تحليل| بعد رفع العقوبات.. الحاجة للمراجعة الشاملة
ما تحقق في ملف العقوبات الدولية بشأن اليمن مع إعلان رفعها عن الزعيم الشهيد علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية الأسبق ونجله السفير أحمد علي، يلخص أهمية إعادة النظر في ملفات كثيرة متعلقة بالأزمة اليمنية على المستوى الدولي، وإجراء مراجعة شاملة بشأنها، كما يُظهر التأثير الفعلي للحكومة عندما تتحرك على نحو جاد وتتفاعل بشكل مؤثر وتتخاطب مباشرة مع صانعي القرار الدوليين.
الغياب الطويل للحكومة طيلة السنوات الماضية، عن مثل هكذا تفاعل، أفلت من يدها فرصاً كثيرة كان بوسعها أن تستغلها في تحريك الجمود في ملفات عدة وُضعت في رف النسيان، فهي الممثل الشرعي للبلاد أمام العالم وبوسعها أن تقدم مبررات مقنعة بالضغط والإلحاح لدى صُناع القرار، على الأقل لإعادة الملفات المجمدة إلى طاولة النقاشات، وفي مقدمتها ملف اتفاق ستوكهولم، ومراجعة المواقف السابقة التي ورّثت كل هذا العناء نتيجة التقديرات الدولية الخاطئة.
في شهرين فقط، تحقق تقدم ملموس في ملف العقوبات، واستطاعت جهود الحكومة المكثفة بتوجيهات مجلس القيادة شطب اسمي الزعيم والسفير من اللائحة بتقديم الحجة التي تقنع العالم بعدم صوابية استمرارها؛ وهذا ما كان إلى قبل مدة ينظر إليه البعض كأمر مسلَّم به يصعب تحقيق اختراق فيه إلا بمعجزة، لكن عندما تحقق التوافق داخل مجلس القيادة الرئاسي وخوّلت الحكومة بالمتابعة، صُنع الفارق وتحقق الهدف؛ فضلاً عن ذلك فرفع العقوبات ليس فضلاً ولا مِنّة، بل هو الأمر المنطقي لأنه لا مسوغ لها ولا يمكن تبريرها تحت أي ظرف، ورفعها انتصار وإنصاف لتاريخ الزعيم الشهيد علي عبدالله صالح وأسرته.
مهما كانت الحكومة تعاني من إخفاقات لأسباب وعوامل متداخلة، إلا أنها تبقى الممثل الشرعي لكل اليمنيين، وباستطاعتها خلق أجواء للنقاش مع صناع القرار، لا يمكن أن يدير لها العالم ظهره إذا استشعر جدية في تحركاتها واقتنع بالمسوغات التي تقدمها؛ الأمر فقط يحتاج إلى تحرك جاد ومسؤول يلفت انتباه العالم.
هذا الاختراق مؤشر مهم، يجسد قوة الموقف الموحد والتحرك الفاعل لأجهزة الدولة عندما تتخاطب مع العالم متسلحة بقوة المنطق والحجة؛ لكنه يحتاج للبناء عليه أكثر في إعادة النظر بالعديد من الملفات التي أدارها المجتمع الدولي وفق تقديره الخاص عندما غابت الدولة عن المشاركة في صناعة المشهد بالمنظور العالمي.
هي فرصة لتستشعر الحكومة ومجلس القيادة أنهما قادران على التأثير، وفرصهما واسعة للتفاعل أكثر مع المجتمع الدولي وتجنب الانغلاق عن العالم، والعمل بجدية للوقوف على ملفات أخرى كثيرة يمكن تشجيع المجتمع الدولي على إعادة النظر فيها من جديد. بالطبع يمكن أن يحدث هذا إذا خرجت الحكومة من غرفة الاعتكاف وانخرطت مع العالم لمناقشة مشكلات البلد وقضاياه بجدية وحرص ومسؤولية.