تبدو الحياة في العاصمة صنعاء وبقية المناطق المختطفة مقلقة للغاية في ظل ممارسات ميليشيا الكهنوت الحوثي، ويعيش السكان تحت الخوف والتهديد والعنف الذي تُمارسه الميليشيا ضدهم.

 

المساجد باتت في زمن الميليشيا الحوثية غير آمنة وتتعرض للاقتحام وإشهار السلاح في وجوه المصلين، حيث وضعت الميليشيا يدها على مجمل المساجد وتوزع عناصرها لتأدية الصرخة التي استوردتها الميليشيا من إيران، وتفرض على المصلين تأدية الصرخة تحت تهديد قوة السلاح الذي لا تتوانَ عن إشهاره في وجه من يرفض الصراخ.

 

الكثير من الناس باتوا لا يؤدون الصلاة في المساجد خشية تعرضهم للخطر، ويتجنب أخرون الوقوع في النفاق جراء إجبارهم على الانصياع لإملاءات الميليشيا التي لم تراعِ حرمة بيوت الله.

 

خرج الحاج محمد حسين من المسجد بعد صلاة الجمعة الماضية ووجد عناصر ميليشيا الحوثي تسد مخارج المسجد وتطلب من المصلين الوقوف في صفوف منتظمة وترديد الصرخة والتعبير عن تأييدهم لميليشيا الحوثي التي تتهم من يرفض بالعمالة لأميركا وإسرائيل وأنهم يؤيدون ما يقوم به التحالف بما تسميه الميليشيا بالعدوان.

 

هذا الحاج المسن والبالغ من العمر 70 عاماً حسب قوله وجد نفسه غير قادر على الخروج من المسجد والعودة إلى منزله، ولم يكن أمامه سوى العودة إلى صرح المسجد ورفع يديه يدعو على هذه الميليشيا ويناجي ربه بممارساتها العبثية التي طالت حتى بيوت الله، اقتربنا من هذا الرجل ذي اللحية البيضاء الطويلة والنور يُشع من وجهه، وتستحي أن تتحدث إليه إلا بالخير وبكلام هادئ يسوده الأدب والاحترام نظير هذا الوقار الذي يسكن هذا الرجل السبعيني.

 

بعد أن اقتربنا منه سمعناه يدعو والدموع تملأ عينيه، وعندما رآني جلست إلى جواره التفت إليّ قائلاً: "ما رأيك بما يحدث؟.. أنتم الشباب.. هل ستستمعون لكلام هؤلاء الجهلة؟".

 

رددت عليه: "لا.. فهؤلاء لا ينضم إليهم سوى الأميين، أما المتعلمين يُدركون مشروعهم الكهنوتي القائم على التجهيل والاستعباد".

 

تبسم الحاج حسين وقال: "الحمدلله أن ثمة من يعرف حقيقية هؤلاء.. لكن يا ولدي إلى متى سنستمر ندفن رؤوسنا في الرمال، فمثل هؤلاء الذين يريدون أن يحكمونا ويستعبدونا بالقوة لا يمكن أن نتحرر منهم إلا بالقوة، يا ولدي هؤلاء جماعة إجرامية انتهكت كل الحرمات حتى بيوت الله، وتقول إنها تصرخ لتبرأ من اليهود والنصارى وتمارس في حقنا ما لم يمارسه اليهود والنصارى، يأتي هؤلاء إلى المساجد ليس للصلاة وإنما لإذلال الناس وإرهابها من أجل ضمان إخضاع الناس لسلطتها القائمة على الظلم والاستعباد وانتهكاك كرامة الإنسان الذي كرمه الله.. قال تعالى: {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا}.

 

دروس وعبر يكتنزها هذا الرجل الذي يقول إنه تعلمها من الزمن، فقد عاصر الإمامة والجمهورية ورأت عيناه وسمعت أذناه ما يجعله يسرد لنا تفاصيل 7 عقود عاشها اليمنيون كان أسوأها عهد الحكم الإمامي الذي تحاول ميليشيا الحوثي استعادته الآن، ويكشف الحاج محمد حسين أن زمن ميليشيا الحوثي هو الزمن الأكثر سوءاً من زمن الإمامة، حيث تمارس الميليشيا نفس أسلوب الإمامة المتصلة بها نسباً وتزيد عليها بأنها دمرت تاريخ شعب وأهدرت ثرواته وسخرتها لصالحها ودمرت بنيته التحتية التي بناها النظام الجمهوري، وتعمل الميليشيا على تدمير التعليم وتسعى إلى تجهيل الشعب، والواقع يحكي كل هذه الممارسات التي بات يعرفها تماماً كل يمني.

 

هذه الممارسات العبثية المتمثلة بالقمع والتهديد ضد الشعب اليمني تبلغ الآن ذروتها، وفي ذلك يقول أحد الناشطين السياسيين لـ"وكالة 2 ديسمبر": "إن زيادة حدة الانتهاكات المختلفة التي تمارسها ميليشيا الحوثي ضد المواطن اليمني تأتي بسبب شعور الميليشيا بأنها لم تعد قادرة على حشد الناس للقتال معها ومناصرتها والتظاهر والاحتفال معها، إلى جانب التقدم الذي تحققه قوات المقاومة المشتركة في الساحل الغربي، الأمر الذي يزيد من قلق ميليشيا الحوثي التي لم تجد طريقة أو أسلوباً للتعامل مع الناس  واستمالتها للوقوف في صفها، وبأسلوب غبي يكشف ثقافتها لجأت إلى القوة لإذلال الناس، إلا أن ذلك لن يستمر طويلاً".

 

بات اليمنيون ينظرون إلى نهاية ميليشيا الحوثي التي عاثت في الأرض فساداً، ويرون أن هذه النهاية السيئة باتت قريبة، وسيكون للجياع وللمقهورين والمغلوبين كلمتهم في القضاء على ميليشيا الكهنوت، فاليمني معروف عنه أنه يرفض الظلم والذل والهوان، وثورتي 26 سبتمبر و14 اكتوبر خير دليل على ذلك.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية