تبرُع مليشيات الحوثي في ابتكار التناقضات والتغطية على الأحداث الوطنية التي يُجمع اليمنيون على قداستها، عبر تسخير إمكانيات مهولة لتسويق مناسباتها الطائفية المرسخة لمغالطات أحقيتها بالحكم، على حساب الاحتفال التلقائي والكبير لعموم الشعب بالعيد الحادي والستين لثورة السادس والعشرين من سبتمبر الخالدة. 

يؤكد رئيس مركز جهود للدراسات في اليمن عبدالستار الشميري، أن مليشيا الحوثي الإرهابية تمارس سياسة التجويع والإفقار، كمنهجية أساسية. ففي الذهنية الحوثية المركزية، وسيكولوجيته، تتركز أبرز المحددات الأساسية في: الفيد والجباية والقتل، وهذا منذ عصر الأئمة. 

ويضيف الشميري في حديثه لـ"2 ديسمبر"، أن المليشيات تحاول أن تسلك ذات المسلك الإمامي وبزيادة، زيادة الجهل، وزيادة سلوك قمع الناس ونهب ممتلكاتهم، ونهب كل شيء حتى الحرية. 

حاولت مليشيات الحوثي- وفق الشميري- أن تفقر حتى الطبقة الوسطى، التي تأسست منذ نهاية التسعينيات، كصغار التجار وأصحاب المحلات والمطاعم والكافيهات، والمعامل الصغيرة، ومحلات الصرافة، وهذه الطبقة هي روح المجتمع وأساس نمائه، فهي توفر الأعمال وترفع مستوى الاقتصاد الوطني، وكلما كبرت تحقق الأمن الاقتصادي والغذائي للمجتمع؛ لكنها تعرضت للتدمير من قِبل المليشيا. 

ويوضح رئيس مركز جهود للدراسات أن المليشيات الحوثية فعلت ذلك منذ اجتياحها العاصمة صنعاء، حيث مارست على الطبقة الوسطى سياسة الجبايات، فأفقرتها وجوعتها وأصبح كثير من أصحاب هذه الطبقة في صف الفقراء، على أقل تقدير، إن لم يكونوا قد وصولوا إلى ما تحت خط الفقر. 

تشمل منهجية التجويع والنهب الحوثية جميع القطاعات، ابتداء من قطاعات الدولة، ومؤسساتها، وممتلكات وأراضي وأوقاف الدولة، ثم تشمل بعد ذلك الجبايات المختلفة في 36 مناسبة دينية للمليشيات باسم الدين، والتي تستفيد منها في جمع الأموال الهائلة وادخارها للحرب وإشباع رغبات مشرفيها وقيادتها والعاملين معها. 

الجدير ذكره، بحسب الشميري، أن مليشيات الحوثي الإرهابية تمارس ذات سلوك الأئمة، لأنها ترى أن هذا هو عملها الطبيعي، وقديمًا قال أحد أئمة الملكية، عندما سُئل لماذا تُفقر وتجوع الناس، قال: "إن الله سيسألني عن الذي أُبقيه لديهم، وليس الذي آخذه منهم"، وهذه قاعدة مستقرة في السلوك الحوثي الطائفي، حتى أنها أصبحت في سلوك أفراد الحوثي وليس فقط المشرفين والقيادات. 

"الحرب" استقرار حوثي 
من جهته يقول المحلل السياسي والخبير العسكري العميد محمد الكميم، لـ"2 ديسمبر"؛ إن "المشروع الحوثي واضح منذ البداية، ومن خلال ما شاهدناه في الحروب الأولى ضد الدولة اليمنية، أنه قائم في أساسياته على الحرب، لا يتغذى ولا يتوسّع إلّا بالحرب"، وأنه لا يستطيع أن يعيش في بيئة آمنة ومستقرة. 

وأضاف العميد الكميم أن مليشيات الحوثي تفشل دائمًا في إدارة المنطقة التي تحكمها، حيث إنها ما تستقر إلا عندما تشن حروبها ضد المواطنين ومصادرة حقوقهم وأملاكهم، وقمع حرياتهم. 

وأشار إلى أن المليشيات تمارس سياسة الحرب والتجويع ضد المواطنين اليمنيين، للسيطرة عليهم وحكمهم تحت قوة السلاح. 

ويوضح أنه بإشغال المواطنين داخل صنعاء والمناطق التي يسيطر عليها الحوثي، بأنفسهم والبحث عن لقمة العيش والبحث عن احتياجات الحياة الأساسية، يسهل لهم تكريس حكمهم الإمامي وتوفير بيئة خصبة لهم، للعمل على إزاحة هوية ثورة 26 سبتمبر المجيدة. 

التجويع سياسة متوارثة 
ووفق الكميم، ففي الحروب الأولى كان الحوثي دائمًا يشتكي من المظلومية، بينما كان يحاصر المناطق والقرى الواقعة تحت سيطرته في صعدة حصارًا شديدًا بالمواد الغذائية، والمشتقات النفطية. 

موضحًا أن الحوثي كان يقوم في تلك الفترة بإنشاء نقاط مسلحة لا تسمح بدخول تلك المواد بسهولة إلى بعض مناطق صعدة، وكان يأخذها بالقوة ويقوم ببيعها لصالحه. 

ومن أساليب المليشيات الحوثية، في التجويع والإفقار ضد أبناء صنعاء والمناطق الرازحة تحت سيطرتها، استحداث نقاط مسلحة تمنع دخول المشتقات النفطية والغاز المنزلي والمواد الغذائية والطبية، كما كانت تفعلها وتمارسها في صعدة، حيث تقوم عبر نقاطها المسلحة بأخذ تلك المواد بقوة السلاح والتحكم في بيعها لتحقيق مكاسب مالية لقياداتها من جهة، وتعزيز فرض قبضتها من جهة ثانية، بالإضافة إلى رفع الجبايات بشكل مستمر ضد التجار والقطاع الخاص. 

التجهيل عقيدة أيدلوجية 
ويُعد تجهيل الناس في المناطق التي تسيطر عليها مليشيا الحوثي المدعومة إيرانيًا، فكرًا متأصلًا وعقيدة راسخة لدى المليشيات الكهنوتية منذ سنوات طويلة، كما يتفق الشميري والكميم، إضافة إلى تعاملهم مع الناس بوصفهم أقل شأنًا ومكانة، وأن حصتهم من الغذاء هي الفُتات لكي لا يموتوا ويبقوا منشغلين في البحث عن لقمة العيش، وغير قادرين على مواجهة فكر المليشيات الطائفي والسلالي. 

وترى المليشيات على الرغم من احتلالها إدارات وموارد الدولة في مناطق سيطرتها، أن لا علاقة لها بتوفير أساسيات واحتياجات المواطن المعيشية والتعليم، وصرف رواتبهم، وإنما جاءت لتنهب وتجوّع وتفسد وتستبيح كل ما يروق لها. 

 

أساليب إرهابية 

وتتعدى المليشيات الحوثية، وفق العميد الكميم، كل أساليب الإرهاب، مستنكرًا: كيف لها أن تعيش في ثراء وتقوم بتجويع شعب بأكمله؟! 

ويضيف: تمارس المليشيات في مناطق سيطرتها وفي مختلف المحافظات اليمنية، أعمالًا منافية للعقيدة الإسلامية وللفطرة السليمة، وللأخلاق والسلوك البشري الطبيعي، حيث إن سياسة التجويع أسلوب مليء بالخباثة لا يمكن مشاهدته إلا في الروايات والأفلام. 

 

وعندما يسرق وينهب رئيس ما يسمى المجلس السياسي للمليشيات، مهدي المشاط، فهو ينفذ أوامر سيده زعيم العصابة الحوثية عبدالملك الحوثي، مستندين إلى معتقداتهم بأن أموال المخالفين حلال ومستباح، وأنه من أخذها لا يجب عليه إرجاعها، بل ويعتبرون ذلك جهادًا في سبيل حربهم ومشروعهم الطائفي. 

 

جهل مركب 

تقوم المليشيات بنهب وجمع تريليونات الريالات من أموال وموارد الدولة، لتغذية أهدافها وحربها، وجيوب قاداتها، والعمل على تجهيل اليمنيين، وتلغيم عقولهم بأفكارها الإمامية والسلالية من خلال الملازم الطائفية التي تقوم بطباعتها بالمليارات، والمراكز الصيفية، التي تسخر لها إمكانيات هائلة، كما يؤكد محمد. 

وتسعى المليشيا الإرهابية الحوثية، من خلال ذلك، لإعادة اليمن إلى حكم الإمامة، وتحويل الشعب اليمني إلى عبيد في خدمة سلالة معينة، ويغرقهم في فقر مدقع وجهل مركب. 

 

العودة للعصور الوسطى 

وفي السياق ذاته، يؤكد عضو اللجنة المركزية في الحزب الاشتراكي اليمني الدكتور عبدالرحمن الأزرقي، أن مليشيات الحوثي تستخدم سياسة تعود إلى العصور الوسطى كسياسة التجويع والتجهيل والإفقار، وهي أبرز مرتكزاتها. 

وأضاف الأزرقي، لـ"2 ديسمبر"، أن التحدث عن الوفرة الاقتصادية والتنمية وحقوق الإنسان والحريات، من القيم المضادة والمناقضة لطبيعة تكوين المليشيات، باعتبارها جماعة تنتمي لقرون مضت فيها مراحل اللا دولة واللا تعليم واللا صحة، وكانت في كثير من الدول، منها الإمامة التي حكمت اليمن في فترة سابقة، وقضت عليها ثورة السادس والعشرين من سبتمبر. 

وأشار إلى أن واجبات الدولة الحديثة والقوانين والمعاهدات الدولية والعالمية، تعد أمورًا بعيدة كل البعد عن مفاهيم حكم المليشيات الحوثية.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية