في وقت يعيش فيه ملايين المواطنين في جميع مناطق سيطرتها أزمة خانقة في المشتقات النفطية، تستمر مليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة إيرانيًا في احتجاز مئات من مقطورات النفط والغاز بمحافظة الجوف منذ عديد أسابيع بهدف تعميق المعاناة الحاصلة وإنعاش أسواقها السوداء.
 
وفي تأكيدات جاءت من الداخل والخارج باستمرار تدفق المشتقات النفطية من المناطق المحررة للمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، تناولت المشكلة تصريحات من محافظة مأرب النفطية وتقرير أممي حديث، مشيرين إلى عدم منع الوقود من دخول مناطق المليشيا الحوثية وافتعال الأخيرة للأزمة.
 
أسعار جنونية 
 
مؤخرًا وصلت أسعار صفيحة البترول سعة (20 لترًا) في مناطق سيطرة المليشيا الإرهابية لـ(40 ألف ريال) أي ما يعادل (67$) دولارًا _وفق أسعار الصرف في مناطق سيطرتها _ وهو ما يقارب 70% من راتب 40% من الموظفين الحكوميين، وقرابة 60% من باقي إجمالي الموظفين، والذين حرمتهم المليشيا من رواتبهم منذُ قرابة ثمان سنوات من انقلابها. 
 
احتجاز مقطورات النفط  
 
وتتخذ مليشيا الحوثي الإرهابية من سياسة احتجاز نحو 600 مقطورة نفط وغاز في منافذها الواقعة شرق مدينة الحزم، عاصمة محافظة الجوف، شمال شرق اليمن - حسب مصادر متطابقة تحدثت لـ"وكالة 2 ديسمبر" - وسيلة من وسائلها الممنهجة لخلق الأزمات في حياة المواطنين.
 
أعباء كارثية 
 
يقول أحد المواطنين -رفض ذكر اسمه لدواعٍ أمنية- وهو سائق باص أجرة لنقل الركاب في العاصمة صنعاء، إنه اضطر لشراء صفيحة بترول سعة (20 لترًا) بسعر (43 ألفًا) من السوق السوداء التي تنتشر بشكل واسع في صنعاء، وتتبع قيادات حوثية نافذة، ومن خلالها تستغل حاجة المواطنين لبناء امبراطورية واسعة من الثراء غير القانوني. 
 
وبحسب المواطن فإن شراء صفيحة البترول بهذا السعر الجنوني، هو أمر اضطراري بالنسبة له، فهو يعمل سائقًا لباص ركاب يعد مصدر دخله الوحيد لأسرته، لكنه يؤكد بأن هذا السعر يدفعه مضطرًا لرفع أجرة الركاب من 100 إلى 400 ريال على الأقل، بالرغم مما يعيشه المواطن من معاناة بالغة جراء ظروف المعيشة الصعبة والتي تسببت بها هذه المليشيا منذُ انقلابها على الدولة. 
 
معاناة الغاز 
 
كذلك الأمر نفسه انعكس سلبًا على أسعار أسطوانات الغاز المنزلي التي بلغ سعرها في الآونة الأخيرة بجميع مناطق سيطرة المليشيا الحوثية (25 ألفًا) وهو ما يعادل (42$) دولارًا، وبفارق (34.5$) دولارًا _ وفقًا لسعر الصرف في صنعاء_ وذلك عما تحصل عليه من شركة الغاز بمحافظة مأرب بسعر (4500 ريالاً) للأسطوانة الواحدة، وذلك ما يعادل (7.5) دولارًا. 
 
وبحسب مصادر محلية في العاصمة صنعاء فإن المليشيا لم تتوقف عبر أسواقها السوداء المنتشرة بجميع شوارع العاصمة عن بيع جميع المشتقات النفطية والغاز بأسعار تتزايد كل يوم، ويتحمل أعباؤها المواطنون. 
 
قيادات السوق السوداء
 
وقالت مصادر مطلعة إن مليشيا الحوثي الإرهابية تهدف من خلال افتعال الأزمة الحاصلة للمشتقات النفطية والغاز وكذا الإنعاش لأسواقها السوداء لمضاعفة الإيرادات لتعويض خسائرها وتغطية نفقاتها، سواء في التحشيد والتنقل في المحافظات التابعة لها لتجنيد مقاتلين لجبهات القتال في عدد المناطق التي تشهد حربًا مستمرة، بالإضافة إلى بناء امبراطورياتها الضخمة من الثراء. 
 
وأكدت مصادر في شركة الغاز بصنعاء، أن هذه الأزمة مفتعلة تمامًا ولا مبرر لها، كاشفة أن عمليات إخفاء المشتقات النفطية والغاز في جميع مناطق سيطرة المليشيا جاءت تطبيقًا لتعليمات وتوجيهات من المدعو محمد علي الحوثي الهدف منها تمويل الحرب، وتكوين الثراء لقياداتها التي تدير هذه الأسواق السوداء، وتستورد مشتقات النفط عبر شركات كونتها من أموال الشعب التي تدأب على نهبها. 
 
كما أن عمليات الاستيراد للمشتقات النفطية والغاز، عبر عديد شركات حوثية تم إنشاؤها، ومنها شركات تتبع كلاً من المدعو محمد علي الحوثي، وأخرى للمدعو "محمد عبدالسلام فليتة، تعد من أبرز الأسباب لبروز تلك السوق السوداء، وأن خلق الأزمة أهداف حوثية لإنعاشها، وذلك لكونها تدر عليها المليارات من الأموال الطائلة.
 
تصريحات مأربية
 
وفي ذات السياق تعمد مليشيا الحوثي الإرهابية لإنعاش أسواقها السوداء بعد خلقها أزمة الوقود بهدف بيع مشتقات النفط التي تحصل عليها دعمًا من إيران.
 
وفيما تدعي المليشيا أن الأزمة الحاصلة ناتجة عن امتناع سلطات محافظة مأرب عن تزويد المحافظات الخاضعة لسيطرتها بمختلف مشتقات النفط والغاز، أكدت السلطة المحلية بمأرب على لسان وكيلها للمحافظة عبدربه مفتاح، أن أزمة الوقود الخانقة التي تشهدها العاصمة صنعاء وكذلك باقي المحافظات الخاضعة للمليشيا مفتعلة، وأن محافظة مأرب ملتزمة بتزويد كافة اليمنيين في كل المناطق بالخدمات الأساسية المتوفرة لديها من الغاز والمشتقات النفطية، ومن دون أي استثناءات.
 
ونُقل عن الوكيل مفتاح قوله إن المحافظة لم تتوقف يومًا عن تزويد جميع المحافظات بمادة الغاز، وكذا باقي المشتقات النفطية الأخرى من دون النظر إلى التقسيمات الجغرافية أو الاعتبارات السياسية، وحتى المذهبية التي أفرزتها الحرب الحوثية. 
 
تأكيد أممي 
 
وفي تقريره الصادر حديثًا، أكد فريق الخبراء الدوليين المعني باليمن في تقريره المرفوع لمجلس الأمن الدولي، أن الحوثيين يَخْلُقون أزمة مفتعلة في المشتقات النفطية، من أجل إجبار التجار على بيع الوقود في السوق السوداء التي يديرونها ويجمعون من ورائها رسومًا غير قانونية.
 
وأفاد تقرير الفريق الأممي أن حجم إمدادات الوقود عن طريق البر لكافة المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون خلال شهري أبريل ومايو 2021م، بلغ قرابة (10 آلاف برميل) يوميًا وهو ما مثل نحو 65% من إجمالي الوقود المستورد إلى اليمن، مقابل إمدادات بلغت قرابة 6 آلاف طن يوميًا قبل هذا التأريخ، وهو ما يدل على وجود اتجاه تصاعدي.
 
وقال التقرير إن الحوثيين يخلقون ندرة مصطنعة للوقود من أجل إجبار التجار على بيعه في السوق السوداء التي يديرونها، وجمع الرسوم غير القانونية المفروضة على تلك المبيعات، مشيرًا إلى أن الحوثيين حصلوا على إيرادات رسمية من واردات الوقود خلال عام 2021م المنصرم تقدر بنحو (70 بليون ريال يمني)، وهي ما يقول عنها تقرير الخبراء إنها أرباح خيالية جدًا يتحصل عليها الكثير من الحوثيين من بيعهم المشتقات النفطية في الأسواق السوداء نتيجة لاصطناعهم الأزمات الخانقة والمفتعلة في هذا الإطار.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية