أكاديميون ومحللون سياسيون على طاولة " 2 ديسمبر": ماذا بعد إعلان مليشيا الحوثي رسميًا رفضها مقترح المبعوث؟
شكّك أكاديميون ومحللون سياسيون في نوايا مليشيا الحوثي لإنجاح الهدنة، مؤكدين في حلقة نقاش نظمتها وكالة " 2 ديسمبر" مساء اليوم الجمعة، تحت عنوان: (ماذا بعد إعلان مليشيا الحوثي رسميًا رفضها فتح الطرقات في تعز؟)؛ أن الهدنة لن تفضي إلى تحقيق أهدافها المرجوة شعبيًا وأن المليشيا المدعومة إيرانيًا لن ترفع الحصار عن تعز بالمفاوضات.
ويُجمع المشاركون: الدكتور محمد جميح، الدكتور ثابت الأحمدي، الإعلامي والمحلل السياسي عبدالله الحضرمي، والمحلل السياسي عبدالستار الشميري، على أن التاريخ السلبي للمليشيا الحوثية مع المفاوضات والاتفاقات يصل بنا إلى هذه الحقيقة المُرة "لن تجنح للسلام مالم تجبرها تغيّرات في المسرح العسكري".
• أهداف الحصار
في البداية، أكد الدكتور محمد جميح أن مليشيا الحوثي لن ترفع الحصار عن تعز بالمفاوضات، مشيرًا إلى عدة أهداف لدى المليشيا المدعومة إيرانيًا من وراء الحصار ورفض فتح الطرقات في تعز.
وقال جميح: كان متوقعًا رفض الحوثيين لفتح طرقات تعز.. التفاوض عندهم وسيلة لإضاعة الوقت والمراوغة، وليس لإنجاز الهدف من وراء التفاوض.
موضحًا: لن يرفع الحوثيون حصارهم عن تعز؛ لأنهم يريدون من الحصار تحقيق عدة أهداف، في مقدمتها: تركيع المدينة تمهيدًا لاستسلامها من وجهة نظرهم، يريدون أن تنقلب الحاضنة الشعبية للجيش والمقاومة عليهما، وبالتالي يتوسع الخلاف في تعز، ما يسهل اقتحام المدينة.
وأضاف: يكفي أن نعلم أن الوقاحة بلغت بالحوثيين أن يزعموا أن القوات الحكومية هي التي تحاصر المدينة، لنعلم أنهم ليسوا في وارد رفع الحصار عن تعز.
• الحرب المنسية
وعبّر جميح عن خشيته من استمرار الهدنة بخروقاتها المتصاعدة، حيث لا سلم و لاحرب، وصولًا بالبلاد إلى الحرب المنسية، قائلًا: بالنسبة للهدنة أعتقد أنها ستستمر رغم الخروقات، والذي نخشاه أن يمهد تمديد الهدنة لتقسيم البلاد حسب خريطة القوات العسكرية المسيطرة، حيث يحتفظ كل طرف بما تحت يده، وندخل في مرحلة الحرب الصغيرة المنسية، هذا إذا لم نكن قد دخلناها.
• الهدنة ليست حلًا
وفي السياق، شكك الكاتب والإعلامي المعروف عبدالله الحضرمي، في نوايا مليشيا الحوثي لإنجاح الهدنة والوصول إلى الهدف المنشود منها، والمتمثل بوقف دائم لإطلاق النار والدخول في مفاوضات الحل السياسي الشامل.
وقال الحضرمي: "من حيث المبدأ الهدنة ليست حلًا للحرب، إنما هي توقف مؤقت لآلة الدمار والموت، وهي متوقفة الآن بدرجة ما، فيما يفترض أن تشكل أرضية لإنهاء الحرب والدخول في عملية سياسية تفاوضية ينتج عنها السلام والحل النهائي للأزمة، وهذا يتوقف على نوايا الأطراف المتحاربة ورغبتها في إنهاء الحرب من عدمه.
وأضاف: من جهة ما، يمكن قياس من يريد المضي في الحرب ومن يرغب في إنهائها من خلال إثبات حسن النوايا وأهمها ملف الأسرى وفتح الطرقات، مؤكدًا أن "موقف المليشيا الحوثية من هذين الملفين سلبي".
وعن موقفها الرافض فتح الطرقات في تعز بشكل خاص، اعتبر الحضرمي "التراجع عن الالتزام بفتح الطرقات، ومثله ملف الأسرى على قاعدة الكل مقابل الكل، كلها مؤشرات إلى كون الهدنة بالنسبة لمليشيا الحوثي مجرد استراحة لإعادة تشكيل نفسها وتعزيز مواقعها العسكرية وتحديث خططها الحربية من أجل خوض جولة حرب جديدة إذا ما كُسرت فيها طلبت هدنة جديدة لكي تعمل الشيء نفسه".
وتساءل الحضرمي: "لماذا يرفض الحوثيون فتح الطرقات التي تشكل ركنًا رئيسيًا في الهدنة"، ليجيب على ذلك بالقول: "بالطبع لأنها لم تصل إلى القناعة بوقف الحرب، ولأنها لا تزال تحتاج لاستخدام إغلاق الطرقات في عملياتها العسكرية القادمة".
• الحل في أفواه البنادق
من جانبه، عزّز الدكتور ثابت الأحمدي رؤية جميح والحضرمي بتشكيكه في نوايا مليشيا الحوثي وإمكانية جنوحها للسلام، مؤكدًا أن التاريخ السلبي للمليشيا مع المفاوضات والاتفاقات يؤكد ذلك.
وقال الأحمدي: "كان من المتوقع لدينا أن الحوثي سيرفض مقترحات الأمم المتحدة، ومقترحات أي جهة داخلية أو خارجية تسعى باتجاه السلام، هذا طبعه قبل تطبّعه، المثير للإدهاش حقًا هو أن يستجيب الحوثي للسلام أو للحوار والتفاوض.
وأضاف: "تجربتنا مع الحوثي طويلة، وليست هذه أول عملية يرفض فيها التقارب للسلام والحوار، منذ العام 2004م ونحن نحاور الحوثي، وليس أكبر من وثيقة مؤتمر الحوار الوطني الشامل التي أجمع عليها اليمنيون في صنعاء، وانقلب عليها رغم أن هذا المؤتمر أعطاه أكثر مما يستحق.
وتابع: تبقى الإجابة الإجبارية على سؤال: ماذا بعد ذلك؟ هذا ما يجب أن يجيب عنه اليمنيون أنفسهم بطريقتهم الخاصة، وعلى رأسهم المجلس الرئاسي والحكومة والمؤسسة العسكرية.
ويرى الدكتور ثابت الأحمدي في جوهر مشاركته، أن إخضاع مليشيا الحوثي للسلام لن يكون بالمفاوضات، مؤكدًا: "الحل بعد كل هذه المفاوضات يكمن في أفواه البنادق، والزحف من قِبل المكونات الشرعية باتجاه صنعاء، للقضاء على الأفعى هناك، للقضاء على كل مشاكل اليمن.. رأس الأفعى في صنعاء، وإذا تم قطع رأسها تم القضاء على كل الفتن والمشاكل وسيتم استعادة الدولة، وليس غير ذلك من حل.
• مرحلة التسكين
المحلل السياسي عبدالستار الشميري، هو الآخر بدا أكثر يقينًا بأن الهدنة لن تكون أكثر من محطة بيد المليشيا الحوثية لإشعال الحرب وفق مخططها المرسوم بخبرات إيرانية كان لها بصماتها في إدارة التفاوض.
يقول الشميري: رفض مليشيا الحوثي مقترح المبعوث الأممي كان متوقعًا، ومن خلفها المطبخ الإيراني الذي يجيد الترتيب ويجيد اختطاف المكاسب؛ فقد استطاعت أن تجعل المبعوث الأممي والأمم المتحدة بشكل عام أداة جديدة من أدوات الحرب لديها للضغط على الشرعية والتحالف، ونجحت بالفعل في إدارة التفاوض بالتصعيد عبر كل المكاسب دون إعطاء شيء.
ولفت الشميري إلى أن التنازلات المتتالية من الجانب الحكومي جعل المليشيا تشعر أنها في منطق القوة، وأنها تملي وتحصد مكاسب.. وأن ملف تعز ينبغي أن يؤجَّل لحوار لاحق.
وأضاف: أيضًا أخذت مليشيا الحوثي الملف اليمني من كُليته والحديث عن الحوار السياسي الشامل أو فرص إمكانية نجاح مصالحة وطنية إلى حديث عن فرعيات، وكما لو أنها تريد القول إنها أصبحت سلطة أمر واقع أو حكم ذاتي.
وذهب الشميري إلى أن الهدنة أدخلت القضية اليمنية مرحلة التسكين لا الحل، موضحًا: "كل هذه المعطيات تقول إن القضية اليمنية في مرحلة التسكين والتبريد والتجميد، وإن الحل النهائي بعيد المنال، وإن الخيار العسكري ينبغي إعادة النظر فيه بجدية.
وشدد الشميري على ضرورة مراجعة الجانب الحكومي حساباته: "لا بد من إعادة النظر في الخيار العسكري بجدية لأنه لا يمكن انتزاع أي مكسب من الحوثيين دون الخيار العسكري تحت قاعدة "تحدث بصوت خفيض ولوِّح بعصى غليظة"، وهذا هو المفقود لدى الشرعية وينبغى استعادته.
كما يرى الشميري أنه "يصعب التكهن بأن المليشيا الحوثية يمكن أن تعود إلى طاولة حوار جزئية بعد هذه المكاسب.. سترى نفسها في موقف قوي وربما ملف المنافذ أصبح مؤجَّلًا إلى أمد بعيد.
وفي جوهر مشاركته، يؤكد الشميري أن تعمل مليشيا الحوثي نحو استمرار الهدنة بشكلها الحالي، لا سِلم ولا حرب، حتى تستكمل أهدافها الحقيقية من الهدنة والمتمثلة بالتحشيد ونقل الأسلحة واستقبال المزيد من الأسلحة المهربة من قِبل إيران.. وإعادة ترتيب جبهاتها بشكل عام.