جريمة مخيم «بني جابر».. ضحايا منسيون لدى المنظمات العالمية
معالم آثار الجريمة الحوثية بحق نزلاء مخيم بني جابر شرقي مدينة الخوخة ما تزال قائمة في مسرح الجريمة، فالساحة هناك باتت تبعث بالخوف، حيث الدماء مراقة على الأرض وما تبقى من أشلاء الضحايا الممزقة مترامية في المكان، غير الخراب الذي حل بقطاع واسع من المساكن الإيوائية للنازحين.
قال نازحون لمراسل «وكالة 2 ديسمبر» خلال زيارة نفذها صباح اليوم، إن عدداً من الأسر في وسط المخيم غادرت ولم يعلم إلى أين حتى اللحظة، «قد لا تعود لأنها تخشى من هجوم محتمل للكهنوتيين على المخيم» وفق ما يقول أحد المسئولين على المخيم.
وهجر فتيني الرجل المسن في خمسينيات عمره خيمته القريبة من مكان الحادثة، حيث سقط صاروخ كاتيوشا فأحال المكان إلى نهر من الدماء، لقد غادر فتيني إلى خيمة في طرف المخيم وانزوى هنالك مع سبعة من أطفاله بجانب أسرة مكونة من 9 أفراد.
وتحدث الحاج أحمد كنزلي والد «حجة» القتيلة الوحيدة في الهجوم الصاروخي عن قصة نزوحه من قصف المليشيات مفيداً بالقول «المليشيات قصفت بيتنا وقت صلاة الظهر والناس تصلي جمعة، ماتت بنتي وجرح كثير من الجهال اللي كانوا هنا (يشير إلى موقع سقوط الصاروخ)». وكان الهجوم الحوثي شن بخمسة صواريخ واحدة منها سقطت وسط المخيم فيما أربعة صواريخ وقعت في محيطه.
وقال كنزلي إنه يناشد «الأمم المتحدة والمنظمات لإنصافنا من هذي الجماعة اللي ما خلتنا في بيوتنا ولاحقت إحنا إلى هذا المكان». حيث لم يستطع المراسل أخذ الكثير من التفاصيل عندما أجهش كنزلي بالبكاء حُرقة على ابنته المتوفية، وحينما أردنا استكمال الحديث مع أمها كانت هي الأخرى تعايش الصدمة في ظرف نفسي حرج.
ورغب لحجي فتيني والد نجيبة المصابة بشظايا في جسدها، أن ابنته كانت تحضر الطعام أمام خيمتها لحظة الهجوم، وأصيبت أثناء القصف، إلا أنه لم يستطع إسعافها نتيجة حالة الخوف التي عمت في المكان وارتفاع أعداد الضحايا الذين كان يشاهده بناظريه. قال «ما قدرت أسعفها إلا لما جو (جاءوا) وأسعفوها الناس».
ووفقاً لحقوقيين فإن الصمت الدولي إزاء الحادثة خاصة من قبل الأمم المتحدة، يبين بدلائل إضافية عن مدى تهاون المنظمة الدولية مع الجرائم التي ترتكبها مليشيات الحوثي، والتي تشكل هذه الجريمة واحدة من أشنعها وأكثرها بشاعةً ودموية.
ولم يصدر بيان حقوقي من قبل المنظمة الدولية يدين بشكل كافٍ هذه الاعتداء الحوثي، بعكس كثير من البيانات الأممية التي تستبق أحداثاً أخرى لمحاولة إدانة القوى الوطنية والتحالف العربي المساند لها. واكتفت منسقة الشئون الإنسانية التابعة للمنظمة بإدانة الهجوم في بيان على استحياء دون الإشارة إلى المسئول عن استهداف المخيم.
تخيم حالة من الأسى على سكان المخيم حتى اللحظة، لقد بات المكان يفتقد الكثير من نزلائه الذين ربطتهم صلات قرابة في الفترة التي التقوا فيها هناك، عديد من الأسر غادرت والكثير من الصبية أصيبوا وهنالك فجيعة كبيرة قصمت حالة الأنس التي حاول النازحون اصطناعها لأنفسهم في ملجئهم.
وتحاول الأسر المتبقية في المخيم التعايش مع الوضع بعد الهجوم ولملمة الجراح، إلا أنها كما تقول سعيدة تفتقد لأدنى مقومات العيش بسلام بعد أن أباحت المليشيات دماءها، وهنالك فعلا يبدو جلياً كيف يسترخص الكهنوت دماء اليمنيين دون وازع أو ضمير.
وكان الضحايا الذين أصيبوا في الهجوم نقلوا إلى المستشفيات الميدانية التابعة للقوات المشتركة في الساحل الغربي وتلقوا العلاج اللازم، أما الإصابات الأكثر خطورة نقلت بعد تلقيها الإسعافات الأولية إلى مدينة عدن على نفقة التحالف العربي.