التعويض بالتشويه لبناء شعبية مفقودة.. معالم العهد الجمهوري والصالحي في مرمى الاستهداف الحوثي
تحاول ميليشيا الحوثي الإرهابية، رسم مسار جديد لحكمها، وقد نشرت وثيقة بعنوان " الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة" يرتكز على رؤية سياسية طويلة الأمد بهدف البحث عن الشرعية، وإيهام الشعب اليمني أنها مقدمة على نهوض متعدد المسارات تظهر معه الإنجازات، الحقيقية، الجمهورية السابقة، خصوصا في عهد الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، وكأنها ثمرة فاسدة للعهد الجمهوري.
وكان لأحداث جبهة مأرب وتخلي القبائل عن دعم الميليشيا بالرجال والمال، دافعاً للميليشيا المموالية لإيران، لتشويه سيرة الزعيم الراحل علي عبدالله صالح، الذي تدرك أنها منذ قامت باغتياله، زاد الرفض المجتمعي لها والانشقاقات داخل صفوفها.
يقول الكاتب والمحلل السياسي محمود الطاهر لـ" وكالة 2 ديسمبر" تعتبر ميليشيا الحوثي حب الشعب اليمني للزعيم الراحل علي عبدالله صالح، الذي حقق منجزات اقتصادية وتنموية وسياسية، تهديداً قوياً لوجودها.
لا تزال التوترات تتصاعد في مناطق سيطرة الميليشيا، منذ الانتفاضة التي قادها الزعيم الراحل علي عبدالله صالح مطلع ديسمبر 2017، امتداداً إلى التمردات القبلية المتفرقة والاقتتال داخل صفوف الحوثيين.
تكشف بيانات "مشروع النزاعات والأحداث" أن الاقتتال الداخلي في صفوف الحوثيين وصل إلى ذروة جديدة في عام 2020، إذ تم تسجيل أكثر من 40 معركة بين قوات الحوثيين المعارضة في 11 محافظة، في حين أنه نادراً ما تعترف الميليشيا بهذه الأمور علناً.
وأضاف محمود الطاهر، تعمل ميليشيا الحوثي بكل جهدها وما تملك من آلة إعلامية لتشويه صورة الزعيم، وإزالة ذلك العشق الشعبي له، من ناحية، ومن ناحية أخرى، تحاول أن تصدر إلى الخارج إيحاءات بأن الراحل علي عبدالله صالح، كان يمثل مشكلة لجيرانه وللعالم، بهدف سياسي.
وأشار الطاهر إلى أن الميليشيا تدرك أنه لا يمكن أن تُقبل مشاركتها في أي استحقاق ديمقراطي قادم، ولهذا تعمل على تلفيق التهم للأحزاب والأشخاص، بغرض تشويههم، وهي عادة إيرانية عمل بها الفرس منذ احتلال الأهواز العربية في عام 1925، وطمست الهوية العربية من على تلك الدولة، وتسعى الميليشيا الحوثية إلى تطبيق ذلك حالياً في اليمن.
تحاول ميليشيا الحوثي أسوة بسيرة أسيادها الصفويين، تشكيل شرعية جديدة، بدلا من البناء على إنجازات من سبقها، تقوم بعملية طمس كامل لمعالم العهد الجمهوري وإحلال رؤاها الطائفية مستعينة بأوهام التآمرات الخارجية على مسيرتها، وتوظيف إمكانات السلطة للتعبئة وتغيير ثقافة اليمنيين لناحية مشروعها العبثي.
تدرك الميليشيا أن طريقها صعب في إخفاء الإنجازات الظاهرة للعيان من قبل الرئيس صالح والرموز الجمهورية، وبخاصة من أمام أجيال بعضها رافقت العهدين الإمامي والجمهوري، وأخرى عايشت ما قبل ميليشيا الحوثي من استقرار وأمن وسلام وتنمية وما عانته تحت سيطرتها في قليل سنوات من ويلات الحرب والخراب والنهب، ما يجعل قدرتها على بناء محيط شعبي مساند من ضروب المستحيل، فسعت لطمس المعالم الرمزية للمسيرة الجمهورية مستهدفة بدرجة أساسية الجيل الناشئ، لضمان قاعدة ثقافية تؤمن لها مستقبلا قبولا شعبيا سياسيا، مهما كانت أخطاؤها.
قامت الميليشيا بالتعديل التدريجي للمناهج الدراسية، سواء في المدارس أو الجامعات، المتضمن إحلال الرموز الإمامية والحوثية من أشخاص ورؤى ومقولات، مكان الرموز الجمهورية واليمنية والوطنية، رافقت هذا الإجراء بحملات تغيير واسعة لأسماء المدارس والقاعات التعليمية والشوارع والمعالم، كجامع الصالح، بأسماء قتلاها وقياداتها ورموزها التاريخية، مع توجهات إعلامية واسعة في وسائل الإعلام ومنابر المساجد والمدارس والجامعات تشوه التاريخ الجمهوري واليمني ورموزه.