المخدرات تفتك بالعراقيين.. نسبة التعاطي تصل مستوى "مخيفا"
ويرى مراقبون أن تفكيك هذا العدد الكبير من الشبكات يكشف الارتفاع المضطرد في أعداد مدمني المخدرات في البلاد والضالعين في المتاجرة بها، خاصة في صفوف الفئات العمرية الشابة.
وتشكل فئة الشباب الضحية الأولى للوقوع في فخ الإدمان المدمر، في بلد يشكل فيه من دون الخامسة والعشرين من العمر 60 في المئة من إجمالي السكان.
ويقول منتقدون في العراق إن "الحرب" ضد الممنوعات تركز على المجابهات الأمنية والاستخبارية فقط، دون تطوير آليات معالجة اجتماعية واقتصادية ونفسية، أي العوامل المحفزة والمشجعة لتنامي ظاهرة تعاطي المخدرات في المجتمع العراقي.
وتتضح فداحة الوضع عبر الأرقام والإحصائيات المفزعة التي تعلن عنها الجهات الحكومية المعنية، حيث تسجل البلاد سنويا آلاف حالات الإدمان والاتجار، فيما يبقى القسم الأكبر من حالات التعاطي والترويج، محاطا بالسرية.
مؤشرات مقلقة
وفي مؤشر شديد الخطورة، كان مجلس القضاء الأعلى في العراق قد أعلن، مطلع شهر يونيو الماضي، أن "نسبة الإدمان على المخدرات قد تصل إلى 50 في المئة وسط فئة الشباب، كما أن النسبة الأكبر للتعاطي تصل إلى 70 في المئة، في المناطق والأحياء الفقيرة التي تكثر فيها البطالة".
في غضون ذلك، أعلنت المديرية العامة لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية في وزارة الداخلية العراقية في شهر سبتمبر الماضي، أنه "خلال سنة ونصف السنة، تمكنت المديرية العامة من إلقاء القبض على أكثر من 11 ألفا، من مروجي وتجار المخدرات منهم 5 آلاف متعاط، وهذا مؤشر خطير".
ولدى الحديث عن عوامل تفشي هذه الآفة المزمنة في العراق، يقول قاسم حسين صالح، رئيس ومؤسس الجمعية النفسية العراقية، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، "ظاهرة انتشار تعاطي وتجارة المخدرات في العراق، تعود لجملة أسباب مركبة ومتداخلة؛ أهمها البطالة والفقر وانسداد الآفاق أمام فئة الشباب، فمثلا نسبة البطالة بمحافظة مثل ذي قار جنوبي البلاد بلغت نحو 35 في المئة، فيما تجاوز عدد من هم دون مستوى خط الفقر من عموم المواطنين العراقيين 13 مليون نسمة بحسب وزارة التخطيط العراقية، وقس على ذلك حجم المأساة".
شعور بالضياع
يقول قاسم حسين صالح "الشعور بالضياع، وانعدام المعنى من الوجود في الحياة، والتفكك الأسري والاكتئاب واليأس والوصول لحالة العجز، كلها عوامل رئيسية تقف خلف تفاقم ظاهرة تعاطي المخدرات والاتجار بها في المجتمع العراقي".
وأضاف "توالي الخيبات والصدمات لدى المواطن العراقي عامة والشباب خاصة، بعد صبر طويل، ولأن للصبر حدودا، وللإنسان قدرة معينة على التحمل والمعاناة، أفرز هذه النتيجة المؤسفة مع الأسف، حيث تفشي الظواهر السلبية التي تنخر عمق المجتمع وقيمه وأمنه واستقراره".
ويلقي الأكاديمي العراقي باللوم على "فشل السلطات العراقية الذريع واستفرادها بالثروات ومقدرات البلاد، "ففي حين تعرف السياسة بأنها فن إدارة شؤون الناس، لكن ما جرى في العراق هو أن الطبقة السياسية الحاكمة عزلت نفسها مكانيا ونفسيا في 10 كيلومترات مربعة، لتعيش حياة مرفهة ومترفة، وتركت الناس خارج برجها العاجي يكابدون الذل والهوان في ظل الفقر والغلاء، وغياب العدالة الاجتماعية وشيوع الفساد".
وينص قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية في العراق، رقم 50 الصادر في العام 2017، على عقوبات صارمة تصل لدرجة الإعدام كما في المادة 27 منه، وللسجن المؤبد كما في المادة 28 من القانون.
وكان العراق حتى عام 2003، بشكل عام بمنأى لحد كبير عن ظاهرة إدمان المخدرات والاتجار بها، بفعل القوانين العقابية الصارمة والرادعة، التي كانت معتمدة ضد المتعاطين والمتاجرين بها، والتي كانت تصل لعقوبة الإعدام.
وكان العراق، مجرد نقطة عبور هامشي في مسارات تجارة المخدرات الدولية، إلا أنها تحولت طيلة عقد ونيف إلى ساحة شبه مفتوحة لتعاطي المواد المخدرة والمتاجرة بها ، بحسب خبراء.
وأكثر أنواع المواد المخدرة تعاطيا في العراق، هي الكريستال الأبيض والحشيشة وحبوب "الكبتاغون"، ومعظمها تدخل إلى البلاد عبر الحدود الطويلة مع إيران، التي تمتد لأكثر من 1500 كيلومتر.