النِحالة رغم الحرب.. أسرار مهنة إنتاج العسل الأجود عالميًا
لم تكن هناك هواية في تربية النحل؛ بيد أن مرضًا أصاب أحد أقاربي تطلّب عسلًا فلم أجده، ومن هنا تولدت الإرادة للبحث عن وتربية النحل"، بهذه الكلمات بدأ بجاش الراسني حديثه لوكالة "2 ديسمبر" عن مهنة النِحالة التي يقتات منها ويعمل بها منذ العام 1998 حيث يملك زهاء150 خلية للنحل.
يقول بجاش الذي يعمل كذلك معلمًا في قطاع التربية والتعليم، إنه في مطلع العام 1998 أُصيب قريب له بمرض، وصِف العسل دواء للشفاء منه، فظل يبحث عند النحالين لشراء العسل؛ ولكنه لم يجده فقرر حينها شراء خلية للنحل تقدر قيمتها بخمسة آلاف ريال ليبدأ معها رحلة هذه المهنة؛ إلا أن عملية الإنتاج لم تكن بالأمر اليسير حيث ظلت النحل تتوالد لسنوات دون فائدة.
انتظر بجاش ثلاث سنوات قبل أن يحصل على قطرة عسل، يوضح: من الخلية الواحدة التي قمت بشرائها ظلت الخلايا تتكاثر لمدة ثلاث سنوات حتى العام 2001 لتصل حينها إلى 28 خلية فكنت استغرب أني لم أجد العسل في وقت أسمع النحالين يعسلون إلى أن وصلت 28 خلية وجدت العسل، وبعدها بدأت تتكاثر لتصل إلى ما وصلت إليه.
وأشار بجاش إلى أن تجربته مع تربية النحل كانت متميزة برغم المصاعب، فهو منذ ملك النحل صار شفاء له ولأسرته؛ إذ تكاد تمر ثلاث سنوات دون أن يصاب أحد بعد أن كان هو يمرض سنويًا مرتين إلى ثلاث مرات لكن استخدامه للعسل جعله يقوى على الأمراض هو وأطفاله الذين يقومون بمساعدته في أحيان كثيرة.
ويمضي في حديثه: كانت النحل لي شفاء ومصدر عيش، خاصة مع كبر الأولاد وتزايدهم وتزايد الالتزامات، حيث أعمل معلمًا والمرتب في تراجع ولا يفي بالمتطلبات، لذا تم اللجوء إلى بيع عسل النحل الذي يعود بمردود جيد لا سيما وبيعه يتم ثلاث مرات في العام، وأجوده في شهري نوفمبر وديسمبر ويسمى بالعِلب أو السِّدر ثم نوع العسق والمنوع الذي يقع في مراتب أخرى.
ويتابع: وصلت أسعار القارورة الشملان (لتر إلا ربع) للعِلب من أربعين إلى خمسين ألف ريال، فيما الأنواع الأخرى تتراوح بين 18-25 ألف ريال، وقد ساعدتني هذه المهنة في تعليم أولادي بالجامعة؛ كونها عاملًا مساعدًا بجانب الوظيفة.
لأن النحل من الحشرات المهاجرة، يعاني العاملون بمهنة النحالة من مصاعب النقل من منطقة إلى أخرى في ظل موجة الغلاء الفاحشة وارتفاع أجرة المواصلات.
وعن هذا يقول النحال محمد عبد الله سالم، من سكان العكيشية بمضاربة لحج، إن عملية نقل النحل أمر لازم للحفاظ عليها من الهلاك حيث يتم نقلها إلى مكان تتوافر فيه المراعي، ناهيك أن نقلها لا بد أن يتم ليلًا لعدم مقدرة نقلها في الصباح حتى لا تطير لأماكن أخرى.
ويضيف سالم: البعض من النحالين لا يمتلكون سيارة لنقل الخلايا خاصة الذين تقل خلايا نحلهم عن أربعين خلية فيضطرون إما للمشاركة بأجرة نقلها أو تحمل تكاليف النقل التي تتعدى أحيانُا المائة وخمسين ألف ريال.
ويتساءل سالم عن أسباب غياب الاهتمام بالنحالين في وقت اهتمت المنظمات الدولية بكثير من القطاعات، خصوصًا أن هذه المهنة مصدر دخل وحيد لبعض النحالين، وقد تعرضوا لخسائر كبيرة في هذه الحرب، فبعض الخلايا انتهى، ومنها ما يجد النحال صعوبة في نقلها لمناطق تُشكِّل خطورة عليه.
وفق إحصاء 2018، يُقدّر عدد خلايا النحل في اليمن بمليون ومائة وسبعة وتسعين ألف خلية أنتجت 2381 طنًا من العسل اليمني، الذي يُعد من المنتجات الطبيعية الأجود في العالم، واحتلت محافظة حضرموت المرتبة الأولى في الإنتاج تليها شبوة ثم أبين والحديدة، بينما يقدّر عدد العاملين بزهاء مائة ألف نحال.