«جزاء سنمار».. إحياء الحوثيين سياسات أسلافهم بالتخلص من أعيان وأبناء القبائل بعد استهلاكهم في مشروع السلالة
تجدد مليشيا الحوثي، سياسة الإمامة في اليمن على مر القرون، باستخدام القبائل اليمنية وقودا لحروبها ضد بعضها البعض، والاعتماد على القوة المفرطة في التعامل مع وجهاء وأعيان قبليين، لجعلهم عبرة ترهب البقية، من جهة، ولاعتقاد ما سماهم المطبلون "أئمة" أن فترات خدمات أولئك الوجهاء انتهت في حضرة المشروع السلالي الطائفي، القديم الجديد، من جهة ثانية.
جرائم بشعة
في وقت متأخر من مساء الجمعة الماضية ، داهم مسلحون، ترجح المصادر انتماءهم لمليشيا الحوثي، منزل الشيخ محمد عسكر أبوشوارب، وقتلوه بطلقة نارية في الرأس ثم قاموا بإحراق جثته في إحدى غرف المنزل الكائن في شارع المطار الجديد شمال العاصمة صنعاء.
جريمة بشعة سبقتها بنحو أسبوعين، في العاصمة كذلك، بحق شيخ موالٍ للمليشيا، عندما اقتحم مسلحون حوثيون منزل علي حزام أبو نشطان، وقتلوه ومعه ثلاثة من أولاده وشقيقته، بينما أصابوا زوجته بجروح خطيرة.
ومن أشهر سلوكيات التنكر الحوثي لمشائخ قبليين أوقفوا أنفسهم لخدمة المشروع السلالي الطائفي العنصري ضد أبناء جلدتهم اليمنيين، القتل البشع والتمثيل بجثة مجاهد قشيرة الغولي، وكذا الشيخ سلطان محمد الوروري، مهندس إسقاط عمران، والمنخرط في صفوف المليشيا الموالية لإيران منذ ظهور أمرها في معقلها بصعدة ومشاركته في تمرداتها الستة على الدولة خلال الأعوام 2004- 2009.
مؤخرا، تداولت وسائل إعلام ومواقع تواصل اجتماعي سجلا لأكثر من عشرين شيخا قبليا تنكرت لهم المليشيا السلالية وقتلتهم، في أوقات ومناطق مختلفة، بأساليب متعددة بينها الغدر.
وفي العام 2019 فقط، رصد متابعون انتهاكات متنوعة طالت 22 شيخا ساندوا المليشيا في الانقلاب، توزعت على 12 حالة تصفية، وخمس عمليات اختطاف، وتفجير ثلاثة منازل، ومداهمة منزلين.
كما تضمنت الممارسات الحوثية التصفيات الجسدية لمشائخ خدموها ودفعوا بأبناء قبائلهم في حربها على اليمنيين، فقد شملت تصفية النفوذ والوجاهة لمعظم المشائخ لصالح مشرفين عقائديين، وبالأخص سلاليين، وزعتهم على كافة المناطق والقبائل اليمنية، لتنحصر مهام المشائخ في مساعدة مراكز القوى الحوثية الجديدة، في عمليات التحشيد للجبهات والقيام بالخدمات اللوجستية كالمهمات الاستخباراتية بتكليفات التواصل مع أبناء قبائلهم في المناطق المحررة لإقناعهم بالعودة.
فرصة العودة للصواب
الانكشاف اليومي لزيف الوعود الحوثية للمشائخ وأبناء القبائل، وتقديمهم في الملمات والغرم والحروب، ورميهم عندما يتعلق الأمر بالمصالح والامتيازات، أحدث قدرا كبيرا من العزوف المتصاعد عن الاندفاع مع المليشيا، ما جعل الأخيرة تسوق خطابات وأساليب تحشيد تستهدف من وصفتهم بأحفاد بلال، وإجبار أفارقة للقتال في صفوفها، وسرقة الأطفال من ذويهم باستدراجهم من المدارس والأحياء لدورات طائفية وعسكرية سريعة يتبعها مباشرة نقلهم إلى مناطق القتال.
بات واضحا للكثير من المشائخ والوجهاء وأبناء القبائل سياسة الاستبعاد والتهميش لهم من قبل المليشيا لصالح أدعياء السلالة، وتوطيد سلطتها ونفوذها لخدمة أجندات التخريب الإيرانية وزعزعة استقرار المنطقة العربية واستنزافها.
ولا يخفي مشائخ ومواطنون، غير سلاليين، تخوفهم من استحواذ سلالي ومناطقي، في حال استمرت المليشيا كسلطة، على كل مقدرات البلاد وإعلان اليمنيين مجرد خدام دونيين لأسرة الحوثي والأسر المقربة دون حتى الحاجة لإلحاح التغليف بعقيدة دينية من قبيل "الاصطفاء الإلهي" و "أعلام الهدى" مثلما هو حاصل الآن.
لم يعد أمام أبناء القبائل والوجهاء والمنخرطين في خدمة المليشيا بمؤسسات الدولة المنهوبة، إلا الاتعاظ بمن سبقوهم في مسلسل "جزاء سنمار" المرشح للانتقال إلى مرحلة أوسع وأعمق حال بقاء المليشيا، والوعي بطبيعة المعركة الجمهورية الوطنية الهادفة إلى تخليص الجميع والبلد من شباك التخلف والاستحواذ على كل شيء.
يستطيع المشائخ وأبناء القبائل قبل خراب مالطا على رؤوس الجميع التعبير عن وعيهم بإقناع ذويهم بالبقاء في منازلهم، لاسيما وأن المليشيا الحوثية تعيش ظروفا حالكة جراء إشعالها جبهات عادت عليها بالوبال واستنزاف خيرة مقاتليها الدائمين والمدربين تدريبا جيدا على يد خبراء الحرس الثوري الإيراني ومليشيات حزب الله اللبناني والحشد العراقي، ولم يعد لها من خيار إلا تعويض خسارة المقاتلين النوعيين بالاعتماد على خوض المعارك بكم كبير من المقاتلين غير المؤهلين عسكريا بشكل كافٍ، والأخيرون هم من كانت توفرهم القبائل من أبنائها، بالترهيب والترغيب والوعود، لإلقائهم في محارق الهمجية والاستعلاء الحوثي.