تضعف القدرة الشرائية لدى المواطن اللبناني يوما بعد الآخر، فيما تعجز الحكومات المتعاقبة عن تخفيف وطأة الأزمة، حتى باتت خدمات كثيرة أساسية تستوجب البحث بعناء ومشقة في السوق السوداء.

ويعاني اللبنانيون الأمرين لتأمين الطعام وخدمات النقل والصحة، بينما تلجأ الحكومات إلى حلول توصف بـ"الترقيعية" كاعتماد الدعم الجزئي غير المنظم؛ سواء تعلق الأمر بالمحروقات أو بالدواء.

وتقوم الحكومة بتأمين الدولارات من مصرف لبنان على سعر صرف يتراوح بين 1500 الى 3900 ليرة لبنانية، بينما لامس سعر صرف الدولار في السوق السوداء 23 ألفا.

فوضى وتهريب

ولأن المصائب تأتي تباعا، فإن غياب الرقابة يعزز آفة تهريب ما هو مدعوم إلى خارج لبنان، وتنشط السوق السوداء للحصول على المحروقات والأدوية، لا سيما للأمراض المستعصية والأمراض المزمنة.

وفي سياق الأزمة، رفعت وزارة الصحة الدعم عن الأدوية حتى تنخفض الفاتورة الشهرية للدواء من 130 مليون دولار الى 35 مليون دولار، لكل من أدوية الامراض المستعصية والمزمنة والمستلزمات الطبية، وفق تقسيمات تختلف حسب سعر الدواء.

في هذا الإطار، قال رئيس الهيئة الوطنية الصحية، إسماعيل سكرية، لموقع "سكاي نيوز عربية"، "إن مصير هذه الخطة كسابقاتها، حيث ستفشل في توجيه الدواء لمستحقيه، وسيهرب الدواء المدعوم كما حصل في السابق إلى العراق وغيرها من الدول ليباع بأسعار عالية".

 ويبدي سكرية خشيته من السوق السوداء التي ستنشط بالدواء في ظل غياب المختبرات التي تتأكد من تركيبة العقارات ومدى جودتها وفعاليتها.

 وحمّل سكرية المسؤولية للسلطة السياسية التي رفضت السير بالخطة الصحية الوطنية التي تدعم الصناعة المحلية للدواء وتمكن جميع المواطنين من الحصول على خدمات التطبيب والاستشفاء.

المرضى أمام سيناريو مرعب

وبحسب سكرية، سيفقد بعض المواطنين حياتهم بطريقة غير مباشرة أو بشكل تدريجي، بسبب عدم السير ببروتوكول العلاج كما يلزم، لا سيما مرض السرطان، وهو ما يسرع عملية انتشار المرض فيخسر المريض حياته نتيجة لذلك.

أما في ظل ارتفاع سعر الدواء بشكل جنوني، فقد لا يتمكن المواطن من الحصول عليه عند حاجته الضرورية إليه، وهو ما يعرض حياته للخطر أو قد يخسرها مباشرة.

وتشكل الأدوية ذات الماركات العالمية غالية الثمن 98 في المئة من واردات الأدوية في لبنان، في حين لا يشكل الدواء البديل الأقل سعرا سوى 2 في المئة.

ولم تحدد الدولة اللبنانية لائحة تضم الأدوية الضرورية للاستيراد، والتي من شأنها خفض فاتورة الاستيراد لنسبة تصل الى 70 في المئة.

أزمة محروقات خانقة 

وبعدما رفع الدعم كليا عن المازوت، يتخوف اليوم عضو نقابة مالكي أصحاب محطات المحروقات، جورج البراكس، من عدم توفره بالسوق نظرا لآلية التسعير المفروضة على محطات المحروقات بالليرة اللبنانية، بينما يقومون بشراء المازوت من الشركات المستوردة بالدولار الأميركي وهذا ما يكبدها الخسائر، ويزيد من فرص إعادة إحياء سوق السوداء في المحروقات.

أما البنزين فما يزال مصرف لبنان يؤمن 90 في المئة من ثمنه بحسب سعر المنصة الذي يتغير كل يوم، فيما يجري تأمين 10 في المئة المتبقية من السوق، مما يؤدي إلى مزيد من الضغط على سعر صرف العملة الوطنية وتراجع قيمتها.

ولا يزال التهريب إلى سوريا قائماً بسبب عدم توفر مادتي المازوت والبنزين هناك، وقد تراجع الطلب على البنزين في لبنان من 12 مليون لتر يوميا إلى 7 ملايين، ويتوقع البراكس أن يصل إلى 5 ملايين لتر يوميا بسبب ارتفاع أسعاره.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية