محكمة ستوكهولم تتهم نوري بـ"جرائم حرب" لتورطه بـ444 إعداماً
وجهت محكمة ستوكهولم، في ثالث يوم من المحاكمة الخميس، تهمة ارتكاب "جرائم حرب" إلى حميد نوري المسؤول السابق بالسجون الإيرانية لتورطه بإعدام 444 سجيناً سياسياً إيرانياً عام 1988 من أصل حوالي 4000 سجين تم إعدامهم في صيف ذلك العام.
وحظيت المحاكمة باهتمام دولي وإعلامي كبير باعتبارها أول محاكمة لمسؤول إيراني ارتكب "جرائم ضد الإنسانية" و"القتل الجماعي لسجناء رأي"، وتم القبض عليه بموجب الولاية القضائية العالمية.
وبدأت وقائع اليوم الثالث للمحكمة بعرض المدعية بمحكمة ستوكهولم كريستينا كارلسون عدداً من الوثائق والمستندات التي توثق دور "لجنة الموت" بعضوية الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي بإصدار أحكام الإعدام.
كما عرضت المحكمة صوراً لمقر "لجنة الموت" في سجن غوهردشت في كرج غرب طهران إبان تنفيذ الإعدامات الجماعية للسجناء السياسيين، حيث كانت اللجنة تطلب من السجناء أن يعلنوا "التوبة" والتخلي عن انتماءاتهم السياسية، وأن يعلنوا ولاءهم للنظام وللثورة وللخميني حتى يتم تخفيف عقوبتهم.
وأوضحت المدعية أن حميد نوري كان من أكثر من يضغطون على السجناء ويمارسون التعذيب لثني السجناء الصامدين على مواقفهم، إلى جانب داود لشكري مدعي عام سجن غوهردشت.
وأضافت: "لقد كانا يقتادان السجناء إلى ممر الموت للمثول أمام لجنة الموت ليلقوا محاكمات سريعة دون حق السجناء في الدفاع عن أنفسهم. كان السجناء معصوبي الأعين ومقيدين ويقفون في طوابير بانتظار المحاكمة الميدانية، ثم يتم إرسالهم سريعاً إلى قاعة الإعدامات غالباً".
واستعرضت المحكمة تقريراً لمنظمة العفو الدولية حول المحاكمات التعسفية والسريعة لسجناء مجاهدي خلق، والإعدامات العشوائية والجماعية، ودفن من تم إعدامهم بمقابر جماعية مجهولة دون أسماء أو شواهد في صحراء خاوران بطهران.
كما عرضت المحكمة صورة لـ"ممر الموت" الذي كان يتم وضع السجناء فيه بطوابير بانتظار المحاكمة. وعرضت أيضاً رسماً يوضح مقر "لجنة الموت" وبجنبها موقع الحسينية التي كان يتم فيها تنفيذ الإعدامات من خلال نصب المشانق. وكان السجناء يقتادون إلى هاتين الصالتين من قبل حميد نوري وداود لشكري.
وقرأت المدعية بعضا من شهادة السجين السابق حسين فارسي، من أعضاء "مجاهدي خلق"، والتي تحدث فيها عن الإعدامات التي تمت في 30 يوليو 1988، حيث قال فارسي إن حميد نوري استجوبه وضربه وأساء معاملته قبل عرضه على "لجنة الموت".
والشاهد الثاني هو ايراج مصداقي، الذي تم التحقيق معه من قبل نوري. وروى مصداقي أن نوري كان يسأل السجناء عن قياديين بمنظمة "مجاهدي خلق" ومكان تواجدهم وأية معلومات يعرفونها عنهم.
كما قرأت المدعية شهادة السجين محمد زند الذي قال إن محمد مقيسة مسؤول أمن السجن اقتاده ليمثل أمام "لجنة الموت" وطلب منه أن "يجيب على الأسئلة بشكل مناسب حتى لا يلقى مصير أخيه"، فعرف عندها أن أخاه رضا زند تم إعدامه مع الدفعة السابقة من المساجين التي عرضت على "لجنة الموت".
وقرأت المدعية كذلك أسماء من تم إعدامهم في اليوم الأول من المجزرة، وقالت إنه في 1 أغسطس 1988 تم اقتياد حسن كلزار وأصغر مهدي زاده، وهما ناجيان من الإعدامات، أمام "لجنة الموت" من قبل داود لشكري وحميد نوري.
وقال مهدي زاده في شهادته إن نوري اقتاده ليشاهد جثث قتلى "مجاهدي خلق" وعدد آخر من السجناء على منصات الإعدام حتى أغمي عليه.
ثم عرضت المدعية شهادات رضا فلاح ومحمود رويايي وأكبر صمدي، حيث قال الأخير إن حميد عباسي، الذي هو حميد نوري حالياً، لم يجد اسمه بين من يجب أن يعدموا أو أن يعرضوا أمام لجنة الموت فوضعه في الحبس الانفرادي.
خداع السجناءكما قالت المدعية إن حميد نوري وداود لشكري كانا يخدعان السجناء ويقولان لهم إن "هذه لجنة العفو التي ستعرضون عليها".
ثم سردت قصص وأسماء السجناء الذين أعدموا وفقاً لكتاب مذكرات السجين محمود رويايي. وجاء في الكتاب أن حميد نوري كان يقتادهم للمشانق ويضحك ويصيح "اليوم عاشوراء مجاهدين".
وفي كتاب " آفتابكاران" ويعني "زارعو الشمس"، وثق رويايي أسماء عشرات السجناء من أعضاء "مجاهدي خلق" الذين اقتادهم حميد نوري إلى المشنقة.
وعندما قرأت المدعية أسماء وشهادات اثنين منهم كانا حاضرين في القاعة، وهما نصرالله مرندي وايرج مصداقي، كان نوري ينظر إليهما وهما ينظران إليه، وبدا متجهماً ولم تظهر أي إيماءات على وجهه.
وكان حميد نوري طيلة الجلسة يراقب ويرصد ويمعن النظر بجميع من هم في القاعة حيث وضعت أمامه أوراق سجل فيها ملاحظات.
وواصلت المدعية قراءة الشهادات بحزم ونظرت إليه وأمعنت النظر في عينيه لكنه لم يبد أي ردة فعل واكتفى بالنظر إلى المترجمين الذين كانوا يترجمون الأحاديث له من السويدية الى الفارسية.
وأوضحت المدعية السويدية أن آلاف السجناء المطلوبين بالقوائم تم نقلهم من سجون ايفين وقزل حصار وغوهردشت إلى قاعة تسمى "قاعة الجهاد" في سجن غوهردشت قبيل تنفيذ الإعدامات على أن يتم استجوابهم ثم عرضهم على "لجنة الموت"، وقد تم إعدام غالبيتهم.
وقرأت المدعية أسماء العشرات ممن تم إعدامهم خلال فترة ما بعد المجزرة، حيث عادت "لجنة الموت" إلى السجن لمحاكمة من تبقى من سجناء "مجاهدي خلق" وتم إعدام الكثير منهم.
ووفقاً للمحكمة، تم نقل الجثث إلى مقابر جماعية مجهولة ولم يتم إبلاغ أسر الضحايا بأماكن الدفن إلى اليوم، بل يتم مضايقة وتهديد هذه الأسر.
ورفعت جلسة المحاكمة للأسبوع المقبل حيث ستقوم المدعية بقراءة التهم الموجهة لنوري رسمياً قبل أن يقوم فريق الدفاع بتقديم إفادته.