صنعاء، أنها تسعى إلى بث الرعب وسط السكان ومنعهم من الخروج والتظاهر ضد تدهور الوضع المعيشي.
وأكد شهود عيان تحدثوا لـ «وكالة 2 ديسمبر»، إقدام ميليشيات الحوثي الكهنوتية على قطع شوارع رئيسية في صنعاء، وإقامة عروض عسكرية لعناصرها، لافتين إلى إقامة المليشيات عروضًا عسكرية في جولة سبأ، وشارع الستين، بعد قطعها.
وبحسب الشهود والمصادر، جاءت هذه العروض عقب تصاعد حدة الغضب الشعبي ضد المليشيات في صنعاء وبقية المحافظات المختطفة، بهدف إرعاب السكان، وبالتالي، منعهم من الخروج والتظاهر ضدها، وتحدث أحد الشهود، انه شاهد عشرات الأطفال يشاركون في العروض العسكرية الحوثية في صنعاء.
وإلى جانب ما تقدم، حاولت المليشيات بكل جهد إقناع السكان بعد وقوفها وراء أزمة الريال اليمني التي نقلت الرفض الشعبي ضدها إلى مرحلته الجديدة، متهمة الشرعية والتحالف بالوقوف وراء الأزمة، وأن الشرعية هي من تقف وراء الأزمة مستشهدة بقيام الأخيرة بطبع أوراق نقدية، قالت إنها كانت السبب الرئيسي وراء الانهيار، وأنها تسعى مستخدمة كل الوسائل لتخفيف معاناتهم.
ولم تتوقف جهود المليشيات عند هذا الحد، بل امتدت إلى محاولة إقناع السكان أن الخروج للتظاهر في المحافظات المختطفة، هو ضرب لأمن واستقرار العاصمة، وأن التحالف هو من يقف وراء دعوات الخروج في صنعاء عبر من أسمتهم المرتزقة وعملاء الداخل.
واعتبرت المليشيات على لسان ما يسمى رئيس المجلس السياسي «مهدي المشاط» خروج السكان للتظاهر هو محاولة لإشعال الفوضى والتخريب والتفجير، وتعهد بمواجهة أي تظاهرة محتجة بحجة الحفاظ على أمن العاصمة وعدم السماح باستهداف صمود وتماسك ما أسماها الجبهة الداخلية.
وحاول المشاط التهرب من تحمل مسؤولية تدهور الريال اليمني، وتحميل الشرعية والتحالف المسؤولية، في محاولة قالت المصادر أنها خطوة من خطوات شرعت المليشيات في استخدامها لمحاولة إقناع السكان بأنها لا تقف وراء أزمة الريال اليمني، موضحة، أن ذلك غير صحيح، مُفيدة بتحمل المليشيات المسؤولية الكاملة لأزمة الريال اليمني وتفاقم معاناة السكان في صنعاء وبقية المحافظات المختطفة، مستشهدة، برفض الأخيرة توريد الإيرادات إلى البنك المركزي في العاصمة المؤقتة عدن حتى تتمكن الحكومة الشرعية من صرف رواتب الموظفين وتخلى مسؤوليتها، وبقيام المليشيات بسحب جميع العملات الأجنبية من السوق عبر تجار صرافة موالين لها، الأمر الذي أدى إلى تهاوي الريال اليمني، إضافة إلى قيام المليشيات بحسب المصادر التي تؤكد ضلوع المليشيات وراء تفاقم معاناة السكان، بافتعال أزمات مستمرة في المحافظات المختطفة، على سبيل المثال لا الحصر، أزمة المشتقات النفطية، وفرض الجبايات على تجار العاصمة الأمر الذي أدى ويؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير في تلك المحافظات.
وإلى جانب ذلك، أعلنت المليشيات على لسان المشاط صرف نصف راتب لموظفي الدولة، في محاولة تسعى بها المليشيات بحسب المصادر المطلعة، إلى إقناع السكان بأنها تقف إلى جانبهم.
على كل حال، لا تظهر هذه الخطوات سوى حجم الخوف والقلق الكبير الذي ترزح تحته ميليشيات الحوثي الكهنوتية، والأكيد، أنها لن تنجح في تأدية المهمة بمنع السكان من الخروج والتظاهرة، قد تتوقف التظاهرات مؤقتًا، لكنها لن تتوقف نهائيًا، ولن تنجح المليشيات في إثناء السكان عن الخروج والتظاهر ضدها، ذلك، أن شروط ثورة الجياع قد اكتملت مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى المستوى الحالي، واكتمل معها، وعي السكان بأن المليشيات وحدها من تقف وراء الأزمة، ونقل الوعي الشعبي ضد المليشيات إلى مرحلة جديدة، هي التحرر من الخوف والخروج للتظاهر.