الهدنة.. 26 يومًا من المحاولات الحوثية لإفشالها
قرابة 26 يومًا مضت على إعلان الأمم المتحدة هدنة في اليمن، تستمر لمدة شهرين كانت شاهدةً ساعاتها على عدد كبير من الألاعيب الحوثية، التي اغتالتها خلال الساعات الأولى لميلادها بآلاف الخروقات، والتنصلات التي كشفت عدم جدية، ورغبة مليشيا الحوثي الإرهابية بتحقيق سلام ينشده اليمنيون الذين يعيشون نار حربها للعام الثامن تواليًا.
وتعمدًا منها لإطالة أمد الحرب في البلاد، تنفيذًا لأجندة ممولتها "إيران" عمدت المليشيا الحوثية، ومنذُ أول أيام الهدنة، في مطلع أبريل الجاري إلى تكثيف، وابتكار عدة أساليب في خروقاتها لها، بدايةً من الخروقات العسكرية، ومرورًا بالمدنية، وصولاً إلى محاولتها تهريب قيادات من الحرس الثوري الإيراني، وقياداتها عبر مطار صنعاء خلال أول رحلة جوية كان مقررا تدشينها تنفيذًا لشروط الهدنة، التي قضت بإعادة فتح المطار أمام الرحلات التجارية.
وتسعى مليشيا الحوثيين الإرهابية المدعومة إيرانيًا، من خلال خروقاتها المستمرة للهدنة - بحسب مراقبين - إلى التحايل على اتفاق الهدنة الأممية، ونسف الجهود الدولية الرامية لإحلال السلام في اليمن، الذي أدخلته المليشيا في دوامة الحرب منذُ ثمان سنوات.
أول اغتيالات الهدنة
أكثر من ألفي خرق عسكري ارتكبته المليشيا الحوثية في عديد من جبهات القتال في 9 محافظات هي - وفقما رصدت وزارة الدفاع في بيان لها - "الحديدة، تعز، الضالع، حجة، صعدة، الجوف، مأرب، أبين، ولحج"، وذلك تزامنًا مع مئات الخروقات التي استهدفت مدنيين، وخلفت عشرات الضحايا.
ويعتقد المراقبون أن مليشيا الحوثي الإرهابية تراهن على كسب الوقت واستغلال الهدنة الأممية، في إعادة ترتيب صفوفها العسكرية واستقدام مزيد حشود من المقاتلين لخطوط النار، مؤكدين أن ذلك هو ديدن هذه المليشيا مع كل هدنة أو محاولة لإيجاد سلام دائم.
وفي الوقت الذي لم تلتزم فيه المليشيا الحوثية، بشروط اتفاق الهدنة ووقف إطلاق النار بمختلف الجبهات القتالية وكذلك استهدافاتها للمدنيين، عمدت أيضًا إلى الممارسات الممنهجة، والتنصل من شروط الاتفاق الأخرى المتضمنة فتح المعابر والمنافذ إنسانيًا،وبين المدن اليمنية.
اغتيال للإنسانية
ومن بين وجوه الالتفاف الحوثي بشأن الهدنة، التي أعلنتها الأمم المتحدة بموافقة الأطراف، تحايلها على إعادة تدشين الرحلات التجارية من مطار صنعاء الدولي، ما أعاق الرحلة الجوية الأولى من المطار، التي كان مقررًا تدشينها إلى الأردن في الـ24 من أبريل/نيسان الجاري.
وكان من المفترض - بحسب بنود الاتفاق للهدنة - أن تنقل الطائرة التي تشغلها الخطوط اليمنية ركابًا فوق سن الـ40 عامًا، إلى العاصمة الأردنية "عمّان" حيث جميعهم ممن يحتاجون إلى العلاج الطبي لكن تلك المليشيا لم تأبه بحياتهم.
وبهدف إفشالها إعادة تدشين الرحلات الجوية من مطار صنعاء الدولي، لإقامة حفلة دعائية تحمل الحكومة الشرعية المسؤولية،عمدت المليشيا الحوثية - بحسب مصادر مطلعة - إلى رفض قبول التذاكر من مكاتب اليمنية التي صدرت من المحافظات المحررة، في مخالفة للاتفاق الذي نص على حجز التذاكر من مختلف مكاتب اليمنية بجميع مناطق ومدن البلاد، شمالاً وجنوبًا.
كما أن المليشيا المدعومة من إيران، وفي إطار مخالفتها لشروط الاتفاق، سمحت ببيع التذاكر، بناءً على الجوازات التي أصدرتها سلطاتها في صنعاء، في مخالفةٍ أخرى منها للاتفاق الذي يحتم سفر اليمنيين بالجوازات الرسمية التي تصدرها الحكومة.
وأشارت الحكومة اليمنية الشرعية المعترف بها دوليًا في بيان إدانة لما أقدمت عليه المليشيا الحوثية وأدى لتعليق الرحلة، إلى أن الأخيرة حاولت فرضها 60 راكبًا على متن الرحلة الأولى من مطار صنعاء الدولي بجوازات سفر غير موثوقة صادرة عنها.
وأكدت حصولها على معلومات تؤكد تخطيط المليشيا حينها، لاستغلال الرحلات خلال شهري الهدنة لتهريب العشرات من قياداتها، وقيادات وخبراء الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني بأسماء وهمية، وكذا وثائق مزورة، مما أدى إلى تعليق الرحلة، وتأجيلها - وفق بيان الحكومة - حتى تلتزم المليشيا بما تم الاتفاق عليه.
سوء نية
ما أقدمت عليه مليشيا الحوثي، من اغتيال مبكر للرحلة الأولى من مطار صنعاء الدولي، يؤكد -طبقا لمتابعين- سوء نية المليشيا في التعامل مع الهدنة المعلنة من قِبل الأمم المتحدة وهو ما يتطلب ضرورة توخي الحذر من إقدام المليشيا على خطوات مشبوهة قد تُترجم عملياتيًّا في إطار تصعيداتها الميدانية على الأرض.
وأشار المتابعون إلى أن خروقات المليشيا للهدنة عسكريًا، وإنسانيًا، بالإضافة إلى محاولاتها تهريب قياداتها وضباط وخبراء الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني، يؤكد أن هذه المليشيا لا ولن تخضع للسلام، وأن مجرد إعلانها الموافقة على أي هدنة سلام ليس إلا مرحلة تتخذها فرصًا لتجهيز نفسها عسكريًا.
استمرار حصار تعز
حتى اللحظة، لم تبد مليشيا الحوثيين الإرهابية، أي بوادر توحي بحسن نواياها في التعامل مع الهدنة الأممية، وذلك برفع حصارها المفروض على مدينة تعز.
وأوضحت مصادر محلية وأخرى مطلعة، أن المليشيا لم تبادر حتى الأثناء في فتح أي معبر، وهو ما يؤكد أنها لا تريد أي سلام ولا يمكن لها الاتزام بالهدنة.
ويقبع مئات آلاف السكان في مدينة تعز، تحت حصار خانق تفرضه عليهم مليشيا الحوثي الإرهابية منذُ بداية الحرب التي أشعلتها في البلاد، ومعه تعيش عشرات آلاف الأسر في هذه المدينة المحاصرة تحت وطأة معاناة يومية ألقت عليهم بثقلها وحولت حياتهم إلى جحيم.
وعلى مدى السنوات الماضية من الحرب، عملت المليشيا على إغلاقها وقطع جميع خطوط، ومنافذ المدينة وعزلها بشكل شبه كلي عن باقي المحافظات الأمر الذي جعل من سكانها يعيشون في سجن وعزلة عن الجميع، ويتعرضون لأبشع الجرائم الدموية والإرهابية والوحشية بحق الإنسانية من قبل العصابات الحوثية المحاصرة لثالث أكبر المدن اليمنية سكانا.