سلطت الدراسة الصادرة عن مركز مكافحة الإرهاب لدى أكاديمية "ويست بوينت" العسكرية الأمريكية، الضوء على المهام الحقيقية لوزارة الدفاع في حكومة مليشيا الحوثي، غير المعترف بها دولياً، ووضعت المهتم بالملف اليمني أمام صورة تجسد قداسة المعركة الوطنية التي يخوضها الشعب اليمني لاستعادة دولته ودفن خرافة الولاية والمشروع الإيراني.
 
الدراسة أكدت أن منصب وزير الدفاع منصب شكلي، وأن محمد العاطفي  المنتحل صفة وزير الدفاع هو خارج دائرة صنع القرار، في حين المسؤول الفعلي المنتحل صفة أركان حرب والقادم من داخل الدائرة المقربة من عبدالملك الحوثي وذات الارتباط بالحرس الثوري الإيراني منذ نعومة أظفاره.
 
كما وقفت الدراسة في هذا المحور الذي ورد تحت عنوان "إدارة وزارة الدفاع التي يسيطر عليها الحوثيون" على خطط المليشيا المدعومة إيرانياً لتدمير هياكل ومؤسسات الدولة وتحويلها مجرد هياكل شكلية في حين المهام الفعلية تدار من ما يسمى "مجلس الجهاد" والذي يديره في الأساس إيرانيون ولينانيون.
 
كما كشفت جانباً في غاية الأهمية؛ بناء شبكات تهريب واسعة، أسلحة وممنوعات.. وأخرى لكسب المال للحركة على حساب المصلحة العامة، وكذلك تنفيذ استراتيجية الحرس لعسكرة المجتمع اليمني.  
 
تقول الدراسة: القوة الرئیسة في وزارة الدفاع -في حكومة الحوثيين غير المعترف بها دولياً- ھي بید محمد عبدالكریم الغماري الذي أدرجته الولایات المتحدة والأمم المتحدة في عام 2021 ضمن قوائم العقوبات؛ لتھدیده السلام والاستقرار في الیمن من خلال دوره في شراء ونشر المتفجرات والطائرات بدون طیار والصواریخ ضد أھداف داخل وخارج الیمن. والغماري من موالید 1981، من أبناء جیل عبدالملك، ولد في مدینة الأھنوم (في محافظة حجة، ولكن الآن تتبع عمران) ونشأ في صعدة وتلقى دروساً مدعومة من حسین بدر الدین الحوثي في ما عرفت ب"معسكرات الشباب المؤمن". ویعمل بشكل مباشر مع الغماري مساعده للوجستیات العسكریة صالح مسفر الشاعر المكنى (أبو یاسر)، وھو مسؤول حوثي مدرج في عقوبات الأمم المتحدة والولایات المتحدة، من مدیریة الصفراء شرق صعدة.
 
تضيف: ولا یرأس الشاعر لوجستیات وزارة الدفاع فحسب، بما في ذلك عملیات التھریب؛ ولكنه یلعب أیضاً دور "الحارس القضائي" لما یقدر بنحو 100 ملیون دولار من الأصول المصادرة عن معارضي الحوثيين، وبعضھا متاح للاستخدام العسكري. ویدیر الشاعر نظاماً فعالاً بشكل ملحوظ لتھریب الأسلحة والتكنولوجیا والوقود الإیراني المقدم من إيران، فضلاً عن تزوید الحوثیین بآلیة للسیطرة على التھریب المربح للمواد المدنیة مثل الأدویة والغذاء والسجائر وقطع الغیار والسلع الاستھلاكیة والأسمدة والمبیدات.
 
تتابع: وتحت قیادة الشاعر ھناك نائبه للمشتریات محمد أحمد الطالبي المكنى  (أبو جعفر)، ویلعب اثنان من ضباط الاتصال الحوثیین دوراً رئیساً في المشتریات تم وصف شخصیة غامضة معروفة فقط باسم "أم أس المؤید" وھو "المنسق الأعلى لعملیات التھریب المتمركزة خارج الیمن"، وسعید الجمل، یمني آخر مقیم في إیران، عاقبته الولایات المتحدة في 10 یونیو 2021 لإدارة شبكة للتھرب من العقوبات تشمل شركات الشحن والصرافة، ویبدو أن المسؤول الحوثي المقیم في الیمن أكرم الجیلاني ینسق شبكة من رؤساء التھریب للبحر الأحمر (أحمد حلص) - ورد اسمه في الدراسة "هلس" وخلیج عدن (عبدﷲ محروس) وخلیج عمان (إبراھیم حلوان وعلي حلحلي) والأخير ورد اسمه في الدراسة "حلالي".
 
وأوضحت أن لدى محمد أحمد الطالبي شبكة إعادة شحن تتولى نقل البضائع المھربة بالشاحنات إلى مواقع التخزین الخاصة بھم.
یبدو أن ھذه الشبكة یقودھا أكرم الجیلاني، بالإضافة إلى اللوجیستي الیمني المتدرب في إیران منصور أحمد السعدي "السعادي".
 
ووفق الدراسة "یتمثل الجانب الأخیر المثیر للاھتمام في دور وزارة الدفاع في ظل الحوثیین، في مشاركتھا المتزایدة في التعبئة الجماھیریة، فعلى غرار تبني الدولة لملیشیات تابعة لقوات الحشد الشعبي العراقي، قام الحوثیون بإدراج عدد من ملیشیاتھم في الھیكل الإداري لوزارة الدفاع من أجل إضفاء الشرعیة علیھم ودفع أجورھم ودعمھم، بعض ھذه "اللجان الشعبیة" كانت موجودة قبل 2014، وھي ملیشیات جدیدة نشأت لمنح وظائف قتالیة مدفوعة الأجر للقبائل المتحالفة مع الحوثیین، كما تتداخل الوحدات الفرعیة التابعة للحوثیین داخل ألویة الجیش الیمني الباقیة التي یدیرھا الحوثیون، وعادة ما تكون كوادر صغیرة تتمسك بقائد حوثي أثناء نقله بین مواقع وزارة الدفاع".
 
وأشارت الدراسة مجدداً إلى الدور الذي لعبه المؤتمر الشعبي العام برئاسة الزعيم علي عبدالله صالح الذي حاول تشكيل حاجز صد للدفاع عن مؤسسات الدولة، وكان ذلك من الأسباب التي دفعت الحوثيين إلى مهاجمته وقتله يوم 4 ديسمبر 2017م، فمنذ ذلك الحين سارت مخططات الحوثيين دون مقاومة.
 
فوفق الدراسة، شجعت وزارة الدفاع التي یدیرھا الحوثیون الضباط والموظفین المھنیین على أخذ إجازة طویلة مدفوعة الأجر، وبعد ذلك تم سد الفجوات الكبیرة الناتجة في القوى العاملة من قبل ھیئة التعبئة العامة الجدیدة داخل وزارة الدفاع بما یقدر بنحو 130 ألف مجند من الشرائح الأفقر في المجتمع، وتم منحھم الحد الأدنى من الأجور (حوالى 30 دولاراً في الشھر).
 
ویدیر القیادي الحوثي عبدالرحیم الحمران مسؤول التحضیر للجھاد الحوثي، أو ما یُعرف بـ"مسؤول اللجنة المركزیة للتجنید والتعبئة"، شبكة واسعة للتجنید والتعبئة العامة من شیوخ القبائل وعقال الحارات وممثلي المجالس المحلیة.
 
وفي الآونة الأخیرة، یعمل مسؤول الاستعداد للجھاد أیضاً على تطویر ما یبدو أنه احتیاطي تعبئة موازیة على غرار قوات الباسیج الإیرانیة، ما تسمى باللوجستیات وكتائب الدعم والإسناد، وھي تشكیلات جنود احتیاط تضم مجندین أقدم أو أقل قدرة، وغالباً ما یكون ھؤلاء رجالاً لدیھم بالفعل وظیفة حكومیة أو أكادیمیة مدنیة، ویتم تطویرھا من قبل قاسم الحمران (أبو كوثر)، الذي أشرف سابقاً على وزارة الشباب والریاضة وعمل تحت إشراف یحیى بدر الدین، الأخ الشقیق لحسین، وزیراً للتربیة والتعلیم في حكومة الحوثيين "غير المعترف بها دولياً"، وتبدو الإجراءات التي یقوم بھا الحوثیون تشبه إلى حد كبیر جھود الحرس الثوري الإیراني أو حزب ﷲ اللبناني لعسكرة المجتمع وإنشاء البنیة التحتیة للتعبئة الدائمة.
 
(..... يتبع)

 

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية