يقطع الكفيف أسامة محمد، مسافة خمسين كيلو من قريته الريفية بلحج نحو مديرية خور مكسر بعدن، حيث يدرس في المستوى الثالث تخصص علاقات عامة بكلية الإعلام بعدن، وهو الكفيف الوحيد الملتحق حاليًا بهذا التخصص.
 
يقول أسامة الذي يصل إلى الكلية وحيدًا باحثًا عن التعليم، إن الإعلام كان طموحه منذ زمن، ورغم بُعد المسافة وظروف التنقل، فضّل ملامسة الحلم بأنامله، رافضًا الالتحاق بكليات في لحج مثل الزراعة والتربية اللتين تقعان على مقربة من مسقط رأسه، وهو ينطلق يوميًا إلى عدن بتشجيع أسرته التي تسانده للوصول إلى هدفه. 
 
وأضاف، متحدثًا لوكالة "2 ديسمبر"، أنه لا يجد أي صعوبات في مهنة الإعلام، وأنه بات عارفًا بالكثير من أساسيات هذه المهنة بفضل مساعدة زملائه وتقدير الأساتذة وإدارة الكلية التي تتعامل معه بشكل خاص شجعه على الانخراط أكبر في المجال الإعلامي؛ متمنيًا أن ينال الكفيف حقه في تقديم نفسه وهمومه وطموحاته عبر هذه المهنة. 
 
أسامة ليس الكفيف الوحيد المكافح لقهر الظروف والحصول على تعليم أعلى؛ فهناك الكفيفة رندا حسين (22 عامًا)، والتي تدرس في المستوى الثالث، تخصص اللغة العربية بكلية التربية صبر. 
 
تقول رندا التي تقطع مسافة 25 كيلو من شرق مديرية تُبن نحو كلية التربية بمنطقة صبر، إن أسرتها شجعتها على تحقيق رغبتها في الالتحاق بهذا التخصص، حيث تدرس برفقة كفيفتين أُخريين. 
 
لكن ذهاب رندا إلى الكلية مقرون بذهاب زميلة لها مبصرة، تساعدها على تجاوز صعوبات الوصول، وعندما تتغيب زميلتها تضطر رندا لعدم الذهاب؛ نظرًا للمسافة إلى الكلية، التي لا تستطيع قطعها وحيدة.
 
وتواجه رندا صعوبة كبيرة في استكمال ما تبقى من رحلة البكالوريوس العام المقبل، لضعف الإمكانيات وشحتها وغياب الاهتمام بالمكفوفين، حيث تطالب بإيلاء هذه الفئة الاهتمام وإعطائها نصيبها، كما تتمنى دعم رجال الخير بما يساعدها في إكمال مسيرتها العلمية، حيث بقي عام ونصف العام فقط على تحقيق حلمها بالحصول على درجة البكالوريوس في تخصص اللغة العربية. 
 
وبحسب إقبال قشاش، رئيس جمعية المكفوفين في لحج، فإن 18 كفيفًا حصلوا على درجة البكالوريوس من الجنسين في تخصصات القرآن والتربية الإسلامية واللغة العربية والأحياء والخدمة الاجتماعية وعلم الاجتماع والتسويق والترفيه، فيما سبعة من الكفيفين والكفيفات يتلقون حاليًا التعليم في تخصصات القرآن واللغة العربية والإعلام، في جامعتي عدن ولحج.
 
ودعت قشاش إلى تقديم مزيد من الدعم للكفيفين لإخراجهم من هذا الواقع، وبما يسهم في تشجيعهم ورفع مستواهم ودمجهم مع المجتمع؛ مؤكدة أن هناك نماذج مشرفة من هذه الفئة صارت لها بصمات واضحة في المحافظة.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية