رسائل إيران من "إيرلو" صنعاء: الحوثي ورقة في جيوبنا
يواصل ملالي إيران الصفوية إبراز الورقة اليمنية في مساومة المجتمع الدولي بشأن عديد ملفات من أهمها البرنامج النووي، هذه المرة من صنعاء وبشكل سافر عبر مندوبها السامي ضابط الحرس الثوري حسن إيرلو.
ظهر الأخير، خلال اليومين الماضيين، كحاكم فعلي لمناطق سيطرة مليشيا الحوثي التابعة لبلاده، بتجواله مع حراسته وأذياله من القيادات الحوثية الصاغرة في أهم المرافق الصحية بعاصمة اليمنيين صنعاء، يتفقد أقسام المستشفى الجمهوري، وهيئة مستشفى الثورة مرورا مع مرافقيه بقسم رقود النساء، الذي تأبى التقاليد اليمنية دخول الرجال في هذا القسم.
صور وأخبار الزيارات التي بثتها وسائل الإعلام الحوثية، ونقلها إيرلو في حسابه على تويتر أثارت استياء اليمنيين وتساؤلاتهم عن الاستقلال ورفض الوصاية التي تدندن بها مليشيا الذيل الإيراني على مسامع اليمنيين ليل نهار.
علق وزير الاعلام والثقافة والسياحة معمر الإرياني في تصريح صحفي، الساعات الماضية الخميس، بقوله إن تحركات الضابط في فيلق القدس الإيراني المدعو حسن إيرلو، والتي يتم إبرازها عبر وسائل الإعلام التابعة لمليشيا الحوثي، تؤكد أنه بات يتصرف كحاكم فعلي، ويفرض نفسه المسئول الأول عن العاصمة المختطفة صنعاء وباقي المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي الإرهابية.
وأكد أن المليشيا ليست أكثر من "أداة قذرة" في يد المشروع الإيراني في المنطقة، وأن نظام الملالي في طهران بات يمارس عبر إيرلو وصايته المباشرة والمعلنة على القرار السياسي والعسكري وحتى الإداري في مناطق سيطرة المليشيا.
ولفت مراقبون إلى أن النظام الإيراني في ظل انفتاح الإدارة الأمريكية الجديدة على إعادة الخيار الدبلوماسي حول الملف النووي الإيراني، يزيد من إبراز أوراقه أمام المجتمع الدولي في رسالة واضحة مفادها أن إيران تمتلك الكثير من الكروت على طاولة اللعبة التفاوضية الدولية، وأن تلك الكروت تتجاوز الإمكانيات والحدود الجغرافية للدولة الإيرانية إلى مناطق حيوية للإقليم العربي الغني بالنفط.
تسير إيران في علاقتها مع الغرب، وخصوصا الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الأوروبيين، في ثلاثة مسارب رئيسية، أحدها علاقتها مع قوى دولية كبرى على غير وفاق مع الولايات المتحدة كالصين وروسيا، وثانيها تقديم إشارات استرضائية بإمكانية لعبها دور البديل للإسلام السني الذي فرخ جماعات متطرفة، وأخيرا مسار المليشيات التابعة لها في الإقليم.
يدرك ملالي الصفوية الإيرانية أنهم بالنسبة للدول الكبرى المتنافسة ورقة مساومة يمكن الاستغناء عنها في أي وقت، ما يضعف هذا البديل كأداة سياسية ذات فاعلية مهمة.
وتراهن الملالي على المسارين الثاني والثالث المترابطين على طاولة المساومة، حيث تطرح نفسها ومليشياتها الطائفية بديلا يستحق المساندة لمواجهة الجماعات السنية المتطرفة، كما حدث في العراق وسوريا، مستغلة وجود الإرهاب في البنود الأولى لجدول الأعمال الدولي، إلا أن الممارسات القمعية والإرهابية لنظامها والمليشيا الموالية لها، بجانب علاقاتها الفعلية مع تنظيم القاعدة، يشكك العالم في اعتبارها وأذيالها بديلا أفضل من القاعدة وداعش.
وتبقى المليشيات التابعة لها في العراق وسوريا ولبنان واليمن فرس الرهان الأهم، لإحاطتها بمنابع النفط المهم وطرقه ذات الحساسية المفرطة للاقتصاد العالمي.
وتمثل السيطرة الكاملة والمنفردة لمليشيا الحوثي على جزء كبير من الخاصرة الجنوبية للجزيرة العربية ورقة استراتيجية وتكتيكية ذات بعدين إقليمي وعالمي على السواء.
المليشيا التابعة لإيران في العراق وسوريا ولبنان صاحبة تأثير مهم، لكنها في الوقت ذاته ليست الوحيدة في الإمساك بزمام سياسات تلك البلدان، على خلاف مليشيا الحوثي المسيطرة منفردة على مساحة جغرافية وسكانية ملاصقة للسعودية وقريبة من باب المندب المتنفس الثاني لطريق النفط الشرق أوسطي بعد مضيق هرمز الواقع مباشرة تحت نظر العين الإيرانية.
ميزة الورقة المليشياوية في المنطقة للإيرانيين أنها مضمونة في تبعيتها وعدم خروجها عن قرارات الأجندة والسياسة الإيرانية، وهذا ما يجعل رسالة حاكمها في صنعاء واضحة بأن المجتمع الدولي يجب أن يقطع الشك في أن مليشيا الحوثي تمتلك خيارات مستقلة للبت في المشكلة اليمنية أو أنه يمكن الانفراد بها بعيدا عن السياسات الإيرانية.
بعبارة أخرى يقول النظام الإيراني للعالم إن اليمن الخاضعة لمليشيا الحوثي واقعة حقيقة في جيب السترة الإيرانية. حسب ما فصل مراقبون.