أبرز عشرة أمثلة دمرت التعليم الجامعي منذ نكبة 21 سبتمبر المشؤومة
من الحقائق التي باتت مؤكدة حرص عصابة الكهنوت الحوثية الشديد منذ اغتصابها للسلطة بعيدا عن النصوص الدستورية والقانونية التي وضعتها تحت أقدامها يوم صبيحة الأحد الموافق 21 سبتمبر الأسود في العام 2014م علی بث الحياة مجددا وإعادة النبض لأوردة وشرايين ثالوث التخلف الرهيب (الجهل والفقر والمرض) الذي كابد اليمانيون وناضلوا لعشرات السنين من أجل القضاء عليه منذ قيام ثورة الثورات الثورة الأم ثورة السادس والعشرين من سبتمبر الخالدة من خلال العمل الدؤوب علی تجسيد أهدافها الستة في الواقع الملموس بكل ما أوتي وأتيح للنظام الجمهوري والحكومات المتعاقبة فيه من طاقات وإمكانيات .
ولم يسلم قطاع التعليم العالي الجامعي كغيره من قطاعات التعليم الأساسي والثانوي وقطاعات الصحة والمؤسسات المالية والنقدية من العبث والتدمير الممنهج عن طريق مكونات هذه العصابة المتخلفة، فقد عمدت خلال الأربع سنوات الماضية ليس إلى تحويل التعليم الجامعي لملكية خاصة بها ، ويا ليتها حتی فعلت ذلك ، فلو أنها انتهجت ذلك لشهدنا تعليما جامعيا راقيا ومتميزا ، فالمنطق يقتضي أن يعتني البشر ويهتمون بما يملكونه ، أشد ما تكون العناية والاهتمام ، ويبذلون أقصی جهود ممكنة للاعتناء به وتنميته وتطويره والارتقاء به .
لكن هذه العصابة الكهنوتية عمدت للأسف الشديد - كما فعلت في كل مرافق الدولة وهيئاتها ومؤسساتها - مدفوعة بأعلی درجات الحقد والكراهية والبغضاء علی كل منجز من منجزات ثورة السادس والعشرين من سبتمبر الخالدة إلی نسف وتدمير كل مظاهر الجمال في هذا القطاع البالغ الأهمية الذي تصب مخرجاته بصورة مباشرة في سوق العمل في كل مجالات الحياة ، وعملت بكل جد واجتهاد علی تحويل المؤسسات العلمية من منارات للعلم والمعرفة إلی أوكار عفنة غارقة في وحل الفساد حتی أذنيها ، تنضح بفكرهم وسلوكياتهم الرجعية الشاذة العقيمة ، ومما تجدر الإشارة إليه أن هذه العصابة الكهنوتية البغيضة قد استمرت في ذلك النسف والتدمير الممنهجين في مؤسسات هذا القطاع الحيوي حتی في العام الذي شهد الشراكة الصورية المزعومة مع المؤتمر الشعبي العام ، دونما رادع أو خجل أو حياء .
وفيما يلي رصد لأبرز عشرة أمثلة واقعية ملموسة يعيشها ويحياها كل المنتمين لمؤسسات التعليم الجامعي من طلاب وموظفين وأكاديميين منذ تسلط زبانية هذه العصابة الإجرامية علی رقابهم.
1. إنشاء سلطات غير رسمية في الجامعات الحكومية موازية للسلطات الرسمية بعيدا عن النصوص القانونية والدستورية النافذة المنظمة للعمل في الجامعات الحكومية اليمنية ، من خلال إيجاد (مشرف) في كل جامعة يأتمر بأمر ما يطلقون عليه المشرف العام للتعليم العالي في مكتبهم السياسي المدعو ب (أبوكوثر) ، ذلك المشرف في كل جامعة حكومية يمتلك صلاحيات وسلطات أعظم من تلك التي يمتلكها رئيس الجامعة نفسه ، بالرغم من أن الأخير معين هو الآخر عن طريقهم وبمعرفتهم ومباركتهم أيضا ، فأي قرار يتخذه رئيس الجامعة ﻻ يصبح ساري المفعول وقابل للتنفيذ إلا عقب اعتماده من ذلك المشرف ومصادقته عليه ، وينسحب ذات الأمر علی مستوی كل كلية ، فهناك أيضا مشرف (حوثي) يمتلك صلاحيات وسلطات تفوق صلاحيات وسلطات عميد الكلية المعين هو الآخر عن طريقهم ، وينطبق ذات الأمر حتی علی مستوی رؤساء مجالس الأقسام العلمية .
2. عزل واستبعاد أي عضو هيئة تدريس من منصبه إن لم يكن متوافقا ومذعنا لإملاءات وأوامر المشرف (الحوثي)، ونتج عن ذلك تعيين مجالس كليات ومجالس جامعات موالية ومستجيبة بالمطلق وبنسبة 100% لرغبات وإملاءات المشرفين (الحوثيين).
3. فيما يتعلق بالوظائف الإدارية، تم التركيز علی تصعيد وتعيين مدراء عموم (ماليين) علی وجه الخصوص بمعيار تفاضلي وحيد وهو أن يكونوا منتمين لنفس السلالة، حتی لو لم يكونوا حاصلين علی أي مؤهل علمي يشفع لهم في تولي ذلك المنصب، وحتی لو لم يسبق لأي منهم قط في حياته أن شغل موقعا قياديا ولو في أدنی درجات السلم الوظيفي كرئيس شعبة أو رئيس قسم.
4. تعيين أمناء كليات يدينون بالولاء المطلق لنائب وزير التعليم العالي والبحث العلمي تحديدا ، ويأتمرون بأمره المباشر ، ويرفضون قطعيا تنفيذ أي أمر آخر يوجه إليهم دون عرضه عليه والحصول علی موافقته الصريحة مهما كانت الجهة التي أصدرت ذلك الأمر بما في ذلك رئيس الجامعة أو عميد الكلية ونوابهما ، ويرفع أمناء الكليات لنائب الوزير تقارير أداء يومية خطية أو شفوية عن سير العمل في كلياتهم تتضمن كل شاردة وواردة تمت خلال اليوم المرفوع عنه التقرير ، وذلك قبل أن يجلسوا علی مكاتبهم ليشرعوا بممارسة مهمام عملهم اليومية .
5. التلاعب الصارخ وعلی الملأ بالدرجات الأكاديمية والإدارية لفصل المغضوب عليهم لأسباب ومبررات غير قانونية واهية، وإحلال أشخاص آخرين من المحسوبين عليهم، ربما يحملون درجات علمية كالماجستير والدكتوراة إﻻ أنه ﻻ تربطهم أي صلة بالعمل الأكاديمي ﻻ من قريب وﻻ من بعيد .
6. تخصيص ما نسبته 10% من مقاعد القبول في أي جامعات حكومية للطلاب الذين ينتمون هم أو أولياء أمورهم للعصابة الكهنوتية، وذلك بغض النظر عن المعدلات التي حصل عليها أولئك الطلاب في اختبارات الثانوية العامة، وﻻ يخضع هؤلاء لاختبارات القبول ولا لأي أسلوب معتمد للمفاضلة بين الطلاب المتقدمين للالتحاق بأي كلية من كليات أي جامعة حكومية تخضع لسيطرتهم.
7. إلغاء العمل بقرار رئيس الجمهورية الذي ينص علی تعيين الحاصلين علی المرتبة الأولی في كل قسم علمي في أي كلية كمعيدين بالتعيين المباشر ، ودون الخضوع لشرط المفاضلة مع أي منافسين آخرين متقدمين لشغل ذات الوظيفة ، وكذلك إلغاء شرط المفاضلة بين بقية المتنافسين ، ليصبح المعيار الوحيد للتعيين في وظائف أعضاء هيئة التدريس المساعدة هو فقط الانتماء لعصابة الكهنوت ونيل الرضا السامي من المشرفين الحوثيين في القسم العلمي والكلية والجامعة.
8. إقحام مادتين سياسيتين كمتطلبات جامعية يستحيل أن يتخرج الطالب الجامعي أيا كان تخصصه العلمي إلا بعد اجتياز اختباراتهما بنجاح ، والمادتان هما الصراع العربي الإسرائيلي ، التربية الوطنية ، وهما مادتان تتضمنان فكر العصابة الحوثية الكهنوتية ، وأهم ما ورد في ملازم مؤسسها الصريع الهالك حسين بدرالدين الحوثي ، كما يعتبر الاسم الذي تم اختياره للمادة الأولى المشار إليها أعلاه بمثابة اعتراف رسمي أكاديمي بدولة الكيان الصهيوني ، الذي كان محرما في ما مضی في كل الأدبيات الرسمية للجمهورية وفقا لتوجيهات رئاسية بعدم الإشارة إليها بمسماها الرسمي الذي نشأت به ، والاكتفاء عند الضرورة بالإشارة إليها بجملة (دولة الكيان الصهيوني).
9. إنشاء كيانات نقابية خاصة بهم موازية للكيانات القانونية الرسمية المعترف بها ، والتي تم اختيارها بالانتخاب المباشر من الجمعيات العمومية لكل نقابة ، فهناك الملتقی الأكاديمي وهو كيان موازي لنقابة أعضاء هيئة التدريس ومساعديهم ، وهناك الملتقی الإداري موازيا لنقابة موظفي الجامعة ، وهناك الملتقی الطلابي موازيا لاتحاد طلاب اليمن ، مع عجز الوزير المحسوب علی (المؤتمر) التام وحتی اللحظة في ظل الشراكة المزعومة المساس بأي من تلك الكيانات غير القانونية الناشئة بالمخالفة الصارخة للنصوص المنظمة لعمل الاتحادات والنقابات الجماهيرية.
10. زرع عناصرهم داخل الحرم الجامعي لتقييد الحياة الجامعية، والتضييق علی الحريات الشخصية للأكاديميين والطلاب، وذلك علی الرغم من تمتع الأكاديميين لما هو متعارف عليه دوليا في مؤسسات التعليم الجامعي باسم (الحصانة الأكاديمية) ، وذلك بتكميم أي فم ينطق بغير ما يريدون ولجم أي لسان وقصف أي قلم يتجرأ بمجرد محاولة الكشف عن غول الفساد الذي صار يزكم الأنوف داخل أسوار الجامعات الحكومية.
د.عبد الرحمن أحمد ناجي فرحان
أستاذ نظم المعلومات الإدارية بجامعة صنعاء