"عصابة " ما إن تضع يدها على شيء- حتى وإن كان ظاهره وباطنه الخير- إلا وأحالته إلى مفردات بؤس لا تحصى سممت بها حياة الشعب اليمني، وهذا هو الحال مع فريضة الزكاة، الركن الإسلامي التكافلي؛ إذ جعلته( المسيرة) الخمينية لمليشيا الحوثي، صدقة يتبعها منٌّ وأذى، أرفقتها بوابل من الدعاية، وتعسف في فرض مستحقاتها على المكلفين، وتحايل على مصارفها من الفقراء والمساكين.
 
أنبأت مصادر متطابقة وكالة "2 ديسمبر" أن ما تسمى "هيئة الزكاة" التي استحدثتها المليشيا، أصدرت تعميمًا بعدم صرف مبلغ الـ 20 ألف ريال لأي مستفيد إلا ببطاقة هوية شخصية جديدة، بينما مئات الآلاف من سكان الأرياف، لا سيما من النساء وكبار السن، لا يمتلكون بالعادة هذه الهويات، ويكلف الحصول عليها مبالغ تتجاوز مخصصات "الزكاة" الحوثية.
 
مصادر محلية بمديرية وصاب السافل في محافظة ذمار، قالت إن المليشيا اشترطت على المسجلين في كشوفات الزكاة قطع كروت بطائق شخصية جديدة، ما أدى بالفقراء، وكثير منهم من كبار السن والنساء والعاجزين، للذهاب إلى "مركز الأحد" في المديرية لقطع البطائق، لكن دون جدوى بسبب العراقيل التي لاقوها.
 
 وأكدت المصادر أن فرع (هيئة الزكاة) رفض تسليم تلك المبالغ الضئيلة لمن لديهم بطائق قديمة أو حتى من حصلوا على كروت وأوراق تفيد بأنهم استكملوا إجراءات قطع البطائق الجديدة دون الحصول على كرت البطاقة.
 
على ذات السياق، قالت مصادر محلية في مديرية العدين بمحافظة إب، إن المليشيا الحوثية، امتنعت عن صرف مستحقات الزكاة إلا ببطائق الهوية الشخصية، رافضة قبول أي وثيقة رسمية أخرى، أو وكالة بالنسبة للنساء في الأرياف.
 
ونقلت عن عدد من المستحقين أنهم يأتون من مسافات بعيدة في طرق وعرة تكلفهم، ذهابًا وإيابًا، ما يقارب نصف المبلغ المعتمد من هيئة الزكاة الحوثية، بجانب أن اشتراط البطاقة الشخصية الجديدة، يضطرهم لقطعها بمبلغ قد يتجاوز العشرين الألف، غير مصاريف الإقامة لعدة أيام نظرًا للمدة التي يستغرقها حصولهم على بطاقات الهوية.
 
وعن جدوى صرف مبالغ تفوق 50 ألف ريال للحصول على 20 ألف من هيئة الزكاة، أشار مستحقون إلى أملهم بتجنب العوائق حال صرف هيئة الزكاة مبالغ مالية في مناسبات أخرى، أو أن تترك المليشيا التجار يزكون عن أموالهم بطريقتهم.
 
وملأت المليشيا الحوثية وسائل إعلامها بصخب تخصيص 20 مليار ريال، ما يعادل 33 مليون دولار، هذا العام، لمليون فقير ومحتاج في مناطق سيطرتها، وذلك تزامنًا مع منعها التجار والميسورين توزيع زكاة أموالهم مباشرة على المحتاجين، رغم تسليمهم المبالغ المفروضة عليهم لهيئة الزكاة.
 
وقالت (ه.ص) من مدينة إب إن ميسورين كانوا يرسلون إليها بجزء من أموالهم المخصصة للزكاة، لتوزيعها على الفقراء والمساكين، إلا أنها اضطرت لإرجاعها هذه السنة بعد عمليات التضييق من قبل المليشيا وإصرارها على حصر الأعمال الزكوية بها، على الرغم من أنه حتى قانون الزكاة الصادر عن المليشيا يتيح للمكلفين تسليم جزء من الزكاة مباشرة للمحتاجين.
 
وفي الصدد، يجدر التذكير بأن مليشيا الحوثي أصدرت العام 2018 قانونًا جديدًا للزكاة، خصصت بموجبه "الخُمس" من كل عائدات باطن الأرض وظاهرها على نطاق الجغرافية اليمنية، عدا المزروعات، لصالح أدعياء السلالة، التي تُعد المليشيا المعبّر السياسي والأيديولوجي عنهم.
 
كما أن (القانون) الحوثي ألغى قانون الرعاية الاجتماعية وصندوقه، ومواد في قانون السلطة المحلية، ليضم موارد الزكاة ومخصصات الصندوق لهيئة الزكاة المستحدثة.
 
وحسب بيانات صندوق الرعاية المُلغى، وزع خلال العام 2010 على مليون فقير أكثر من 40 مليار ريال، تعادل 200 مليون دولار وقتها، فيما عائدات الزكاة لا تتجاوز 5 مليارات (25 مليون دولار)، في حين وزعت المليشيا هذا العام، وفقًا لوسائل إعلامها، ما يعادل 33 مليون دولار من نحو 200 مليون دولار تحصلتها باسم الزكاة، ليتضح- طبقًا للمصادر- أن كثيرًا من الفقراء حُرموا منها بسبب الاشتراطات والعراقيل الحوثية، ما جعل بعضًا من المواطنين يقولون إن "حسناتها سيئات" في وصف لادعاءات الحوثيين الخيرية.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية