سألني صديق قائلاً:
ماذا استفدت من ثورة السادس والعشرين من سبتمبر؟
فأجبته بالتالي
قبلها كنت عبد لإمام ظالم وبعدها صرت إنساناً حراً لا سيد لي غير نفسي.
استفدت منها أن دخلت المدرسة والجامعة بعد أن كان العلم حكراً على من يريد الحاكم ولا يتعلم أحد إلا من أجل أن يعود لخدمته.
 
استغدت وتعلمت أن أعيش كما أريد 
 وأن ألبس الثياب النظيفة فيما الأباء والاجداد ظلوا لسنوات بل لقرون قبل الثورة حفاة عراة.
 
استفدت أن الشعب صار هو مصدر السلطة وشاركت في اختيار من يحكمني وقبلها كان كل ذلك محرمٌ على الأباء والأجداد ومن يتحدث بذلك يغيب في السجون ويموت والقيد على ساقيه أو يقطع رأسه في ميدان "شرارة" سابقاً "التحرير" اليوم بتهمة التحريض على الحاكم بأمر الله أمير المؤمنين والاعتراض على خليفة الله في الأرض . 
 
قبلها كان الإمام يرهب الناس ليملك رقابهم بالجن ويأمرهم أن يتقطرنوا حتى لا تتلبسهم الشياطين، لثقته بجهلهم فقد أغلق عليهم كل نوافذ الحياة والمعرفة.
 
واليوم سأصفع واسخر من أي معتوه يطالبني أن أتقطرن.
 
أستفدت منها أن أصبح عندي مكتبة متنوعة في كل علوم ومعارف الحياة، بعد أن كانت الكتب محرمة إلا التي يوافق عليها الإمام وكلها في علوم الدين التي تمجده وتدعو لطاعته.
 
وقد يخاطر الإنسان بحياته وهو ينقل كتاباً أو مجلة من القاهرة أو عدن إلى صنعاء وغيرها.
استفدت منها أن أستخدم عقلي وأن يكون لي رأي وأن أختار نمط وأسلوب حياتي وأنا أطالب بحقوقي، وقبلها كان الإمام هو من يفكر ومن يفعلها من الناس يقال عنه كافر "دستوري" فيخاف منه حتى أهله ويرقونه ويضعون على صدره التمائم لأنه استخدم عقله.
استفدت منها معرفة أن الوطن حق للجميع وقبلها كان ملك للإمام خيراته في خزائنه بينما الشعب يموت جوعاً مرضاً.
 
وعرفت معنى المواطنة المتساوية وأن الله لم يمنح السلطة لأحد ولا سلم فرد رقاب الناس وجعله سيداً عليهم لحسبه ونسبه .
 
استفدت كثيراً فصار بمقدوري أن أملك اذاعة وتلفزيون بينما كان اقتناء الراديو جريمة محرمة على أبي وجدي استفدت معنى أن يكون هناك قانون يحكم الجميع ويتساوى أمامه الجميع رغم القصور ولكنه صار نصاً مكتبوباً يحكم به القاضي في المحكمة ويحتكم له الناس لحل خلافاتهم وقبلها كان حل الخلاف يفقر المختلفين ويحكم لمن يدفع أكثر وقد يعاد الحكم إذا دفع المحكوم عليه أو ضده أكثر من سابقه ولو بعد سنوات .
 
وقبلها كأن البعض دمه أغلى من دمك ويجب عليك تقبيل يده وقدمه حياً والتبرك بقبره ميتاً.
 
فوحده بيده مفاتيح الجنة ولديه القدرة على الاتصال بالسماء، لا يعترف بي كبشر مثله ولا يقبل صهارتي.
 
استفدت أنا وأنت وصار لدينا مدارس في كل قرية بينما لألف سنة لم يكن هناك إلا شيخ ومدرستين أو ثلاث لعلوم الدين واللغة . 
 
فصرت أعرف إلى جانب القراءة والكتابة وحفظ القرآن الفيزياء والكيمياء والأحياء والجاذبية الارضية والفلسفة والمنطق والنظرية النسبية وعلوم الهندسة والطب وأستطيع تشخيص المرض وعلاجه  وقبلها كان العلاج الوحيد المتوفر لكل الأمراض هو  عبارة قطعة ورق ملفوفة تعلق على الرقبة وقليل من الماء المخلوط ببصاق كاهن دجال أو حرقك بجمرة على بطنك أو خدك.  
 
هل تريد أكثر؟ 
استفدت كثيراً ولولا ثورة السادس والعشرين من سبتمبر لكنا الآن خارج إطار الزمن مالم ننقرض بالجوع والمرض.
 
استفدت كثيراً ومثلي كل أبناء البلد ولو سألت عجوز في القرية عاشت ذلك الزمن لأجابتك وأطبقت فمك الذي يتجرأ على القول: إن حياة الناس كانت أفضل في ذلك الزمن المظلم.
 



 

من صفحة الكاتب في الفيس بوك

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية