لم يدع اليمنيون هذا اليوم يمرُّ دون تخليد، وهو المرتبط في أذهانهم وتاريخهم النضالي الضارب في عمق القِدم، بواحدة من أكبر الملاحم الأسطورية التي خاضها الأجداد لإرساء مداميك الجمهورية، وطمر حقبة الكهنوت الغاشم، انطلاقًا من كسر حصار السبعين يومًا ورفع راية الجمهورية.
 
ففي مثل هذه الأيام من فبراير، عام 1968م، كتب القدر ميلادًا جديدًا لليمن، عندما هيأ الظروف والأسباب من كنف الإصرار والصبر لكسر حصار السبعين يومًا؛ الحصار الذي ضربه الكهنوت الإمامي منذ الـ28 من نوفمبر 1967م، حتى الـ7 من فبراير، لوأد ثورة الـ26 من سبتمبر ورموزها داخل صنعاء، لكن مشيئة الثورة جاءت برياحها عكس ما يشتهي الكهنوت.
 
هذا التاريخ المرتبط بجولة ملحمية أسطورية ولِدت من رحمها جمهورية اليمنيين بألوانها البراقة، يستدعي التوقف عنده اليوم في الوقت الذي يقارع  الجميع نسخةً إمامية غاشمة تُعد امتدادًا للكهنوت ذاته، وذلك لاستلهام الدرس الذي حاكه الأجداد بصبر وصرامة؛ إيمانًا بقدسية معركتهم، واتخاذ المناسبة فرصةً ملائمةً لمراجعة الحسابات وتعزيز وحدة الصف.
 
إن اليمن، وهي تنافح وتكافح للحفاظ على هويتها الجمهورية، تحتاج إلى تآلف شعبي وسياسي وحزبي جامع، يُعلي فيه الجميع مصلحة البلد ومصيره على كل مصلحة، وتتحد كل الفرق والأطراف على قاعدة إذابة الفوارق وتغليب المصلحة العليا للبلد؛ لخوض معركتهم المصيرية بكل صدق حتى استعادة الجمهورية التي يمزقها عملاء إيران اليوم بفوضى الطائفية وادعاءات الحق الإلهي.
 
 وبما أن التاريخ يعيد نفسه؛ فإن الحصار الكهنوتي الذي أطبقته الإمامة على الثوار طيلة 70 يومًا، ها هو يُفرض اليوم على ملايين اليمنيين في تعز من قِبل النسخة الأسوأ للإمامة (مليشيا الحوثي) للسنة الثامنة على التوالي، بما ينطوي عليه من قهر وحرمان وإصرار على القتل والأذى والإرهاب؛ ما يحتم على الجميع الوقوف عند هذا الأمر بتمعُّن، ومراجعة الحسابات والمُضي سوية لاستكمال معركة النضال الوطني حتى استعادة الدولة وعاصمتها التاريخية صنعاء.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية