الطريق إلى الحرية سيكون طريقا معبدا بمصاعب لا تنتهي، خصوصا أن كان المعتقل في سجون المليشيات، فالحرية هنا تظل حلما صعب المنال حتى وإن كان المعتقل ضحية تهمة باطلة.

 

في الثامن من يونيو من العام 2017 عندما كان سهيل الخرباش يقضى وقتا ممتعا مع أفراد أسرته في صنعاء تفاجأ بعدد كبير من الجنود ينتشرون حول المنزل الذي يعيش فيه، فيما كان آخرون يقتحمون منزله بشكل عنيف.

 

لقد كان يوما صعبا لشخص تقتاده عناصر من مليشيات الحوثي مدججة بمختلف أنواع الأسلحة إلى قسم الحميري دون أي تهمه مسبقة أو حتى شكوى من شخص تشاجر معه.

 

فالخرباش بطبيعته شخصا هادئا ولا يميل إلى افتعال الخصومات أو المشاجرات مع الغير فهذا السلوك غير محبب بالنسبة له ولا يطيق ممارسته إطلاقا.

 

لكن الشكوك التي كانت تراوده خلال فترة نقله إلى قسم الحميري لم تدم طويلا، فقد وجهت له فورا تهمة الانتماء للمقاومة الشعبية وهي تهمة كان القصد منها تخويفه ودفعه إلى الاعتراف عما يقوم به بالفعل.

 

وعلى مدى أسبوع تعرض الخرباش لعمليات استجواب رهيبة حاول فيها المحقق انتزاع اعترافا منه بالقوة.

 

كانت الطريقة فجة وتنم عن سلوك عدواني مخيف يتخطى الاعتقاد بأن قسوته المبالغ فيها وسلوكه الهمجي قد يدفعه إلى قتل الضحية باي وقت.

 

كما كان الإخفاء المتعمد عن أسرته ومنعه من التواصل معها سلوكا عدوانيا آخر يربك الضحية ويدفعه للاعتقاد أيضا أنه متهم بجريمة غير تلك التي وجهت له في وقت سابق.

 

هنا يكون الاعتقال بدون ذنب تجربة قاسية، لكن ما عساه أن يفعل بعد أن أظلمت في وجهه الدنيا وأغلقت كل فرص النجاة من بطش المليشيات.

 

بعد أسبوع من تجرع مرارة الخوف من المصير المجهول تم نقل الخرباش إلى مكان أكثر قسوة وهو المباحث الجنائية.

 

وهناك تولى المحققون عمليات استنطاق أكثر بشاعة لإرغامه على الاعتراف بالذنب الذي يعلم جلاديه انه لم يرتكبه يوما بل لم يفكر به على الإطلاق لعلمه أن مجرد التفكير قد يقوده إلى مصاعب لا يمكن تحملها.

 

في البحث الجنائي كان الضرب يوميا أمرا اعتياديا والحرمان من النوم شيئا روتينيا بالنسبة لمليشيات تنتهج الظلم، لدفعه الإقرار بالتهم التي وجهت له أو الاعتراف بأشياء أخرى قد لا تعلم عنها.

 

وعلى مدى شهرين مكث الخرباش في زنزانة ضيقة لا يسمح له فيها بالذهاب إلى الحمام سوى مرة واحدة في اليوم.

 

أما الرعاية الصحية فقد منعت عنه تماما وعندما مرض داخل الزنزانة المظلمة والتي لا تتجاوز 60 سم في 180 سم رد عليه أحد الحراس بالقول إذا أردت طبيبا يعاينك فعليك دفع أجرة المعاينة والعلاج مقدما.

 

كانت أوقات عصيبة حسب الصحفي الخرباش الذي سرد قصته لمحرر وكالة 2 ديسمبر "إن تتألم من مرض حل بك دون أن تحصل على الرعاية الطبية التي تحتاجها فهذا أمرا محزنا للغاية "

 

قال الخرباش وهو يغالب أحزانه، "عندما أخبرتهم أنني لا امتلك نقودا فقد تم اعتقالي من منزلي ليلا ومنع عني الزيارة رد عليه جنديا يتولى الحراسة إذا كنت لا تمتلك المال فالأفضل لك أن تموت.

 

كانت فترة الشهرين طويلة، في معتقل عزل فيه عن بقية السجناء وسط ظلمة لا يرى فيها النور ولا يعرف ليلها من نهارها.

 

 بعد قضاء الشهرين من الاعتقال، تعرض خلالها للتهديد بالتصفية الجسدية وصنوف شتى من العذاب باعتباره عميلا للمقاومة، لكن عجزها عن إجباره الاعتراف بالتهم الموجه ضده دفعها لنقله إلى السجن المركزي، حيث يمكث المئات من المعتقلين بدون ذنب.

 

وهناك تم نقله إلى قسم أسرى الحرب، باعتبار أنه تم اعتقاله في إحدى الجبهات في عملية منافية للتهمة التي اعتقل بسببها.

 

 وفي معتقله الجديد تم تخييره ما بين البقاء في السجن إلى ما شاء الله أو مبادلته بأسير حوثي وهما خياران كلاهما أصعب من الأخر.

 

خلال أكثر من عام قضاها الخرباش في المعتقل، فقد الأمل في حصوله على الحرية، فالطريق إليها معبدا بالشوك والوصول إليها أمرا بعيد المنال.

 

لكن الخرباش خرج من معتقله السيء في صفقة تبادل للأسرى مع المقاومة الجنوبية في شهر يونيو 2018 فاتحا بذلك أمامه فرصة آخرا لتنفس عبير الحرية.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية