قالها الآباء في 62 ويقولها الأبناء اليوم: «الجمهورية أو الموت»!
قبل ستة وخمسين عاماً كان الوطن اليمني يعيش في قبوٍ مهجور.. طريقه غامضٌ وهواه ملتبسٌ.. تاريخه نصف تاريخ وإنسانه نصف إنسان حتى أشرقت شمس الحرية في الـ 26من سبتمبر عام 1962م.. آنذاك أعلن اليمنيون للعالم أجمع بأنهم شعبٌ لا يقبل الضيم والمهانة والخنوع، كما أعلنوها اليوم في وجه عصابة الحوثي الكهنوتية التي تحاول واهمة إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء.. مستلهمين من التاريخ البطولي لآبائهم ومن تضحياتهم الدروس والعبر والإصرار على مواصلة السير على دربهم الناصع البياض حتى يتحقق النصر على هذه العصابة الإجرامية كما تحقق في الـ 26 من سبتمبر عام 1962م، وها هي بشائر هذا النصر تهل علينا من مختلف جبهات العزة والكرامة التي يسطر فيها الأبطال المآثر العظيمة والملاحم البطولية من أجل الحفاظ على الثورة والجمهورية التي سقاها آباؤهم بدمائهم الزكية.
في ذلك اليوم من عام 1962م سطر الرجال من أبناء شعبنا اليمني ملحمة تاريخية عظيمة عندما اقتلعوا أعتى وأخبث نظام سلالي رجعي متخلف لا يفقه سوى لغة القتل والسحل وتكريس سياسة التخلف والتجهيل.
في الـ 26 من سبتمبر انتصر اليمنيون لإرادتهم فكانوا بحق أحفاد عمرو بن معدي كرب الزبيدي والسمح بن مالك الخولاني وسعد بن عبادة وسعد بن معاذ وغيرهم من عظماء هذه الأمة اليمنية الخالدة التواقة للحرية والتحرر من الأغلال التي نسجها الطغاة والتي عادت حمماً وبراكين ووبالاً عليهم.
قالوا لهم: حسبكم ظلماً وعدواناً وجبروتاً، صارخين بصيحة المبصر في الزمن الأعمى عبدالله البردوني:
لماذا لي الجوع والقصف لك
يناشدني الجوع أن أسألك
أأغرس حقلي وتجنيه أنت
وتسكر من عرقي منجلك
لماذا وفي قبضتيك الكنوز
تمد إلى لقمتي أنملك
أتقتات جوعي وتدعى النزيه
فهل أصبح اللص يوماً ملك؟!
وقالوا للوطن:
لك المجد لا أحدٌ غيرك يستحق الثناء.. دماؤنا ترخص لك يا وطني
كان هدف ثوار سبتمبر 1962م سامياً.. فقد ثاروا لأجل الإنسان اليمني الذي حاول أحمد حميد الدين سلبه كرامته وإنسانيته لأنهم كانوا يؤمنون بأن الوطن هو الإنسان وبدونه يبقى الوطن عبارة عن أشجارٍ وأحجار.. لذلك قدموا أنفسهم قرابين من أجل هذا الشعب ولسان حالهم يردد
"سيدي الشعب: أي القصائد تقرأ
أي المواويل تشتاق
ضاق بنا الصحو يا سيدي والمنام"
تلك كانت ثقافة آبائنا من الثوار وذلك هو ديدنهم حين قاموا بثورتهم المجيدة..
إن 56 وردة على جبين هذا الوطن مرت لا يعرف قيمة ما تحقق فيها من منجزات إلا من عاصر الحكم الكهنوتي البغيض لآل حميد الدين الذين تعاملوا مع اليمن وكأنه ضيعة مملوكة لهم ورثوها كابراً عن كابر، وهو نفس ما تمارسه اليوم مليشيا الحوثي منذ انقلابها على إرادة الشعب واحتلالها للعاصمة واختطاف مؤسساتها.. وكما قال آباؤنا بالأمس لآل حميد الدين: "الجمهورية أو الموت" يقولها أبناؤهم وأحفادهم اليوم من رجال الجيش والمقاومة معلنين استعدادهم التضحية بالغالي والنفيس في سبيل جمهوريتهم وعزة وكرامة شعبهم.