قتلت وجرحت 4 آلاف منهم.. انتهاكات مليشيا الحوثي للمعلمين دفعت بعضهم للانتحار
لم يتمكن من شراء كيس من الدقيق لأطفاله، وتقديم ما يمكن أن يسدوا به رمق الجوع الذي يعيشونه، لذا كان الانتحار هو خياره الوحيد، ووسيلته الأنسب -وفق ما رأى - لإنهاء ألم يكتنف حياته، في ظل أوضاع معيشية تعصف بالمعلمين في مناطق سيطرة الحوثيين، كان هو أحدهم.
في الثامن من شهر أبريل/نيسان 2021م أفاقت محافظة ذمار، جنوبي العاصمة صنعاء، على حادثة انتحار المدرس محمود أحمد عتيق (40 عامًا) نتيجة الأوضاع المعيشية الصعبة التي أوجدتها مليشيا الحوثي المتمردة في أعقاب سيطرتها على الدولة، وحرمان الموظفين من مرتباتهم في مختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.
وبينما تواصل المليشيا حرمان كافة الموظفين من مستحقاتهم ورواتبهم، للعام السادس تواليًا، ومنهم المعلمين، كان هناك معلم في منطقة ميفعة عنس يضع حبلاً في صالة منزله ليضع حدًا لحياته، التي حولتها المليشيا إلى مأساة عقب نهبها راتبه الذي يعد مصدر رزقه الوحيد لإعالة أطفاله.
لم يكن المعلم عتيق وحده من اختار الانتحار كوسيلة لمواجهة أوضاع تسببت فيها مليشيا الحوثي بحقه وحق آلاف المعلمين، فقد سبقه العديد منهم في إب، وصنعاء، وغيرها من المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيا.
انتهاكات وجرائم
إلى جانب ذلك، عمدت المليشيا الحوثية المدعومة إيرانيًا بمختلف مناطق سيطرتها، خلال السنوات الماضية، لتنفيذ آلاف الانتهاكات طالت الآلاف من المعلمين، الحرمان من الرواتب في مقدمتها، مرورًا بالاختطافات والتشريد، ووصولاً إلى القتل خارج القانون وتحت التعذيب في العديد من معتقلاتها. وفق مصادر تربوية تحدثت لـ"وكالة 2 ديسمبر الإخبارية".
يقول المسؤول الإعلامي لنقابة المعلمين اليمنيين، يحيى اليناعي، إن مليشيا الحوثي الإرهابية أقدمت على قتل أكثر من 1500 معلم، منذُ عام 2014م وحتى الآن، وجرح 2400 آخرين.
وأشار في تصريح لـ"عكاظ" السعودية، إلى تسبب المليشيا خلال ذات الفترة في تشريد ما لا يقل عن 20 ألف معلم من منازلهم، فيما توفي نحو 22 معلمًا تحت التعذيب في سجونها، من إجمالي 600 معلم مختطف، منهم 32 مخفيون قسريًا في السجون الحوثية لم تتلق أسرهم أي إجابة بشأن مصيرهم. مؤكدًا قيام هذه المليشيا بتفجير 44 منزلاً تعود ملكيتها لمعلمين.
وفي أحدث الانتهاكات الحوثية بحق المعلمين، كشف اليناعي عن إقصاء المليشيا خلال الأيام الماضية 8 معلمين من مديري المناطق التعليمية، و12 من مديري كافة الإدارات التربوية و7 من مديري المدارس، وفصل أكثر من 8 آلاف معلم وتعيين عناصر حوثية موالية بدلاً عنهم.
وفيما أكد أن الانتهاكات الحوثية بحق المعلمين مستمرة، بما فيها التهديد، والتصفية الجسدية، والحرمان من المستحقات والرواتب، إضافة إلى الفصل الوظيفي، أشار إلى إصدار المليشيا عبر أجهزتها القضائية قرارات إعدام بحق 10 من المعلمين، بينهم نقيب المعلمين بأمانة العاصمة سعد النزيلي.
وتسببت المليشيا، منذُ سبتمبر/أيلول من العام 2016، بحرمان 60% من موظفي القطاع التربوي من رواتبهم ومستحقاتهم، وذلك من إجمالي موظفي القطاع البالغ عددهم - بحسب النقابة - أكثر من 290 ألف موظف وموظفة.
إجراءات قمعية
وفي خطوة اعتبرها تربويون تهدف إلى فصل أكبر قدر من معلمي العاصمة صنعاء بحجة الغياب لإحلال بدلاً عنهم من الموالين لها ممن لا يحملون شهادات جامعية، فرضت مليشيا الحوثي المتمردة الدوام على المعلمين في المدارس برغم حرمانهم من مرتباتهم.
وكانت نقابة المعلمين اليمنيين، طالبت خلال مؤتمر دولي في يوليو الماضي، المجتمع الدولي بالضغط على المليشيا الحوثية لتسليم مرتبات المعلمين في المحافظات الواقعة تحت سلطات الانقلاب بصنعاء، من خلال إلزام الحوثيين عبر الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بصرفها، كون ذلك يقع ضمن مسؤوليتهم وواجباتهم كسلطة أمر واقع، وفقاً لما ينص عليه القانون الدولي.
وطالبت بمنع تحويل التعليم إلى جزء من الحرب ورافد ثري لها، مشددًة على أهمية تدخل المجتمع الدولي لوقف التسييس، والحفاظ على التعليم بطابعه المدني والوطني مع منهج يعزز السلام والاستقرار.