معتصم.. الطريق في الخير يقوده إلى معتقل المليشيات
عندما كان معتصم ناصر، يعمل لدى منظمة محلية ضمن فريق لتوثيق حالات الفقر في محافظة ريمة كان ينظر لعملهم الإنساني بتقدير كبير، لكن مليشيات الحوثي لم تر فيهم سوى عملاء يتوجب معاقبتهم.
كان ناصر إضافة إلى ثلاثة آخرين قد حصلوا على عقود عمل مع منظمة محلية مهتمة بتوثيق حالات الفقر التي طالت المواطنين في محافظة ريمة بداية 2017، ضمن برنامج سيشمل محافظات أخرى.
عمل الفريق نحو شهرين متواصلين، بعدها قرروا العودة إلى محافظة تعز لقضاء إجازة تمتد لأسبوعين، لكن مليشيات الحوثي في منطقة الحوبان استوقفتهم إثر بلاغ تلقته من أحد عملائها في ريمة.
اقتيد الفريق مباشرة إلى مدينة الصالح دون أن يعرفوا أسباب التوقيف، وعندما وصلوا إلى المشرف الحوثي وجه لهم تهمة الخيانة، لنقلهم بيانات إحصائية لجهات خارجية دون أن تحدد مليشيات الإجرام تلك الجهات.
خضع المعتقلون لجلسات تحقيق مطولة أراد خلالها المحقق الحوثي معرفة الجهة الأجنبية التي يعملون لصالحها.
وخلال جلسات الاستجواب حاول الشبان الأربعة إنكار التهم الموجهة إليهم وإفهام المحقق بأن المنظمة التي يعملون معها محلية ومسجلة في صنعاء، ومليشيات الحوثي هي الجهة التي منحتها تراخيص مزاولة العمل.
لم تجد تلك المعلومات نفعا، في وقت كان المحقق الحوثي يحاول باستماته دفعهم للاعتراف بالجهة الأجنبية التي يعملون لصالحها.
عجز المحقق الحوثي في انتزاع أي اعترافات لذا قرر استخدم أساليب يرتعب الجميع لدى سماعها وهي.. "التعذيب".
لقد انتفض المحقق الحوثي من مكانه وأوكل مهمة استنطاق المعتقلين الأربعة إلى آخرين تولوا المهمة بقذارة وبدأوا ضربهم بشكل عنيف لساعات طويلة.
استمرت عمليات التعذيب لأسابيع تخللتها تهم العمالة والتجسس لصالح جهات خارجية وبأنهم دواعش، وكان الحرمان من النوم وتأخير وجبات الطعام، تعذيبا نفسيا يرافق التعذيب الجسدي الذي لازمهم لأسابيع.
وبعد عدة محاولات فاشلة للحصول على اعتراف يكشف عن المؤامرة التي ينفذونها حسب زعم مشرف حوثي عن الاعتقال، تم تحويلهم إلى بناية مجاورة خصصت كسجن عام وهناك قضوا لأكثر من خمسة أشهر بدون ذنب ارتكبوه سوى أنهم ضحايا بلاغ كاذب.
خلال تلك الفترة لم تكن عائلات الضحايا تعلم عن مصيرهم ولا أماكن احتجازهم ولم يمنح المعتقلون فرصة للتحدث إلى ذويهم وهي جميعها انتهاكات إضافية للجريمة التي ارتكبتها مليشيات الإجرام بحقهم.
خلال فترة الاحتجاز سعت مليشيات الحوثي للحصول على مبالغ مالية من المنظمة التي يعملون لصالحها، لقاء الإفراج عنهم.
وبعد جولات من المفاوضات امتدت لأيام، رفضت المنظمة دفع أي مبالغ مالية بحكم أن المعتقلين أبرياء، لم يتورطوا في أي عمل غير قانوني.
رفضت المنظمة الضغوط التي مورست عليها لدفع مبالغ مالية وأظهرت التصاريح التي حصلت عليها من سلطة الأمر الواقع في صنعاء، حينها سمحت مليشيات الحوثي لهم بالمغادرة على مضض.
خرج الفريق من السجن، وقد أنهكت قواهم العقلية والبدنية وتعرفوا خلال تلك الفترة التي امتدت لستة أشهر، على صنوف شتى من العذاب.
تعرفوا عن معتقلين يقاسون من العذاب والحرمان ليل نهار وبعضهم استبد به الجنون وأصبح في وضع نفسي سيء لا أحد يعرف مكانه ولا ظروف احتجازه.
هكذا إذاً هي مسيرة الموت الحوثية، وهكذا هي طريقتها في التعامل مع المدنيين الأبرياء الذين يعتقلون لمجرد الشك، فيزج بهم في معتقلات الظلم فيقاسون خلالها ويلات العذاب.