ثمانية كيلومترات تفصل ميناء رأس عيسى عن القنبلة البيئية الموقوتة "صافر"، خزانٌ يتآكل، وحمولة نفطية تتسرب، وتعنّتٌ حوثيٌ مستمر، هذا ما تتجه إليه أنظار العالم عقب تراجع الميليشيا الحوثية للمرة الرابعة عن اتفاقٍ يتيح وصول الفريق الفني التابع للأمم المتحدة ومباشرة مهمة تقييم وصيانة خزان صافر النفطي.
 
يعتبر مراقبو الشأن اليمني والمختصون أن الخزان أصبح وضعه حرجًا وخطيرًا بسبب التقادم وتوقف الصيانة منذ عام 2015م، وأن زيارة فريق الخبراء الأممي والصيانة لم تعد كافية لإيقاف الكارثة التي بات تفاديها رهنًا بتفريغ الخزان العائم من النفط بشكل فوري.
 
ستمتد العواقب الكارثية لتسرب النفط من الخزان أو انفجاره لعقودٍ قادمة، هذا ما أظهرته الدراسات والتقارير التي ربطت ما بين كارثة "فالديز" والسيناريو المحتمل لكارثة "صافر" القادمة، والأثر السلبي الذي سيدمر صحة وسبل عيش الملايين من الأشخاص الذين يعيشون في ست دولٍ على طول ساحل البحر الأحمر.
 
"أكثر من مليون برميلٍ نفطي ستلوث الماء والهواء والغذاء"، هذا ما نُشر في دورية "فرونتيرز إن مارين ساينس" ليشير إلى أن التسرب بات وشيكًا، وربما يحدث في أي وقت، وأكد هذا السيناريو ما خلص إليه فريقٌ دولي من الباحثين، من أن "صافر" وصل إلى مرحلته الأخيرة من التآكل.
 
تزايدت التهديدات عقب تآكل هيكل الخزان، والذي أسفر عنه تسرب مياه البحر إلى حجرة محركها في مايو الماضي، وأعقبه ملاحظة بقعة نفطية في سبتمبر على مسافة 50 كيلو إلى الغرب ثم تحركها من مكانها.
 
ترفع هذه المخاطر من أهمية معالجة التهديد المتزايد لخزان النفط العائم الذي يحتوي على أكثر من مليون برميل من النفط الخام، ويمكن أن يتسبب في حدوث كوارث وخيمة على اليمن ودول المنطقة والملاحة الدولية.
 
وزير المياه والبيئة توفيق الشرجبي، رحب في وقتٍ سابق بـ"اعتماد مجلس الأمن الدولي قرار يحمّل ميليشيا الحوثي مسؤولية الكارثة البيئية والاقتصادية التي ستنتج في حال تسرب النفط من خزان صافر الراسي قبالة سواحل محافظة الحديدة، وعدم الاستجابة للتحذيرات من العواقب الوخيمة أو السماح لفريق الأمم المتحدة بالوصول إلى الخزان وإجراء المعالجات اللازمة".
 
كما طالب الوزير مجلس الأمن والمجتمع الدولي "بتغيير أسلوب تعامله مع هذا الملف الذي تستغله الميليشيا الحوثية للمساومة وابتزاز المجتمع الدولي"، ومواجهة "عدم استجابة الحوثي للتحذيرات الدولية من العواقب الوخيمة لمنع فريق الأمم المتحدة من الوصول إلى الخزان لإجراء المعالجات اللازمة طيلة 6 أعوام، متجاهلة الآثار الكارثية التي قد تنتج عن تسرب النفط أو انفجار الخزان".
 
ومن جهتها، تحاول الميليشيا إلقاء لوم التأخير على الأمم المتحدة، إذ غرّد القيادي محمد علي الحوثي في وقتٍ سابق قائلًا: " أريد أن أعرف طول أجسام خبراء الأمم المتحدة حتى يطالبوا بتأمين دائرة بنصف ستة ميل بحري حول ناقلة صافر، كشرط إضافي تعجيزي لإعاقة تنفيذ ما تم التوقيع عليه".
 
لا يزال الخطر قائمًا والتعنت الحوثي مستمرًا والأمم المتحدة قلقة، واليمنيون يودون تفادي الكارثة التي ستلحق بوطنهم، والعالم يدرس ماهية المخاطر المحتملة من التسرب أو الانفجار على مختلف القطاعات، وملف صافر لم يُحل لأكثر من عامين مضت.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية