ليسوا منا آل الكهف.. المليشيا تبيع عناصرها
كان يحدثني بلهفةٍ وتفاعلٍ، عن أسلوب مليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة إيرانيًا، مع عناصرها الذين لا ينتمون إلى سلالتها الطائفية وكيف تقوم بالتخلي عنهم في العديد من المواقف تحت مبدأ "ليسوا منا آل البيت" عذرًا "آل الكهف".
وأنا أستمع إلى حديث زميلي في العمل، لا سيّما عن ما حصل في الساحل الغربي من تخلي المليشيا الحوثية عن عناصرها الذين أطاحت بهم استخبارات المشتركة أثناء تنفيذهم لمهام تجسسية لصالح المليشيا، انتابتني حيرة كبيرة وتساؤل عن كيف لهذه العناصر أن تصدق مليشيا إرهابية دأبت على التخلي عن عناصرها الذين لا ينتمون إلى سلالتها؟
طرأت على بالي تسمية، لطالما أطلقت على مثل هذه عناصر "زنابيل" أشعرتني بإهانة، تمنيت لو كانت العناصر الحوثية المغرر بها شعرت بها عند الانتماء لهذه المليشيا الإرهابية.
توسلات ومناشدات لم تجد نفعًا أطلقتها عناصر تلك المليشيا لمن غررت بهم في ضم أسمائهم إلى قائمة من تبادل بهم في كشوف تبادل الأسرى، لكن لا حياة لمن تنادي عند مليشيات قد تقتل ألفًا، من أجل جثة سلاليٍ ينتمي لإحدى بيوت نسلها المستورد.
في المجمل، ذلك لا يعني سوى حقيقة واحدة، هي أن المليشيا الإرهابية زجت بهم إلى المهلكة، والآن تنصلت منهم، وترفض إدراجهم ضمن كشوف لتبادل الأسرى، وكأنهم لا يعنون لها أي شيء، فهم باتوا في نظرها كمنتج استخدم وبات منتهي الصلاحية.
ذلك الحديث أعاد إلى ذهني إحدى الوقائع التي فيها زجت المليشيا بأكثر من 50 فردًا من عناصرها المغرر بهم إلى الهلاك في إحدى الجبهات الجنوبية لمحافظة مأرب، قبل أشهر، لانتشال جثة أحد قياداتها، ممن ينتمون لبيوتها السلالية.
في تلك الواقعة قادت المليشيا أكثر من نصف أولئكَ المغرر بهم إلى الهلاك، والموت، في الشعاب والبراري وبكل دناءة، مقابل أن تحظى جثة قائدها السلالي في إحدى مناطقها الملغمة بالإرهاب، بجنازة تحرق خلالها السماء بالرصاص، وتغرق الأرض بالصور، لتجذب أيضًا مغررا بهم آخرين تزج بهم إلى الهلاك والموت في عدد من الشعاب، حيث تأكل أجسادهم الطيور، وكأن شيئًا لم يكن، فهم في مجمل الأمر مجرد "زنابيل".
كل ذلك ليس غريبًا على مليشيات تقتل شعبًا من أجل سلالي واحد، وتتخلى عنه لأجل سلالي، فالشعب وكذا المغرر بهم، أولا وأخيراً ليسوا في نظرها إلا قرابين بهم ومن خلالهم تحاول تطبيق مشروعها التدميري، تنفيذًا لأجندة أسيادها.
تغذي المليشيا الحوثية الإرهابية المدعومة إيرانيًا عقول مسلحيها وأنصارها بأفكار وخرافات قديمة تستند فيها إلى إرث ثقافي وديني مزيف، وذلك لأجل بناء شخصية المقاتل الخانع الذي ينفذ كل ما يطلب منه حد الموت، ثم تتخلى عنه حيًا إذا وقع أسيرًا، أو هالكًا في الصحارى تتغذى عليه السباع، إلا إذا كان سلاليًا، فمصيره سيكون حتمًا غير ذلك، لكن عقولا لا تفكر لدى أتباعها المغرر بهم تجعلهم لقمًا ساغيةً لجنون تلك المليشيا.
مع ذلك، لا تزال الكثير من التساؤلات في ذهني والكثيرين تبحث عن إجابة أبرزها، متى يكف المغرر بهم والذين لا يزالون تحت تأثير وهم الإرهاب الحوثي تقديم أرواحهم وأنفسهم ضحايا لهذا الوهم رغم انكشافه جليًا في آلاف الأحداث والوقائع؟
متى يدرك هؤلاء أنهم مجرد بيادق تستخدمهم المليشيا وأنهم لا يعنون لها شيئًا، سوى طريق تعبر عليه لارتكاب المزيد من الدمار في البلاد؟ ومتى يدركون أنهم مجرد أدوات ترميها المليشيا غير آبهة كلما انتهى استخدامها؟