جغرافية حصار تعز.. القصة وما فيها
عندما هبط الحوثي الى تعز وبدأت الحرب وانزاح من المدينة قام الكهنوت بحصار مدينة تعز عبر حزام ناري شمالي وهو الحزام الأهم وأقفل المدينة من الشرق، بمنفذ جولة القصر، وكذلك من الغرب حيث مفرق شرعب.
ثلاثة منافذ مهمة هي الشريان الحقيقي للمدينة، منفذ جولة القصر المؤدي الى الحوبان ويقع المنفذ خلف القصر الجمهوري، ويؤدي المنفذ الى طريق صنعاء وعدن اضافة الى مديريات تعز الشرقية، شرق صبر ودمنة خدير، وماوية وجزء مهم من التعزية ويصل خط الحوبان بين تعز وإب الى صنعاء كذلك بين تعز وعدن عبر الراهدة، والطريق الأقرب.
المنفذ الثاني هو المنفذ الشمالي، المؤدي لمخلاف وشرعب السلام والى العدين وإب عبر طريق الشرقي، ويحاصر هذا المنفذ مديرية التعزية ومديرية السلام والرونة بل ويعيق الوصول الى محافظة إب وهو الحصار الناري الذي يمتد من مفرق الذكرة، الى مفرق شرعب، خط طويل من الشرق الى الغرب يفصل بين شمال وجنوب المدينة وهو الحصار الحقيقي ولقد انقسمت المدينة بين شمال وجنوب، جراء خط الستين الناري والأربعين..
المنفذ الثالث، وهو المنفذ الغربي المؤدي لمديرية شرعب الرونة، وعزل التعزية الغربية والى مقبنة والبرح والمخا وهو الشريان الأول للوصل بين محافظتي تعز والحديدة ويغلقه الحوثي من نهاية خط الستين في الغرب التعزي، وهو الخناق الثالث لمحافظة تعز..
شرح جغرافية الحصار الدامي
كثيرون يجهلون جغرافية الحصار. للمدينة منفذ واحد مؤد الى عدن ولم يكن الطريق الرئيسي، وهو خط التربة وهيجة العبد الى لحج، كذلك لم يكن طريق الكدحة أو راسن المؤدي للمخا، كل هذه طرق بديلة للمدينة.
أما بالنسبة للمديريات الشرقية والغربية ابتدع الحوثي للناس طريقاً مميتاً يشق جبال حبشي، من الغرب وكذلك طريقاً شرقياً يشق جبال صبر عبر الأقروض الى الشرق وهذه الطرق البديلة تحتاج لساعات كثيرة وتمتد بمنحنيات قاتلة وحدثت عشرات الحوادث سقوطاً من أعلى تلك الجبال، والى الأسفل وقضى عشرات المسافرين نحبهم بالطريق.
إذا كنت من سكان مدينة تعز وتريد الذهاب للحوبان، فمنفذ جولة القصر يغلقه الحوثي وما عليك الا أن تستقل سيارة من وسط المدينة وتتجه غربا رغم ان الحوبان في الشرق وتمر في الضباب ونجد قسيم وتلتف حول صبر بمحاذاة سامع للوصول عبر منفذ الأقروض الى الدمنة ثم نقيل الإبل وتصل بعد ثمان ساعات، من جولة القصر الى جولة القصر..
إذا كنت من سكان مخلاف أو شرعب أو التعزية، الطريق الطبيعي لا يحتاج لأكثر من عشر دقائق عبر منفذ عصيفرة الشمالي المؤدي الى الشمال التعزي أو الغربي، فتدير ظهرك لهذه المنافذ وتتجه غرباً رغم أن بلادك في الشمال، تغادر من تعز غرباً وتصعد جبل حبشي والطريق الوعر والمخيف وتهبط الى العيار ثم الى الأخلود وهجدة والربيعي ومفرق شرعب ثم تتجه وجهتك شرعب السلام أو الرونة أو البرح أو مقبنة أو التعزية، بكل هذه الطريق.
حقيقة حصار الحوثي ومعاناة الناس
ليست المسافات فقط هي المعاناة، بل هي الطرقات، ولو أن الطرقات البديلة سهلة لما كانت كل هذه المعاناة، قد يتنازل الناس عن الوقت، ولكن لا يمكن للعربات أن تمر بهذه الطرقات، الا صالون لاند كروزر تويوتا القديمة وهذه أصل المعاناة، فالمرضى يعجزون عن السفر عبر هذه الطرقات وأعيقت حركية تعز بشكل جنوني، وهذا هو المعنى الكلي للحصار.
شمال تعز.. الضحية الصامتة
يعتبر الشمال التعزي هو الريف المحاصر بالمعنى الحقيقي، لقربه من المدينة، وأنت برأس جبل صبر تستطيع أن ترى قريتك وربما بيتك ولكنك تفشل في المرور، والشمال التعزي هو المتضرر الحقيقي، من الحصار، ولذا لكون هذا الشمال هو القيمة القبلية والجبلية يخشاه الحوثي فالغرب والشرق لديهما منافذ للخروج وإن كانت بالمعاناة التي ذكرت آنفاً ولكنه الشمال بلا منفذ البتة، وتتكور فيه قوات المليشيات الفاصلة بين المدينة والحيمة وبين المدينة والمخلاف، وبين المدينة وشرعب، وعشرات العزل التي تتعرض للحصار الكبير كما هي كل مديريات تعز المحررة والمحتلة ولكن تتناسب قيمة المعاناة من مكان والى آخر.
ويبقى خط الستين الممتد من مفرق الذكرة، شرق المدينة، الى مفرق شرعب، غرب المدينة، هو الحزام الناري الذي يحاصر تعز داخل وخارج، بقطع الطريق وبالقصف بكل أنواع الأسلحة وبالقناصات، كل يوم وليلة..