محمد وأحمد الصلوي صديقان يعملان في الراهدة كحمالين لأكياس القمح من متاجر الجملة إلى سيارات النقل التابعة لتجار التجزئة.

 

إنهما يقومان بهذا العمل بشكل يومي من أجل الحصول على المال ولو كان زهيدا لشراء الطعام لأسرتيهما منذ اجتياح مليشيات الحوثي للمدن اليمنية أواخر العام 2014 م.

 

كانت هذه الفرصة هي الوحيدة التي أتيحت لهما للحصول على عمل بعد أن بات الحصول على ذلك أمرً غير ممكن للكثير من عمال الأجر اليومي.

 

لكن صلف المليشيات وهمجية عناصرها لا يتركون لأحد الحصول على نقطة أمل في ذلك الجو الملبد بالإحباط العام، فقامت باعتقال محمد بادئ الأمر على أنه عميل يتولى رفع إحداثيات مواقع المليشيات العسكرية وإرسالها لطائرات التحالف العربي.

 

أثناء التحقيق معه ورد اسم احمد كزميل يشاطره تعبا يوميا يمتد لعشر ساعات لأجل توفير لقمة العيش لأسرتيهما، وكشاهد على مدى التزامهما في العمل الذي يقومان به وعدم مغادرته نهائيا.

 

لكن ذلك لم يشفع لهما فوجهت مليشيات الكهنوت مذكرة اعتقال أخرى بحق زميله، وبعثت طقما عسكريا لجلبه والتحقيق معه.

 

تصادف وصول الطقم العسكري ظهراً مع ذهابه لتناول وجبة الغداء، وعندما عاد إلى عمله أبلغه أحدهم بان عناصر المليشيات جاءت تبحث عنه دون معرفة السبب.

 

لم يحاول أحمد الفرار أو الاختباء، وفضل الذهاب بنفسه إليهم، فهو يعلم مدى براءته.


ذهب وهو على ثقة بأن الإجراء سيكون سريعا وسيعرف عناصر المليشيات مدى الخطأ الذي وقعوا فيه، لكن ذلك لم يكن سوى مقدمة لمتاعب نفسية وبدنية استمرت عدة أشهر.


كان التحقيق والتلفظ بألفاظ سوقية والسب وتوجيه الشتائم لهما يتم بشكل يومي، ورغم نفيهما كل ما اتهما به إلا أن عناصر المليشيات استمرت في احتجازهما لأيام في مبنى خصص للاعتقالات في المنطقة.


بعدها تم تحويل ملفهما إلى مدينة الصالح في منطقة الحوبان، وهناك تم فتح تحقيق جديد، حاول خلاله المحققون إجبارهما على الاعتراف بالتهم المنسوبة إليهما.


استمرت إجراءات التحقيق عشرة أيام، وعندما لم يحصلوا منهما على شيء، تم تحويلهما إلى سجن كبير يقضي فيه السجناء فترات سجن غير محددة بفترات زمنية.

 

امتدت فترة الاعتقال ثلاثة أشهر في ذلك المعتقل بحث خلالها أقرباؤهما عنهما في كل مكان دون جدوى.

 

وأثناء فترة البحث، تكشفت خيوط رفيعة عن احتمال احتجازهما في منطقة الحوبان حيث باتت نقطة اعتقال لكل المختطفين من مناطق محافظة تعز.

 

بعد أسبوع من إنكار عناصر المليشيات بوجودهما في المعتقل علم أحد أقربائهما من أحد العناصر بأنهما بالفعل موجودان، وقد يستمر احتجازهما عدة أشهر رغم عدم ثبوت ما نسب إليهما من تهم.

 

بذل كل ما في وسعه لإخراجهما من المعتقل وعودتهما إلى أسرتيهما لكن ذلك كان يواجه بعراقيل يومية، وإجراءات تعجيزية هدفها الحصول على فدية مالية.

 

في نهاية المطاف طلب منهم وسيط دفع مبلغ 500 ألف ريال لإطلاق سراحهما، لكن المفاوضات الشاقة التي أجراها لاحقا خفضت المبلغ إلى 300 ألف ريال غير قابل للتفاوض.

 

ويظهر من ذلك لعبة قذرة يتوزع أدوارها عناصر المليشيات حيث يقوم أحدهم بالتبليغ عن الشخص المعتقل فيما يقوم المحقق بإخبار المعتقلين أن الاعتقال جاء بناء على بلاغ أمني حتى تكتمل القضية وكأنها في سياق قانوني صحيح.

 

والهدف من ذلك هو اعتقال الناس بتهم كيدية ثم الإفراج عنهم مقابل الحصول على فدية ورشوة مالية توزع عائداتها المهولة على أعضائها النهمين للحصول على المال والتربح غير القانوني.

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية