بعد عودتها من النزوح الإجباري الذي تسببت به مليشيات الحوثي المدعومة من إيران، عقب سيطرتها على مديرية الوازعية في أكتوبر 2015م؛ انخرطت مريم عبدان والتي تحمل مؤهلًا جامعيًا، في العمل تطوعيًا بمدرسة الخنساء الواقعة في قلب "الشقيراء" مركز المديرية.
 
لم يكن من خيار أمام مريم سوى العمل متطوعة دون مقابل، على أمل أن تظفر مستقبلًا بإبرام تعاقد معها، خاصة وأن أغلب المدارس حينها بعد العودة من النزوح في أواخر العام 2017م، كانت تفتقر لوجود المعلمين الذين تشتتوا ما بين النزوح أو العمل في مهن أخرى بهدف الحصول على لقمة العيش مع انقطاع رواتبهم. 
 
لم تكن مريم هي الوحيدة التي قررت حينها خوض تجربة التطوع بهدف إنقاذ العملية التعليمية من التوقف؛ بل كان ثمة زهاء مائة فتاة في مدارس المديرية يتطوعن خدمة للجيل، أغلبهن يعملن دون مردود باستثناء قلة منهن يعملن وفقًا لنظام البدل للمعلمين المنقطعين أو يحصلن على مكافآت رمزية من المجتمع المحلي. 
 
 
يقول عبد القادر حسن، وكيل مدرسة الخنساء لـ"2 ديسمبر" إن المتطوعات أسهمن كثيرًا في استمرار العملية التعليمية في المدرسة التي تحتضن أكثر من 800 فتاة في التعليم الأساسي والثانوي، حيث تُعد أكبر مدرسة للبنات في المديرية. 
 
وأضاف حسن أن إدارة المدرسة عندما قررت العودة للعملية التعليمية في 2017، كانت تعاني من نقص كبير في الكوادر مع فقدان بعض المعلمين أثناء التصدي لمليشيات الحوثي، أو استشهادهم بألغام زرعتها المليشيات في المديرية، ما حدا بـ19 متطوعة تغطية ذلك النقص وتعليم الفتيات دون مردود في أول الأمر.
 
وأفاد حسن بأن بعض هؤلاء المتطوعات لم يستطعن مواصلة المشوار، نظرًا لتكاثر المسؤوليات الملقاة على عاتقهن وعدم تحصلهن على أي مقابل لقاء دورهن في تغطية العجز في الكوادر بالمدارس، ولحل هذه المشكلة اتفق الأهالي على تخصيص مبلغ 1000 ريال على كل طالب لتوفير مكافآت رمزية للمتطوعات.
 
في السياق ذاته، يقول عبدالله عبدالعزيز، مدير مدرسة الغيل، إن المدرسة التي تحتضن 600 طالب وطالبة كانت عرضة للإغلاق بسبب النقص في كادر التعليم بعد العودة من النزوح، وتم استدعاء الأهالي ووضع خيارين أمامهم في تلك المرحل؛ إما التكاتف من الجميع وفتح المدرسة أو إغلاقها، وتم الاتفاق على فتحها واستدعاء سبع معلمات على حساب الأهالي تفاديًا للآثار المترتبة على توقف العملية التعليمية.
 
وأشار بن عبدالعزيز إلى أن الرواتب غير المجدية للمعلمين جعلت من المعلم الأساسي يبحث عن بديل ويتجه للعمل في مهن أخرى ذات مردود أفضل، بالإضافة لفقدان المديرية بعض المعلمين الذين تاهوا في مخيمات النزوح ولم يستطيعوا العودة.
 
ويوضح علي الظرافي، مدير مكتب التربية والتعليم في الوازعية، لـ"2 ديسمبر" أن المكتب على تخاطب مستمر مع الجهات المعنية ومع العديد من المنظمات المانحة بهدف تشجيع هؤلاء الفتيات ومنحهن عقودًا نظير إسهامهن في استمرار التعليم بالمديرية في ظل غياب التوظيف. 
 
ولفت الظرافي إلى أن زهاء مائة متطوعة في 32 مدرسة بالمديرية أدّين دورًا محوريًا في السنوات الماضية في ظل تزايد الطلاب وتهدّم خمس مدارس بين جزئي وكلي بهجمات وقصف للمليشيات الحوثية، وبعضهن يعملن متطوعات فيما البعض الآخر يحصلن على أجور بسيطة لا تفي بمتطلبات الحياة وسط الأوضاع الراهنة. 
 
وتمنى الظرافي أن يتم منح المتطوعات والمعلمين، في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية، بعض السلل الغذائية التي تحقق لهم بعض الاستقرار وتشجع على الإتقان وتأدية العمل التعليمي في المديرية؛ كون التسرب أغلبه ناتج عن الظروف المعيشية التي أنتجها التدهور الاقتصادي.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية