حينما عادَ الوفدُ التفاوضي التابع لمليشيا الحوثي الإرهابية من العاصمة الأردنية عمّان إلى صنعاء، كان قد خسر كل أوراق المراوغة على طاولة التفاوض، ورجع إلى قيادته- المرهون قرارها هي الأخرى في العاصمة الإيرانية طهران- بخُفّي حُنين ووفاضٍ خالٍ، بل وأمام مأزق أخلاقي غير مسبوق، وهو الأمر البديهي لكل تلك الجلبة التي أحدثها رئيس وفد المليشيا المدعو يحيى الرزامي، الذي ينتحل رتبة لواء.
 
كان الرزامي يتحدث إلى وسائل إعلام مليشياته ووسائل إعلام ممولة من إيران، في قاعة بمطار صنعاء لعرض مستجدات التفاوض؛ لكن الطابع الدموي للمليشيا الحوثية وأتباعها، بمن فيهم الرزامي- أحد المسؤولين عن أشنع الفظائع التي مورست بحق اليمنيين- طغت على حديثه عندما توعد أبناء تعز بـ"فتح مقابر بدل فتح الطرقات"، متناسيًا أيامًا سوداء عاشتها مليشياته خلال الحرب على أسوار مدينة تعز العصية على الانكسار، هنالك حيث تحطمت خرافة الكهنوت وتمزقت أجساد غُزاة الإمامة، أذناب إيران، بإرادة المناضلين الجمهوريين.
 
 وكعادة المليشيا الحوثية في ابتكار المغالطات وتفويج الأكاذيب على وسائل الإعلام ومنابر الدعاية، زعم الرزامي أن الجيش في تعز يتخذ المدنيين دروعًا بشرية، وسرعان ما جاء الرد من أبناء تعز ذاتها الذين عاشوا لسنوات في كنف الجيش ورعاية الدولة مُكذبين هذه الادعاءات التي لا تنطبق إلا على المليشيا الحوثية المغمورة بالحقد والانتقام ونهم القتل وإراقة الدماء وإزهاق الأرواح.
 
تنص الهدنة الأممية القائمة منذ الثاني من أبريل الماضي، بوضوح على فتح منافذ تعز ورفع الحصار عنها من منافذها الرئيسية، وهو المطلب والاستحقاق الإنساني غير القابل لأي مداولات ومراوغات، وكان يفترض أن يُنفذ هذا الاستحقاق بحذافيره بمجرد دخول الهدنة حيز التنفيذ، أي قبل زهاء 70 يومًا من الآن؛ غير أن أمد التنفيذ طال بسبب تعنت المليشيا المرهون قرارها بيد قيادة الحرس الثوري الإيراني، والتي ترفض نزع وتفكيك شبكات ألغامها من الطرقات الرئيسية المؤدية إلى مدينة تعز، بذرائع واهية.
 
في نظر سياسيين، تُعد تصريحات الرزامي استخفافًا بجهود الأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن هانز جروندبرج، وتحديًا سافرًا لاتفاق الهدنة، واستفزازًا مقصودًا لأبناء تعز الذين أطلقوا العنان لأقلامهم على منصات التواصل الاجتماعي؛ لتذكير الرزامي بأيامٍ خوالٍ فتحت فيها نضالات تعز مقابر بالعشرات فاضت بقتلى المليشيا الإرهابية الذين تخطفتهم المهالك ببنادق أبطال الجيش وأبناء تعز على أسوار المدينة العتيّة.
 
وتقع المسؤولية القانونية والأخلاقية في رفع الحصار عن تعز على الأمم المتحدة كراعيةٍ لاتفاق الهدنة، خاصة وأن التزامات مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية المنصوص عليها في الاتفاق الدولي قد تم تنفيذها بالكامل وفي مواعيدها المحددة دون تأجيل، ولم يبقَ إلا رفع حصار مليشيا الحوثي الجائر على تعز، المستمر منذ ثماني سنوات.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية