الصراع الذي قاده نيرون ضد العملة ومحاولته، بل استحواذه على كل شيء، هو ذات الصراع والاستحواذ الذي يقوده الحوثي ضد العملة في  صنعاء وبذات النمط، وهو لسلب كل شيء، لصالح مشاريعه وملذاته.
 
المصير الذي لقيه أتباع المسيح في روما بعهد نيرون، هو ذات المصير الذي يلقاه كل معارض للكهنوت الحوثي من المذاهب والأقليات؛ بل من كل الشعب.. التنكيل بمختلف الأساليب القذرة.
 
عندما كانت روما تحترق، كان نيرون يعزف على قيثارته، وكان يحب البقاء دوماً على مسرح الأحداث ولما لم يجد من ينكل به أحرق العظيمة روما وطفق يعزف بقيثارته فيما روما العظيمة: روما تحترق.
 
يشعر عبدالملك كما شعر نيرون ألّا أحد يحبه؛ لذا وجب عليه أن يبقى، كل وقت، متداولاً وفي الصدارة وبأفعال وحشية، وهذا ينطبق على عبدالملك، الرجل الأخرق الذي صار بهلواناً يقدم العروض والكلمات، أمام الجماهير، وكل ذلك تعويضاً للحب الذي يفقده، نفسه العميقة تدرك الحقيقة وتحاول هذه النفس ألا تتنفس بعمق لتدرك الحقيقة؛ فالحقيقة قاتلة وموجعة وكل هذا التزلف الجماهيري ليس سوى خديعة تنتظر أن تدوسه ذات يوم، وهذا هو سر كل طاغية..
 
الطاغية الذي يفشل في حب الجماهير له، يأخذهم بالوحشية، والرعب، وهذا ما يرتكبه عبدالملك، من الخُمس إلى تغيير المناهج والمدونات الأخيرة، وأشدها حدثاً ما تسمى "مدونة السلوك الوظيفي'؛ فهو أراد ويريد ألا يكون أي شيء على المسرح سواه، وعلى الناس فقط وحتى هم في وظائفهم أن يقدسوه فقط، وعلى أسِرة نومهم، فهو يعاني الجفاف، يريد ملء روحه بهالة ولو مصطنعة من الشعب، عبر الرعب.
 
عبدالملك طاغية، طاغية من نوع مختلف، وأنا ضد الذين سيقولون توقف عن تزكيته ليكن بمثال أباطرة كبار، بل هو منهم، أدمى وأوحش البلاد، وقياسي ليس شرفاً له، وما عليه في آخر الأمر سوى إحراق صنعاء ليدرك الناس هذه الحقيقة، وما قصفه المتواصل على المدن الحية إلا مثالاً حقيقياً عن جنكيز خان الذي أحرق المدن، وقام هكذا بلفتة نظر وأمر بقتل مدن بأكملها، مدن كثيرة، والفارق أن الجنكيز قتلهم، أولئك الناس، دفعة واحدة وبالسيف، وعبدالملك يقتلهم تقسيطاً وبالقذائف والصواريخ والقناصات، لكن الموت هو الموت، بسيف أو بندقية، ومدينة مثل تعز خسرت من الرجال والنساء قرابة خسارة مدينة مرو أو غزنة وحاضرة الخوارزمي في حروب جنكيز، وقال المغولي بدعوته: أنا ابن الشمس.. وذهب يغرق العالم بالدماء.. كما يقول عبدالملك: أنا ابن النبي ويغرق العالم بالدماء.. فالدعوة واحدة..
 
الضحايا هم الضحايا، والقتل ذاته هو القتل، والقادم منه أبشع.

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية