الانفتاح الكروي المصري يمحو حساسية المنافسة مع شمال أفريقيا
الاقتداء بالاتحاد الأوروبي في مقترح بالانتقال الحر بين لاعبي شمال أفريقيا، وتأثر المنتخبات وغلق الأبواب في وجه اللاعبين الشباب.
كانت مصر أول الدول المعلنة عن تنفيذ هذا القرار، عبر عضو اتحاد كرة القدم المصري عصام عبدالفتاح، الذي أعلن أن القرار سيطبق بالدوري المصري، مؤكدا أن اجتماعا سوف يعقد بين ممثلي دول شمال أفريقيا، في الأول من ديسمبر المقبل بالمغرب، لتفعيل القرار بشكل رسمي.
ولم يتم استطلاع رأي أندية الدوري المصري، أو دوريات الدول الأخرى، حول قبول القرار من عدمه، لذا يتعين على مسؤولي اتحاد شمال أفريقيا، دعوة ممثلي الأندية لحضور اجتماع ديسمبر للوقوف على كافة تفاصيل القرار، كي لا يصطدم الجميع بأنه مجرد قرار عاطفي نابع من رغبة في شراكة رياضية عربية.
وأعلن المكتب التنفيذي لاتحاد شمال أفريقيا هذا المقترح، على هامش اجتماعات الجمعية العمومية لاتحاد الكرة الأفريقي “كاف”، الثلاثاء، ومقترحات أخرى تعزز التعاون في مجال كرة القدم، منها: تنظيم ثلاثي لبطولة كأس العالم 2030، وتبادل الحكام بين الدول الأعضاء، على أن يتم التأكيد على تنفيذ تلك المقترحات في اجتماع ديسمبر.
أزمة المحليين
من الطبيعي أن يؤثر وجود لاعبين محترفين في أي فريق، على اللاعبين المحليين، باعتبار أن التعاقد مع لاعب محترف يعود لإمكاناته الفنية العالية، ما يعني أنه يحتل مكان اللاعب المحلي في نفس مركزه، ومن الضروري تقنين الوضع بعدد محدد للاعبين، لا سيما وأن القرار المماثل الذي اتخذه اتحاد الكرة المصري قبل موسمين لم يسفر عن أي إيجابيات.
وكان الاتحاد المصري قرر معاملة اللاعبين الفلسطينيين والسوريين، نفس معاملة اللاعب المحلي، بحد أقصى لاعبين اثنين في كل فريق، غير أن جميع اللاعبين الذي جاؤوا إلى الدوري المصري ظهروا بمستوى متواضع دون أن يحدثوا الفارق مع أنديتهم.
مقترح اتحاد شمال أفريقيا لكرة القدم بالموافقة المبدئية على التنقل الحر للاعبين بين مختلف بلدان شمال أفريقيا بين مؤيد ومعارض
وعلق نجم الكرة الجزائرية رابح ماجر على القرار قائلا “إنه يفيد البطولات العربية ويسهم في تطويرها”، وأوضح في تصريحات تلفزيونية، أن قوة الدوري الانكليزي تعود لوجود لاعبين من بلدان أخرى دون اعتبارهم أجانب، واتفق ماجر مع هذه الفكرة وتمنى تنفيذها في أقرب وقت.
لكن الدوري الإنكليزي العامر بالمحترفين من جنسيات أخرى، التفت القائمون عليه إلى خطورة تأثير ذلك على منتخب إنكلترا، وعملوا على تحجيم التعاقد مع لاعبين محترفين من خارج دول الاتحاد الأوروبي.
وبالنسبة لشمال أفريقيا، لقي القرار قبولا لدى أكبر ناديين في مصر، وهما الأهلي والزمالك، على اعتبار أنه يحد من ارتفاع أسعار اللاعبين، مع إمكانية التحكم في طلبات اللاعبين الجنونية، فضلا عن إتاحة خيارات عدة في سوق الانتقالات، شريطة تقنين عدد اللاعبين بحد أقصى أربعة لاعبين، كي لا تتأثر قطاعات الناشئين بالأندية، ما يعود بالسلب على المنتخبات.
ربما تأتي رغبة اتحاد شمال أفريقيا في تنفيذ هذا القرار، ليكون بداية لتلاحم بين الدول الخمس الأعضاء، وتشكيل قوى كروية تكون جنبا إلى جنب في استضافة البطولات الكبرى، وتمثل تكتلا قويا في الانتخابات القارية والدولية، ما من شأنه إيجاد صوت مسموع في الحقل الكروي العالمي، يسهل من تنفيذ أي طلبات مقترحة.
والمفارقة أن الدول أعضاء في اتحاد الشمال الأفريقي، تتسم مبارياتها بالحساسية الشديدة، سواء على مستوى الأندية أو المنتخبات، لكن لاعب الأهلي السابق عادل طعيمة أكد لـ”العرب” أن هذا القرار سوف يقلل هذه الحساسية على المستويين السياسي والرياضي، ويعود بالنفع على اللاعبين المصريين، كونه يفتح أمامهم مجال الاحتراف الخارجي، وقد تكون خطوة للعبور إلى الدوريات الأوروبية.
بالمقارنة بين الدوريات الممتازة بدول شمال أفريقيا، يعتبر الدوري المصري عامرا بلاعبين تونسيين وجزائريين ومغاربة، مثل المغربي وليد أزارو والتونسي علي معلول، في الأهلي، والتونسيين حمدي النقاز وفرجاني ساسي في الزمالك، بينما يوجد لاعب مصري وحيد وهو عمرو مرعي، يلعب بقميص النجم الساحلي التونسي.
المقترح لم تصاحبه خطة مدروسة، مثل عدد اللاعبين المسموح بهم لكل فريق، كي لا تتأثر المنتخبات الوطنية، بفعل تضييق الفرص على لاعبي البلدان الأصلية
ويقلص القرار من فرص اللاعبين الشباب في الصعود إلى الفريق الأول بالأندية، ولهذا السبب جاء رفض مدرب فريق نادي الإسماعيلي محمد محسن أبوجريشة، وقال لـ”العرب”، “القرار يقتل المواهب الكروية في مصر، لأن لائحة اتحاد الكرة تسمح بوجود أربعة لاعبين محترفين أجانب في قوائم الأندية، وهو عدد ليس بقليل كي يتم البحث عن زيادته”.
أزمة الهجوم
وأضاف أن منتخب مصر يعاني حاليا من أزمة في مركز الهجوم، لأن غالبية الأندية تسعى للتعاقد مع لاعب أجنبي، وخصوصا من أفريقيا، في هذا المركز، ومع تطبيق القرار ستزداد الأزمة.
واستشهد أبوجريشة بقرار منع احتراف الحراس الأجانب في مصر، ما ساهم في تألق الحراس المصريين، ووجود أكثر من 5 حراس يصلحون للانضمام إلى المنتخب. ويعتبر فريق نادي الزمالك أكبر المستفيدين من القرار، ويمتلك ثلاثة لاعبين من الشمال الأفريقي وهم، الثنائي التونسي النقاز وساسي، والمغربي حميد أحداد، بينما يضم الأهلي التونسي معلول والمغربي أزارو، ما يتيح الفرصة أمامهما للتعاقد مع لاعبين جدد.
ويخشى البعض تطبيق القرار باعتبار أنه يقلص فرصة اللاعب المحلي، فضلا عن تأثر المنتخب، لا سيما وأن المكسيكي خافير أغيري المدير الفني لمنتخب الفراعنة، اعترف بأن زيادة عدد اللاعبين المحترفين بالدوري المصري يؤثر على اختياراته. لكن هناك رغبة واضحة في الاقتداء بالتجربة الأوروبية، لأن جميع أندية القارة العجوز تلعب تحت شعار الاتحاد الأوروبي، ما يساهم في احتكاك اللاعبين بمستويات فنية عالية في الدوريات المختلفة، والأهم هو التحكم في الأسعار الجنونية للاعبين.