عاودت مليشيا الحوثي الإرهابية، وبوتيرة عالية، مخططها لتصفية الكادر الوظيفي وحوثنة مؤسسات الدولة بسلسلة من الإجراءات التعسفية، ابتداء من الفصل والتسريح المبكر للتقاعد، ورفض صرف المرتبات، وما تلتها من تعميمات وقرارات طائفية على رأسها مدونة السلوك الوظيفي العنصرية.

منذ ما يربو على ثماني سنوات، ترفض المليشيا المدعومة إيرانيًا صرف مرتبات الموظفين، بعد عمليات تجريف وحوثنة واسعة للوظيفة العامة للدولة، شملت مختلف المستويات الوظيفية القيادية العليا والتخصصية والعادية، حيث تعرض الآلاف من الموظفين من ذوي الخبرات للفصل التعسفي والتسريح من العمل والإحالة المبكرة للتقاعد، وتعيين بدلاء عنهم ممن ينتمون للجماعة أو يدينون لها بالولاء.

وبعد تصاعد المطالب بضرورة صرف المرتبات، استأنفت المليشيا الحوثية عمليات فصل آلاف الموظفين العموميين من قوائم الخدمة المدنية، في خطوة استباقية لحرمان المناهضين لها والنازحين من رواتبهم المنقطعة منذ ثمانية أعوام، في حال تم الاتفاق على صرفها، فيما يتعرض البقية للتهديد بالمصير نفسه لإرغامهم على السكوت وعدم الانضمام للحركة المطالبة بالمرتبات.

وأكدت مصادر مطلعة في العاصمة المختطفة صنعاء، أن وزارة الخدمة المدنية، التي تسيطر عليها المليشيا، وجّهت جميع الجهات الواقعة تحت سيطرتها بإعداد قوائم بأسماء الموظفين الذين يستحقون الرواتب، وإسقاط كل من رفض العمل بعد أن انقطعت الرواتب نهاية عام 2016، أو من اضطروا للنزوح إلى المناطق المحررة.

وبدأت عدد من الجهات بتنفيذ التوجيهات الحوثية، حيث أقدم القيادي الحوثي المدعو "علي العماد" على فصل 29 موظفاً من الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بصنعاء- غير المعترف به- بذريعة انقطاعهم عن العمل لأكثر من عشرين يوماً متتالية.

كما أقدمت المليشيا على فصل 30 موظفاً من موظفي مصنع إسمنت عمران، بذريعة رفضهم الاشتراك في "الدورات الثقافية" التي تقيمها الجماعة لكل موظفي القطاعات والمؤسسات الخاصة والحكومية، فيما قامت إدارة المصنع المعينة من المليشيا بإحلال ثلاثين عنصراً من أفرادها بدلاً عن الموظفين المفصولين.

وأعلنت المليشيا الإرهابية، كذلك، عن تنفيذ عملية تحديث وتطوير البيانات الوظيفية بقاعدة البيانات المركزية لكافة موظفي الدولة، في إشارة تهديد للموظفين المحتجين والمضربين عن العمل بأن عصا الفصل الحوثية قد تطالهم إن استمروا في احتجاجاتهم.

ووجّهت المليشيا الحوثية تعميماً دعت فيه كافة مسؤولي وحدات الجهاز الإداري للدولة، للسلطتين المركزية والمحلية والوحدات الاقتصادية والمستقلة والملحقة والصناديق الخاصة في الحكومة غير المعترف بها، إلى إلزام الإدارات المختصة بسرعة الاستجابة وتحديث بيانات الموظفين ليتم ربطها بقاعدة البيانات المركزية آلياً عبر ما تسميه النافذة الإلكترونية.

وتستهدف العملية الحوثية استبعاد آلاف الموظفين وإسقاط أسمائهم من كشوفات الراتب، الذي قالت إن تغذيته ستتم عبر قاعدة بيانات المرتبات وفقاً للمتغيرات الوظيفية والجديدة.

وبحسب التعميم، فإن عبث الحوثيين بسجلات الوظيفة العامة سيطال ملفات كافة موظفي الجهاز الإداري للدولة وشغل الوظيفة منذ العام 1996 حتى اليوم، وسيتم التعامل مع الموظفين وكأنهم تقدموا بطلبات التوظيف حديثاً، حيث سيرتكز تحديث البيانات المزعوم على مراجعة المؤهلات، وتاريخ الميلاد، وتاريخ التعيين والوفاة للمتوفين والانقطاع والإيفاد والتفرغ والإعارة والإجازات والعلاوات وأحقيتها، وغيرها من البيانات ذات الأثر المالي.

وتتضمن الحيلة الحوثية مطالبة موظفين تزيد مدة خدمتهم عن عشرين عاماً بتعميد مؤهلاتهم الدراسية، إضافة إلى مطالبة أسر الموظفين المتوفين منذ سنوات بموافاتها بآخر إصدار لبطاقة المتوفى، وعراقيل تتمثل في ضرورة تطابق تاريخ الميلاد في الهوية الشخصية مع التاريخ في المؤهل، ناهيك عن التدقيق في الأسماء الرباعية والألقاب، وجميعها ذرائع لفصل دفعة جديدة من الموظفين، في مسعى حوثي للإجهاز على ما تبقى من كوادر الجهاز الإداري للدولة.

واعتبرت مصادر مطلعة التحركات الحوثية، في إطار مساعي المليشيا لإسكات الاحتجاجات الحقوقية للموظفين، إضافة إلى كونها ضربة استباقية للعبث بكشوفات الموظفين (2014م)، تمهيداً لاحتمال حدوث اتفاق قريب بين الحكومة والمليشيا على صرف الرواتب ضمن خطوات إنسانية أخرى للدخول في محادثات السلام.

وكشف الاتحاد العام لنقابات عمال اليمن، في بيان صادر عنه، عن مساعٍ حوثية جديدة لفصل موظفي الوحدات الاقتصادية العامة المستقلة، وحرمانهم من مرتباتهم.. مناشداً البرلمان المختطف في صنعاء بالتدخل لدى مليشيات الحوثي لمنع تسريح عشرات الآلاف من الموظفين.

وهجّرت المليشيات الحوثية الآلاف من الموظفين قسرياً، والآن تسعى لفصلهم بحُجة عدم تواجدهم في المناطق الخاضعة لسيطرتها، كما يقبع في معتقلاتها الآلاف من المختطفين ممن ستشملهم قرارات الفصل.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية