تبرز قضية انهيار العملة الوطنية بأنها الأكثر سخونة والشغل الشاغل لكل اليمنيين، ويهتم كل مواطن في اليمن حتى البسطاء بهذه القضية التي تلامس واقعهم المعيشي وتهدد حياتهم، خاصة أن ذلك يزيد من التضخم، وبات اليمنيون ينامون على أسعار ويصحون على أسعار مختلفة، حيث تشهد ارتفاعات بصورة يومية.

 

هذا التدهور الذي تشهده العملة الوطنية "الريال" له مسببات إلى جانب انعدام مصادر النقد الأجنبي، وأبرزها الممارسات التي تقوم بها ميليشيا الحوثي والتي تقود إلى مزيد من انهيار الريال أمام العملات الأجنبية.

 

"وكالة 2 ديسمبر" حصلت على العديد من المعلومات التي تكشف ممارسات ميليشيا الحوثي التي تسببت في انهيار الريال، وتقول هذه المعلومات إن ميليشيا الحوثي والبنك المركزي بصنعاء يمارسون العديد من المخالفات القانونية، ومنذ أن انقلبت الميليشيا على الدولة نهاية العام 2014 قامت بمخالفة القانون واستنفدت الاحتياطي من النقد الأجنبي بصورة عبثية، في حين أن هذا الاحتياطي يمثل غطاءً قانونياً يسهم في الحفاظ على العملة الوطنية من الانهيار.

 

وفي ذلك يقول الباحث الاقتصادي رشاد عبد الرحمن لـ "وكالة 2 ديسمبر" إن هناك مسلمات ثابتة في العلوم الاقتصادية والمالية في العلاقة بين احتياطات النقد الأجنبي للبنك المركزي لأي بلد وبين قيمة العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية، فكلما انخفض رصيد الاحتياطي الأجنبي للبنك المركزي ارتفع سعر صرف العملات الأجنبية مقابل العملة الوطنية وكذلك العكس، وفي اليمن يُعاني البنك المركزي اليمني من نفاد احتياطه من النقد الأجنبي الأمر الذي تسبب في انهيار قيمة الريال اليمني أمام الدولار والعملات الأجنبية الأخرى.

 

وفي ذات السياق تقول مصادر اقتصادية إن البنك المركزي اليمني بصنعاء والخاضع لسيطرة ميليشيا الحوثي يقوم بتسييل الاحتياطي الأجنبي إلى ريال وإقراض الميليشيا من خلال السحب على المكشوف، مما أدى إلى انخفاض الاحتياطي الأجنبي والذهب للبنك المركزي من أكثر من ترليون ريال إلى 75 مليار ريال، بعد أن كان في العام 2014 يُقدر بـ 1,002 مليار ريال، وفي العام 2015 قُدر بمبلغ 450 مليار ريال، وفي العام ‏2016 تراجع إلى 122 مليار ريال، لينخفض بصورة كبيرة في العام ‏2017 ليتراجع إلى 75 مليار ريال، مما أدى إلى انهيار الريال أمام الدولار وبقية العملات الأجنبية.

 

‏وبلغة الأرقام فقد ارتفع رصيد سحب الحكومة على المكشوف من 761 مليار ريال في العام 2014 إلى 1,524 مليار ريال في العام 2015، وفي العام ‏2016 بلغ 2,225 مليار ريال، وفي ‏2017 بلغ 2,650 مليار ريال، ومن هذا المنطلق فإن هذه الممارسات التي تقوم بها ميليشيا الحوثي مخالفة للمادة 32 من قانون البنك المركزي اليمني التي حددت سقف سحب الحكومة على المكشوف في حدود 500 مليار ريال فقط، ‏وكذلك مخالفة للمواد المتعلقة بالاحتياطي الأجنبي للبنك المركزي ومواد طباعة العملة.

 

وتُشير المعلومات التي حصلت عليها الوكالة إلى أن من المخالفات القانونية أيضاً الدين العام والسحب على المكشوف، وفي هذا الصدد يؤكد أحد خبراء الاقتصاد لـ "وكالة 2 ديسمبر" أنه كلما ارتفع ‏الدين العام بصورة عامة والسحب على المكشوف للحكومة بصورة خاصة يرتفع سعر صرف الدولار مقابل الريال اليمني والعكس، وهذه العملية تُعد مخالفة قانونية، حيث يخالف ذلك المادة 32 من قانون البنك المركزي اليمني رقم 14 لسنة 2000.

 

وفيما يخص الموازنة العامة، فكلما حققت الموازنة العامة للدولة فائضا ارتفعت قوة الريال أمام الدولار والعكس، كلما حققت الموازنة عجزا لجأت لتمويل العجز بالسحب على المكشوف من البنك المركزي ومصادر تمويل العجز الآخر (الدين العام).

 

وفيما يتعلق بطباعة المزيد من العملة الوطنية في ظل غياب الغطاء القانوني المتمثل بالنقد الأجنبي، خاصة أن طباعة المزيد من العملة المحلية يزيد من المعروض من العملة الوطنية (الريال)، وبالتالي يزداد الطلب على الدولار والعملات الأجنبية الأخرى، وفي ذلك فإن على البنك المركزي التحكم في الكتلة النقدية من العملة الوطنية والاحتفاظ بما يعادلها من العملات الأجنبية.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية