معلم أفنى حياته في تعليم الأجيال تكافئه مليشيات الحوثي بالموت جوعا
تتعدد وسائل الموت الحوثية لتغدو خطرا وجوديا يهدد المجتمع المدني برمته، وكأن النجاة منها يكاد يكون أمرا مستحيلا.
فتحت عناوين عديدة تتنوع مسميات وطرق ووسائل مليشيات الحوثي في قتل المدنيين ما بين قنص أو قتل تحت سياط جلاديها أو موت بألغامها الأرضية أو الموت جوعا بعد أن قطعت مرتبات آلاف الموظفين ودفعت بهم إلى مواجهة ظروف شتى من المعاناة التي لا يمكن وصفها.
يوم أمس سجل واقعة جديدة لقتل أحد هؤلاء الذين حال بهم المصير إلى الموت جوعا بعد أن أغلقت أمامهم كل سبل البقاء على قيد الحياة.. إنه أستاذ وتربوي أفنى حياته في تلقين أجيالنا أبجديات الحرف لترد له مليشيات الحوثي الجميل " الموت جوعا".
كان خالد الخليفي معلما مثاليا لمادة اللغة العربية وعصاميا معتمدا على نفسه في تسيير شؤون حياته وحياة أسرته، لقد كان رجلا مثاليا في كل شيء وكانت حياته تسير على نحو جيد إلى أن اجتاحت مليشيات الحوثي للمدن اليمنية أواخر العام 2014 وما خلفه ذلك من دمار طال جميع أجهزة وأركان الدولة لتختم مساوئها بسرقة مرتبات الموظفين لتمويل حروبها العبثية ضد أبناء الشعب اليمني.
لقد كانت سرقة المرتبات شديدة الوطأة على العديد من الموظفين، وأثرت على حياة الآلاف ممن كان راتبهم الشهري يمثل بالنسبة لهم أمل الحياة.
أما خالد الخليفي فقد كانت بالنسبة له الطامة الكبرى فهو لا يملك دخلا آخر وليس له غير الله لتسيير شئون حياته، لذا تسبب إيقاف مرتبه في تراكم الإيجارات الشهرية فعجز عن دفعها، فما كان من المالك سوى طرده من منزله ليدفع به إلى الشارع دون رحمة.
بذل المعلم العصامي جهودا شتى في الحصول على مسكن مؤقت يقيه وأسرته حرارة الصيف وبرودة الشتاء، لكنه وجد كل الفرص قد سدت في وجه.
فما كان له من خيار سوى توزيع أطفاله الخمسة على أقاربه ثم أوصل زوجته إلى أسرتها أما هو فقد اختار جسر جولة 45 ليكون له مسكنا مؤقتا، مفضلا ذلك على أن يكون عرضه لابتزاز المؤجرين الجشعين الذين انتزعت من نفوسهم الرحمة.
كانت النكبة التي حلت عليه شديدة الوطأة وكان المصير الذي آلت إليه أسرته سيئا لا يتمنى أحد حدوثه.
كان تفكيره بأسرته شغله الدائم وكان مستقبل أطفاله لا يفارقه لذلك لم يقدر على تحمل ذلك، ففاضت روحه الطاهرة إلى بارئها تاركا أسرته بمفردها تواجه مصيرها المجهول.
لقد توفي خالد قهرا وألما في هذا الزمن الموغل بالتوحش الحوثي وهو بالطبع لن يكون الأول أو الأخير فسيلحقه في ذلك الآلاف إذا لم يتم سحق هذه الحركة الإرهابية وإنهائها من الوجود.