عندما انتشرت قصة المختطف منير الشرقي وتحولت إلى قضية رأي عام، سارعت ميليشيات الحوثي الكهنوتية إلى محاولة إخفاء بشاعتها والتنصل من جريمة تعذيبه، فخرج في البداية رئيس ما يسمى اللجنة الثورية العليا محمد علي الحوثي نافيًا أن يكون الشرقي قد تعرض للتعذيب في سجون ميليشياته، وأن صاحب الصورة مختطف تعرض للتعذيب في تعز هو من أبناء شرعب، قبل أن يعود ويحذف منشوره بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، ويخرج عضو المكتب السياسي للمليشيا محمد البخيتي محاولًا تنفيذ نفس مهمه الأول واختلف عنه بتحميل الشرقي مسؤولية ما تعرض له، ذلك أنه قام بتعذيب نفسه بنفسه ويعاني من حالة نفسية ،حسبما زعم البخيتي.

 

غير أن ما حدث، هو فشل القياديين في مهمتهما بإخفاء بشاعة ميليشيات الكهنوت، بخروج الشهود الذين وجدوا الشرقي مرميًا في إحدى المناطق الواقعة بين محافظتي تعز وإب، وعالجوه إضافة إلى شهادة شقيقه في المؤتمر الصحفي الذي عقد، اليوم السبت، في محافظة مأرب، لكشف تفاصيل الجريمة بشكل كامل.

 

الشاهد الأول

بينما كان عبدالرقيب فازع مارًا بإحدى المناطق قرب مجرى للسيول بين محافظتي إب وتعز، شاهد طقمًا ميليشياويًا على متنه مسلحون رموا شيئا وغادروا المكان، ذهب إليه لاحقًا بعد مغادرة الطقم لمعرفة ماذا رمى الطقم الحوثي، فوجد شخصًا، اعتقد في البداية أنه متوفٍ قبل أن يلاحظ أنه لا يزال يتنفس.

 

ذلك الشخص الذي رمي به طقم المليشيا الحوثية كان منير الشرقي من أبناء مديرية أوصاب التابعة لمحافظة ذمار والذي تعرض لعمليات تعذيب بشعة قبل رميه في الشارع.

 

كانت المليشيا تعتقد أنها برمي المختطف الشرقي وهو ينازع الموت سيموت وستُخلي مسؤوليتها عن الجريمة وستختفي بشاعتها، لكن خاب اعتقاد المليشيا، فقد نجا الشرقي من الموت لتظهر بنجاته للرأي العام بشاعة هذه المليشيات التي تخفي آلاف المدنيين في سجونها السرية وتمارس بحقهم أبشع وسائل التعذيب.

 

بعد أن لاحظ أنه لا يزال يتنفس، أوقف فازع سيارة ونقله إلى مركز طبي بمديرية شرعب لتلقي العلاج حيث تولى الدكتور محمد فازع إجراء الإسعافات الأولية وتنظيفه، حسبما ذكر الشاهد عبدالرقيب فازع، الذي أوضح، أنه اضطر لنشر صورة الشرقي عبر مواقع التواصل الاجتماعي لعل أحداً يستطيع التعرف عليه.

 

نجحت مهمة التعرف على الشرقي، بحسب ما تحدث الشاهد الأول، موضحًا أن شقيقه أتى إليه بعد تعرفه على أخيه، "وبعد ذلك قمنا بالتنسيق مع بعض الحقوقيين لتسليط الضوء على قضيته، والبحث عن طريقة لنقله للعلاج في أحد المستشفيات الكبيرة ".

 

الشاهد الثاني يدلي بإفادته

عندما وصل الشرقي الذي يحمل شهادة دبلوم في العلوم الصحية إلى المركز الطبي كان جسمه مغطى بالحروق والدود تخرج من أجزاء متعددة من جسده وأنفه، ضف إلى ذلك، أن الأنسجة محروقة بالكامل في عدة مناطق بظهره ورقبته وعليه أثار تعذيب ووخز بالإبر أسفل قدميه. وفق ما أدلى به الشاهد الثاني.

 

قال الدكتور محمد فازع، " كان منظره مخيفا ومؤلما للغاية ورائحة العفن تصدر من جسده، ولخوفي من هروب المرضى من المركز بسبب رائحته وحالته البشعة اضطررت لإجراء عمليات الإسعافات الأولية المتمثلة بالتنظيف بالمعقمات خارج المركز وبعد ذلك أدخلناه واستكملنا الإسعافات الأولية.

 

تم لاحقًا بعد إجراء الإسعافات الأولية نقله إلى محافظة تعز، ومن ثم نقله إلى مدينة مأرب لتلقي العلاج بعد ثمانية أيام من مكوثه في المركز الطبي، حسبما ذكره الشاهد الثاني.

 

الشاهد الثالث

وصل الشرقي إلى مستشفى مأرب وهو يعاني من حروق من الدرجة الثانية والثالثة إضافة إلى أن 25 بالمائة من جسده محروقاً بمادة حمضية يرجح أنها "أسيد" وأجزاء من المناطق المحروقة أصبحت ميتة، وفق ما ذكره مدير عام مستشفى مأرب الدكتور محمد القباطي.

 

وقال الدكتور القباطي، إن الشرقي يعاني من جفاف حاد، وهذا دليل على أن الميليشيا حرمته من أبسط أنواع التغذية، موضحًا أكثر "اتضح بعد إجراء الفحوص الطبية أن نسبة البروتين والأملاح ضئيلة للغاية، وهو ما يعني أن المريض قد أُهمل لعدة أيام"، مؤكدًا أن الحالة الطبية للشرقي تؤكد تعرضه لتعذيب وحشي وصل إلى درجة فقدان قدرته على التركيز وعدم استشعار من حوله.

 

وقال أيضًا إن " الشرقي يحتاج حاليا لعمليات جراحية في مراكز متخصصة خارج اليمن وإعادة بناء جسده وتأهيله نفسياً.

 

شهادة الشقيق

وفي حين كانت صور المختطف الشرقي تنتشر بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي وتتحول قضيته إلى قضية رأي عام، ويفشل الحوثي والبخيتي في مهمتهما أرسلت ميليشيا الحوثي طقمًا عسكريًا لمحاصرة والد المختطف، في محاولة لإجباره على التصريح لقناة "المسيرة" الحوثية أن ولده هو من أحرق نفسه.

 

وفي تفاصيل قصته، قال إنه "اختطف قبل عام من مدينة إب عندما ذهب للمدينة للعمل بعد حصوله على الفرصة، من قبل ميليشيات الحوثي"، واختفت أخباره قبل أن تظهر بشكل مفاجئ على مواقع التواصل الاجتماعي، مصحوبة بصورة تظهر أنه تعرض لعمليات تعذيب بشعة.

 

وقال شقيقه، إنه تعرف على صورته في مواقع التواصل الاجتماعي، وأن حالة من الصدمة أصيب بها كافة أفراد أسرته من التعذيب الوحشي الذي تعرض له شقيقه.

 

وأضاف، " بعد انتشار الصور ووصول قضيته للإعلام، أرسلت ميليشيا الحوثي طقما على متنه مسلحون وتم محاصرة منزل والدي في القرية لدفعه للقول إن منير هو من احرق نفسه ".

 

كانت تحاول المليشيات بذلك المحاولة الأخيرة في إخفاء بشاعتها بعد فشل محاولات الحوثي والبخيتي، غير أنها فشلت وانضمت إلى سابقاتها، بتوضيح الشهود الأربعة تفاصيل قضية المختطف محمد المشرقي. لتظهر للرأي العام والمنظمات الحقوقية الدولية والأممية صورة واضحة عن أساليب التعذيب التي تمارسها ميليشيات الحوثي الإرهابية على المختطفين في سجونها السرية.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية