من محاضر التحقيق والمحاكمة وأقوال المحامين والضحايا.. "2 ديسمبر" تتبع التضليل والتعذيب الحوثي للشهداء التهاميين
على وقع احتفالاتها بالذكرى السابعة لاقتحامها العاصمة صنعاء بمسمى ثورة 21 سبتمبر 2014، أكدت مليشيا الحوثي بسلوكياتها وصف اليمنيين لانقلابها بأنه "نكبة"، وذلك من خلال إعدامها، السبت الماضي، تسعة أبرياء بينهم قاصر وسط العاصمة، غير عاشر توفي داخل سجونها جراء مضاعفات التعذيب، بتهمة ملفقة عن مشاركتهم في قتل الهالك القيادي الحوثي صالح الصماد في أبريل 2018.
وكالة " 2 ديسمبر" تحصلت من مصادرها الخاصة على محاضر تحقيقات النيابة الجزائية المتخصصة وجلسات المحكمة الابتدائية الجزائية المتخصصة، وهما الجهازان القضائيان اللذان استحوذت عليهما، وغيرهما من مؤسسات الدولة، المليشيا الحوثية التابعة لإيران، لتسليطهما على رقاب وأموال اليمنيين.. وفي هذه المادة، المعززة ببعض ما ورد في تلك المحاضر على لسان الشهداء والمحامين، تتتبع الوكالة أهم الوقائع المؤكدة لمظلومية التهاميين العشرة:
اعترافات ووقائع
قبل شهور تطرق القيادي الحوثي العتيق والمشارك في تأسيس المليشيا صالح هبرة، إلى استخدام المليشيا ذريعة زرع "الشرائح" للنيل من معارضيها في معقلها بمحافظة صعدة، شمال اليمن، قبل تمددها وسيطرتها على مقدرات الدولة اليمنية.
الأسطوانة نفسها كررتها المليشيا ضد الضحايا التهاميين، بتركيب تلفيقاتها على دس شريحة في جيب أحد مرافقي الصماد، وهو المرافق الذي أكدت المعلومات أنه مازال حيا يرزق.
وكما ورد على لسان الضحية علي القوزي أمين عام المجلس المحلي بمحافظة الحديدة، في جلسة المحاكمة الثالثة أواخر أبريل 2019 أنه اختلق للتخلص من التعذيب قصة وضعه للشريحة في جيب مرافق الصماد بعد ما أخبره المحققون أن السيارة الخاصة بالصماد التي وضع الشريحة فيها وأعطاهم أوصافها لم تضرب من طائرات التحالف التي قتلت الصماد.
الجريمة الحوثية التي لقيت استياء داخليا وخارجيا، رسميا وشعبيا، واسعا، حاولت المليشيا تغطيتها بنشر إعلامها الأمني مقاطع فيديو لما أسمته اعترافات "الخونة"، لتؤيد بمردود عكسي لما أرادته المليشيا الاعتقاد بتلفيق التهمة للضحايا، حيث ظهر عدد منهم في تلك المقاطع، الواضح أنها خضعت لعملية منتجة وبتر، يدلون باعترافات وهم منهكو القوى وبلهجة لأغلبهم أقرب إلى اللغة العربية الفصيحة منها للهجة التهامية الساحلية، وأعينهم موجهة للأسفل وكأنهم يقرأون ما يدولون به من ورقة مكتوبة على طاولة أمامهم. الأمر الذي أكدته محاضر التحقيقات والجلسات في أن المحققين كانوا يلقنونهم الاعترافات. حسب إفادات في جلسات المحاكمة من عدد منهم بينهم إبراهيم عاقل والطفل عبدالعزيز الأسود، وكما أشار في السياق محمد قوزي بقوله: " ذكرت أقوالي في الأمن إنني استلمت عشرين مليون ريال يمني وهي التي اعترفت بها أثناء التحقيق معي في الأمن وهذا الكلام قلته تحت الإكراه، أنا تكلمت في محاضر الأمن بكل الأقوال التي قرئت علي وكان ذلك بسبب الإكراه والضغط الذي تعرضت له".
مقاطع الفيديو توحي بأن الضحايا أعضاء خلية واحدة شديدة التنسيق، وهو أمر طبيعي في خلية مفترضة للقيام بمهام استخباراتية بحجم اغتيال رئيس جمهورية، وفق المنصب الذي منحته المليشيا للصريع الصماد في سلطتها غير المعترف بها، لكن ومن واقع المقاطع نفسها أن الخلية المزعومة تشكلت قبل يوم واحد من قتل الصماد.
تلك المقاطع واجهت بها النيابة والمحكمة الضحايا كأدلة إثبات مع أن القانون اليمني لا يعتبرها من الأدلة، حسب اعتراض لمحامين في بعض جلسات المحاكمة الصورية.
وأمام جلسة المحاكمة الخامسة أكد عبدالمجيد صبرة أحد محاميي الدفاع عن الضحايا أن "ما تم استعراضه هي صورة من الدليل وليست التسجيل الأصلي ويبدو على المعروض أنه مجزأ ومبتور عن السياق كما أراد لها المحقق أن تكون". كما ورد في محضر الجلسة.
ووفقا للمحاضر، بعض الضحايا لم يكونوا متواجدين في مدينة الحديدة التي قتل الصماد في أحد شوارعها، مثل الضحية محمد الهيج، وعلي كزابة الذي توفي من مضاعفات التعذيب في آخر الأسبوع الأول من أغسطس 2019.
وكان الأخير ممن عرّف مهنته في التحقيقات أنه "مجاهد" أي أحد المقاتلين في صفوف المليشيا الحوثية، اُتهم مع آخرين بأن مهمتهم رفع الإحداثيات، في تناقض جديد مع قصة "الشريحة". غير ما أكده الضحية محمد المشخري المتهم بذات تهمة كزابة أن المواقع التي ذكرها في أقواله تحت الإكراه لدى الاستدلالات لم يقصف منها شيء.
تعذيب وانتهاكات
الضحايا العشرة اختطفتهم المليشيا ما بين منتصف سبتمبر وأواسط نوفمبر العام 2018، في حين بدأت تحقيقات النيابة أوائل أبريل وعقدت المحكمة 14 جلسة من 17 إبريل إلى 9 أكتوبر العام التالي 2019، وقبل التحقيقات أمضى الضحايا ما بين خمسة وستة شهور تحت التعذيب في سجون سرية للإدلاء بالاعترافات المطلوبة منهم، بجانب انتهاكات لحقوقهم أمام المحكمة الحوثية.
ومن بين أساليب التعذيب التي ذكرها الضحايا في محاضر التحقيقات والجلسات وأجبرتهم على الاعتراف بما أملاه عليهم المحققون الأمنيون، الحرمان من النوم لأيام، والضرب، والإجبار على الوقوف لساعات، والرش بالماء البارد في أشهر الشتاء، والتعليق لساعات من الأيدي، وتعمير السلاح في وجوههم، والتركيب على حديدة تسمى الحصان تفترق فيها الرجلين حتى تتقطع أنسجة الفخذين، والحرمان من الأدوية.
ومما جاء في محضر الجلسة الثانية للمحاكمة "وعقب إملاء قائمة أدلة الإثبات على المتهم الحاضر محمد خالد علي هیج رد بقوله إن الأقوال الواردة بقائمة أدلة الإثبات هي أقواله إلا أنه أدلى بها بالتعذيب والتهديد بالتعذيب وقد تمثل التعذيب حيث كان يوضع على لسانه سلك كهرباء جهاز كهرباء والتعليق برقبته برفع يديه إلى أعلى لوقت وأرجله مكلبشة ومن البرد إلى الحمى وتعليق يده برجليه والتقويس".
ومن روايات التعذيب ما ذكره الضحية محمد المشخري في جلسة المحاكمة الرابعة من " رد المتهم بأن ما تضمنته أقواله بمحاضر جمع الاستدلالات بشأن إقراره المنسوب إليه إنما هي أقوال غير صحيحة أفاد بها للخلاص من الموت والعذاب الذي تعرض له المتمثلة في الحرمان من النوم لأيام متعددة بلغت أقصاها ثمانية أيام حيث كان يتعاقب عليه المحققون تعقيب ويتداولوه لسماع أقواله وكذا تعليق اليدين ورفع أحد الرجلين وضرب في الأقدام بكيبل ولو سألوه هل قتلت رسول الله لاعترف و علق في رقبته وأنه قد تلقى أنواع العذاب منه دشداش بالماء البارد وربطه في سلم ومن ثم ركز (قلب) السلم وهو مربوط فيه لساعات طويلة من الفجر حتى الظهر وأنه قد تعرض لما لا يعرفه من العذاب وأن الأقوال الواردة جميعها هي أقواله بعد ذلك العذاب".
وفي جلسات المحاكمة حُظر على الضحايا السماح لأهاليهم بزيارتهم إلا ثلاث مرات وفي المحكمة لا في المعتقلات، طوال ثلاث سنوات. وكان الضحايا يدخلون في قفص الاتهام أثناء الجلسات بشكل منفرد، تحت ذريعة الدواعي الأمنية.
ومما تعرضوا له خلال المحاكمة قرار المحكمة في جلستها التاسعة تعديل "القيد والوصف" ما أربك أداء المحامين للدفاع عن الضحايا.
ثلاثة على الأقل من بين الضحايا العشرة، التحقوا بمليشيا الحوثي، فبالإضافة إلى كزابة المتوفى جراء التعذيب، كان الضحيتان علي قوزي أمين محلي الحديدة والعقيد عبدالملك حميد، من المؤسسين للمليشيا في المحافظة الساحلية، ما يؤيد النظرية المتداولة في الشارع اليمني عن أن التخلص من الصماد جاء في إطار صراع الأجنحة الحوثية، ويؤكد من جهة ثانية أن المليشيا لا تتورع عن تقديم مناصريها من غير السلاليين وبخاصة من خارج معقلها بصعدة كباش فداء لتمرير أجنداتها، فما البال إذا كانوا من أبناء تهامة الرافضين تاريخيا للتمدد الإمامي في مناطقهم. وقد أفاد قوزي وحميد أنهما اختطفا من دورة طائفية "ثقافية" نظمتها المليشيا في صنعاء.
الضغط على المحامين
المحامون كذلك تعرضوا لعراقيل أمام أداء واجبهم، حيث مُنع المحامون عبدالمجيد صبرة، عبدالعزيز السماوي، ونشوان الريمي، الذين تولوا الدفاع عن الضحايا من الالتقاء المنفرد بموكليهم، وتزويدهم بالملف الكامل للقضية.
ومن الإعاقات للمحامين إبلاغهم بانعقاد جلسات المحاكمة ليلة انعقاد الجلسة، ما اضطرهم إلى الطلب القانوني من المحكمة "إبلاغ الدفاع بمواعيد الجلسات قبل كل جلسة في وقت كافي حتى يستعد الدفاع بما لديه دون المباغتة للدفاع بإخباره بمواعيد الجلسات ليلة كل جلسة".
وبحسب محاضر الجلسات، رفض المحامون حضور الجلسة العاشرة المنعقدة في 25 سبتمبر "وذلك بسبب رفضهم الذهاب للجلسة على متن الباص البلكه المعكس الذي أعد لنقلهم بصحبة عدد من الجنود إلى المكان الذي ستعقد فيه الجلسة والذي لا علم للمحاميين به أساسا وهذه الباصات مخصصة لنقل المتهمين في أجهزة الأمن ومكافحة الإرهاب".
وخلال الجلسة الرابعة عشرة في 9 أكتوبر قدم الدفاع مذكرة انسحابه من القضية.
الطفل عبدالعزيز
اختطفته المليشيا الحوثية وهو في الرابعة عشرة من عمره وأعدمته في سن السابعة عشرة، وأثناء المحاكمة طالب محامو الدفاع عرضه على لجنة طبية لتحديد سنه إلا أن المحكمة رفضت.
واتهمت المليشيا عبدالعزيز برصد واستهداف الصماد ومرافقيه، فكان رده على سؤال النيابة بقوله: بعد القبض علي من قبل الجهات الأمنية تم التحقيق معي واستخدام وسائل العنف والإكراه والتعذيب وأجبروني على الاعتراف بخصوص جريمة استهداف الرئيس الصماد وإني كنت متواجد في حوش القناوص وأتلقى منهم الرسائل والبلاغات وأقوم بنقلها إلى أبو سهيل إلى آخر ذلك الكلام الذي أجبروني على الاعتراف به.
وطبقا لما جاء في محضر جلسة المحاكمة الثالثة : رد المتهم على الأقوال المنسوبة إليه بمحاضر تحقيقات النيابة بأنه أولا لم يذكر محمد إبراهيم قوزي على الإطلاق ولم يعرفه ثانيا يطلب الفحص والعرض على الطبيب المختص لرفع تقرير حق الآثار الموجودة على جسمه المؤكدة لضربه من المحقق والموجودة تلك الآثار على بطنه وما وجد علی