أثارت تصريحات سفيريْ أنقرة وطهران في بغداد ردود أفعال غاضبة بالأوساط العراقية، فيماردت الخارجية العراقية مهاجمة هذا التراشق.

واعتبر النشطاء والأوساط العراقية أن تلك التصريحات تعد "استخفافا بسيادة البلاد وتجاوزاً للأعراف الدبلوماسية"..

وطالب مغردون عبر المنصات الإلكترونية الحكومة العراقية باستدعاء السفيرين وتوجيه احتجاج شديد اللهجة على خلفية تراشق التهم بين مبعوثي الدولتين بشؤون العراقي التي من شأنها إضعاف حضوره الدولي وتظهره بموضع الضعيف.

وكان السفير الإيراني، إيرج مسجدي، قال في مقابلة متلفزة، إنه "نرفض التدخل العسكري في العراق، ويجب ألا تكون القوات التركية بأي شكل من الأشكال مصدر تهديد للأراضي العراقية أو احتلالها".

فيما رد السفير التركي في بغداد،  فاتح يلدز على مسجدي، بقول إنه "سيكون سفير إيران آخر من يلقي محاضرة على تركيا حول احترام حدود العراق".

وعلى أثر ذلك، تبادل البلدان أمس الأحد، استدعاء السفراء في كل من أنقرة وطهران، على خلفية تلك التصريحات بشؤون خرق السيادة العراقية.

وفي ضوء تلك التطورات، أكدت الخارجية العراقية، في أول رد لها، أن السيادة شأن داخلي عراقي ولا حاجة لأي صوت خارجي.

وقال المتحدث باسم الخارجية العراقية، أحمد الصحاف، خلال مقابلة متلفزة، تابعتها "العين الإخبارية"، إن "السيادة العراقية شأن داخلي عراقي، والحكومة تتكفل بالدفاع عنها وعن مصالح العراق".

وأضاف الصحاف، أن "اتفاقية فيينا لتنظيم العلاقات بين الدول تحدد مبدئين لرؤساء البعثات في الدولة المضيفة هي أن يراعوا العلاقات الثنائية وألا يتدخلوا بشؤونها".

وبشأن عدم تحرك بغداد لاستدعاء السفيرين، أكد الصحاف، أن "وزارة الخارجية العراقية اعتبرت موقف سفيري إيران وتركيا في بغداد انتهاكا للأعراف الدولية وهو مرفوض جدا".

وتابع المتحدث باسم الخارجية، أن "جملة من الخطوات يمكن التعامل فيها مع هذا الموضوع من دون اللجوء إلى الاستدعاء"، لافتا إلى أن "هناك من يتصور أن الخطوة الأولى يجب أن تكون عبر الاستدعاء وتسليم مذكرة احتجاج".

ولفت إلى أن "القضية يمكن أن تحل بسياقات دبلوماسية معتمدة خارج إطار الاستدعاء وتسليم مذكرة احتجاج"، مشدداً على رفض "أي تدخل من البعثات الدبلوماسية في الشؤون الداخلية العراقية".

وتشكل الجارتان إيران وتركيا، تحدياً كبيراً لسيادة العراق من خلال التدخل في شؤونه الداخلية وعدم احترام مواثيق حسن الجوار منذ عقود.

واستطاعت إيران من استغلال الأوضاع العراقية مابعد سقوط النظام السياسي عام 2003، بتوسيع حجم نفوذها والزج بقوى وفصائل وأحزاب قريبة من ساسة طهران وتمكينهم بالوصول إلى دفة سلطة بغداد.

ومكنت الأوضاع السياسية المضطربة في العراق منذ نحو عقدين، حكومات طهران من صنع مليشيات عراقية مسلحة وتوجيهها نحو اهداف محلية وخارجية تتقاطع مع مصالح إيران.

وتتهم طهران بالوقوف وراء المليشيات المسلحة التي تستهدف البعثات الدبلوماسية والمصالح الأمريكية في العراق وسعيها المستمر لتحويل البلاد إلى ساحة لتصفية الخصومات الدولية.

أما أنقرة لم تكن أقل تدخلا وانتهاكا لسيادة العراق من طهران في تأزيم أوضاعه السياسية واستغلال الظروف التي شهدها بعد سقوط نظام بغداد بالشكل الذي يحقق مطامع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ومطامعه التوسيعية في القفز على الخرائط وأوهام عودة  الإمبراطورية العثمانية.

وبذريعة ملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني المعارض للنظام السياسي في أنقرة، شنت القوات التركية حملات عسكرية عديدة في عمق الأراضي العراقية عبر الشريط الحدودي لإقليم كردستان.

وخلال فترة احتلال تنظيم داعش لمدن شمال وغرب العراق في أحداث يونيو/حزيران 2014، حركت تركيا قطعاتها العسكرية تجاه الداخل العراقي واستطاعت تأسيس قاعدة لها تسمى بـ"معسكر زليكان"، شمال مدينة الموصل،  بذريعة محاربة الإرهاب وأصرت على بقائها حتى الآن.

وفي يوليو/تموز من العام الماضي، شنت حملة عسكرية بعمق 150 كليو متر داخل الأراضي العراقية أطلقت عليها "مخلب-النمر" و"مخلب النسر 1"، متخذة من تواجد عناصر حزب العمال الكردستاني، في المناطق الحدودية لإقليم كردستان غطاءً لتنفيذ انتهاكاتها العدوانية بحق سيادة العراق.

ورغم سقوط العشرات من الضحايا جراء عمليات القصف وتسليم بغداد السفير التركي مذكرتي احتجاج ، لم تتراجع أنقرة عن تنفيذ عملياتها العسكرية وانتهاك مواثيق حسن الجوار.

وفي 10 من الشهر الماضي، أطلقت أنقرة، عملية عسكرية أخرى في شمال العراق، استمرت خمسة أيام ، تحت عنوان "مخلب النسر2".

 

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية