كل ما يفعله المدعو عبدالملك الحوثي في مناطق سيطرة مليشياته المدعومة إيرانياً لا يدل على شيء أكثر مما يدل على أنه أمِنَ العقوبة ولم يعد يكترث لردة فعل الناس الذين يحكمهم بالحديد والنار ويفرض عليهم تشريعات نابعة من الخيال الاستبدادي.. وهكذا عندما يطلق المستبد خياله فإنه يفرض على الناس أشياء لا يتوقعها عقل. 
 
"الخُمس".. تغيير المناهج وتلغيمها... الخ، وصولاً إلى المدونة الوظيفية التي أطلقها مؤخراً.. وهذه الأخيرة لا تشي بحاجته إليها، فهو يمارس القهر والجور بعيداً عن تقنينهما، ولكن للأمر صلة بالمتعة واللّذة في التعذيب وحرمان الناس من أي أمل في تسوية سياسية وفي أن يتوافق مع طبيعتهم البشرية.
 
حين يتخذ زعيم عصابة، مثل المدعو عبدالملك الحوثي، هلوساته فرمانات ويحولها إلى تشريعات وقوانين في مناطق سيطرة مليشياته من دون أن ينتظر ردة فعل غاضبة فهذا لأنه بات على يقين بأن آلة الموت التي لديه قد عطلت لدى الناس هرمونات الغضب وهو بذلك يمارس أقصى مُتع اللذة..
 
هو لا يسأل نفسه إن كان المواطنون سيتساءلون لماذا وكيف تصبح الوظيفة التي هي عقد بين طرفين إلى عقد عبودية لصالح طرف، إذ بمقتضى المدونة السيئة الصيت فإن الموظف محروم من كل الحقوق، وعليه فقط أن يمتنَّ للحوثي ويخضع لشروطه التعسفية في الإيمان برموزه ومعتقداته وسلالته وخطاباته وسعاله وسعاره معاً.
 
لم يكن الحوثي بحاجة سنِّ ما أسماه "الخُمس"، فهو ينهب به أو بدونه.. ولم يكن بحاجة إصدار "مدونة السلوك الوظيفي" وقد فرضها قبل أن يصدرها، وما حاجته في إصدارها إلا من قبيل شهوة إذلال للناس.
 
الحوثي بات على درجة من اليقين في أن المجتمع الذي يحكمه بالحديد والنار قد فقد في تكوينه النفسي كل عناصر الرفض، وأن لا فرق عنده بين الأشياء المختلفة.
 
أما البعد الاستراتيجي لمثل هذه الخطوات فهو أبعد بكثير من مجرد شهوة الإذلال.. ويتعلق الأمر بمخطط يستهدف إسقاط كل مكتسبات الثورة اليمنية الخالدة 26 سبتمبر.. فبعد أن أسقط صنعاء عسكرياً ها هو يعمل على إسقاطها قيمياً.. وأن يؤمن المحكوم، أي الشعب، بأن الناس ليسوا سواسية ولا متساوين في الحقوق والواجبات.. فهناك سيد وهناك عبد!!   
 
لكن إلى متى؟! لا بد من يوم لم تصنع أشعته شمس الضحى..

 

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية