تقرير| اغتيال شكر وهنية.. مأزق الرد الإيراني واختبار "وحدة الساحات"
اغتيل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الفلسطينية "إسماعيل هنية" في قلب عاصمة النظام الإيراني طهران، في حين لم تكن مليشيات طهران في لبنان قد تمكنت من انتشال جثة رئيس أركانها "فؤاد شكر"، الذي تم اغتياله بغارات من قِبل جيش الاحتلال الإسرائيلي في العاصمة بيروت.
وفي حين اعتبر النظام الإيراني اغتيال "شكر" انتهاكًا للسيادة سيُقابل برد، وهذا ترجمة لما تسميه طهران "وحدة الساحات" باعتبار أن استهداف أذرعها في لبنان أو العراق أو سوريا أو اليمن هو استهداف لها، جاءت جريمة اغتيال هنية لتضع إيران في مأزق؛ فهنية جرى اغتياله داخل أراضيها، واختراق السيادة في حد ذاته يقتضي ردًا منطقيًا خاصة أن طهران وصفته بتجاوز للخطوط الحمر وأنه تم اغتياله في عاصمتها وهو ضيف لديها وليس في ساحاتها خارج حدودها.
حتى استراتيجية وحدة الساحات، التي تتفاخر إيران ببلورتها، تضعها في مأزق؛ ففي أهم ساحات إيران خارج حدودها تمكنت غارات إسرائيلية في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت من اغتيال الرجل الثاني في حزب الله "فؤاد شكر"، وقبل أيام شنت تل أبيب هجومًا على ميناء الحديدة في اليمن الواقع تحت سيطرة أرخص أذرع إيران في المنطقة (مليشيا الحوثي الإرهابية).
ومنذ اندلاع حرب غزة، توالت ضربات الكيان الصهيوني على الأراضي السورية مستهدفةً قادة إيران ووكلاءها، ولم يرقَ أي انتقام إلى مستوى الوعيد الإيراني بالقدرة على محو تل أبيب من الوجود؛ بل غالبًا ما تُلقي القيادات الإيرانية مهمة الرد على عاتق أذرعها في المحور الذي تقوده.
وحتى عندما انتقمت بالأصالة لمقتل ضباطها باستهداف قنصليتها في دمشق مطلع أبريل الماضي، لم يسفر ردها آنذاك عن مقتل أي إسرائيلي؛ بل كانت ضربة محدودة النطاق افتقدت بالأساس عنصر المفاجأة؛ فقد خرجت بعدها التقارير تفيد بأن الإيرانيين أبلغوا الأمريكيين سلفًا بتفاصيل الانتقام.
والضربة الكبرى كانت في 2020؛ حين اغتالت نيران أمريكية قائد فيلق القدس "قاسم سليماني" واقتصر انتقام إيران حينها على إطلاق بعض الصواريخ صوب قاعدة في العراق تضم قوات أمريكية، ولم يُصَب أي جندي أمريكي بأذى في القصف.
وفجّر بعدها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب المفاجأة حين قال؛ إن طهران استأذنت واشنطن في قصف قاعدة أمريكية في العراق، حفظًا لماء الوجه.
تلقت إيران ضربات عدة في الخارج وفي عقر الدار، ولم ترُد بالمثل وهذه لحظة حقيقة كاشفة أخرى تقف أمامها صدق وجدوى شعارات "وحدة الساحات" أمام اختبار جديد.